اخبار العراق الان

العشائر العربية تحسم مصير منبج

العشائر العربية تحسم مصير منبج
العشائر العربية تحسم مصير منبج

2019-02-12 00:00:00 - المصدر: رووداو


رووداو – أربيل

بلدة منبج التي تسيطر عليها الآن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات الأمريكية، تعتبر بوابة منطقة شرق الفرات، ويرى خبير من معهد واشطن أنه بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، ستدعم روسيا والعشائر العربية في المنطقة عودة قوات النظام إلى المنطقة.

في أواسط الشهر المنصرم، وقع انفجار أمام واحد من مطاعم منبج ليلفت أنظار الإعلام العالمي إلى هذه البلدة من جديد، وخلال أكثر من ثلاث سنوات كانت منبج تحت سيطرة المجلسَين المدني والعسكري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع تواجد قوات أمريكية وفرنسية لمنع الهجوم عليها من قبل تركيا، لكن قوات قسد وروسيا كانت تجوب معاً في أواخر الشهر المنصرم في المناطق التي كانت قوات التحالف تستخدمها في ما سبق.

جاء هذا التغيير، بعد القرار الذي اتخذه ترمب في العام المنصرم بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وهناك خلافات كبيرة حول مصير هذه البلدة بين تركيا، روسيا وإيران. فقد كانت أنقرة تصر في السنوات الأخيرة على المطالبة بمنبج، لكن موسكو تعارض الفكرة، ويشير خبير الشؤون والسياسة السورية في معهد واشنطن، فابريس بلانش، في تقرير له إلى أن جغرافيا ومحرك أطراف منبج يشيران إلى ما سيؤول إليه مصير المنطقة مستقبلاً.

ويذكر التقرير أن مساحة منبج والمناطق المحيطة بها يبلغ 500 ميل مربع، يقيم فيها 450 ألف نسمة، 80% منهم عرب سنة، 15% كورد، و5% تركمان وشركس. هذه الديموغرافيا هي نفسها التي في بلدة منبج، التي "كان عدد سكانها في مطلع  العام 2011 يبلغ 120 ألف نسمة، لكن موجة النزوح وخاصة من حلب، رفعت هذا العدد إلى 200 ألف نسمة".

يقول بلانش إن كورد منبج مختلطون بالعرب، بحيث توجد منطقة واحدة كوردية خالصة في قرية الأصالية شمال غرب منبج، بينما ينتشر الكورد بين العرب في سائر المنطقة.

في شهر آب من العام 2016، وبعد معارك عنيفة استمرت ثلاثة أشهر، استطاعت قسد تحرير منبج من داعش وإنهاء نحو ثلاث سنوات من سلطة التنظيم في البلدة. كان تحرير منبج أول إنجاز عسكري كبير حققته قسد، التي تمثل القوات الكوردية عمودها الفقري، ومع هذا يرى بلانش أن "منبج بخلاف كوباني، وغيرها من مناطق شمال سوريا، ليست من الخنادق الكوردية لوحدات حماية الشعب، بسبب قوة التنظيم القبلي في منبج وأطرافها".

وحسب التقرير، فإن أربع عشائر كبيرة توجد في المنطقة، وهي: ألبوبنا، غنايم، ألبوسلطان وحنادة، وكل واحدة منها تتألف من مجموعة قبائل وفروع ينتمي إليها الآلاف، وأكبر قبائل المنطقة هي الماشية، التي تتولى السلطة على البوبنا.

يرأس محمد خير الماشي قبيلة البوبنا، وهو عضو في البرلمان السوري وعضو في لجنة عشائر منبج التي شكلت لمواجهة مجلس منبج المدني، لكن فاروق الماشي، يتولى منصب الرئيس المشترك للهيئة التشريعية في مجلس منبج المدني، ويقول بلانش: "هذا الاختلاف في التوجهات جزء من السياسة العشائرية في كل سوريا"، فبينما شهدت علاقات قبيلة الماشي مع الحكومة تغييرات كثيرة على مدى الأعوام الثمانية الماضية، شارك رئيسها في اجتماع سوتشي في مطلع العام 2018 ممثلاً عن الحكومة.

وتعتبر مشاكل الأراضي والأملاك سبباً آخر لقيام بعض العشائر والقبائل بمعاداة القوات الكوردية، ويمثل التقرير لهذا بعشيرة البوسلطان التي لديها مشاكل على الأرض مع الكورد في شرق نهر الفرات، وهذا ما يقدم لها حجة إضافية لمعاداة مجلس منبج المدني.

ويعتقد الباحث الفرنسي أن الصراع العشائري والقبائلي سبب آخر لتقريبها إلى دمشق، ويمثل لهذا بقبيلة بني ساعدة التي تريد الخروج من سلطة عشيرة غنايم وإعلان نفسها عشيرة مستقلة بذاتها.

العرب يطالبون بانسحاب وحدات حماية الشعب

كانت لبلانش، على مدى العام الأخير، لقاءات ومقابلات مع عرب المنطقة، كان بعضها وجهاً لوجه والبعض الآخر من خلال اتصالات هاتفية، وبعد هذه السنة توصل إلى أن "رأي عرب المنطقة يميل في أغلبه إلى انسحاب وحدات حماية الشعب وعودة قوات النظام إلى المنطقة".

ويقول معد التقرير إن هذه النتيجة ليست حتمية، لأن شمال سوريا لم يشهد أي استفتاء جدي، كما يشير إلى وجود قلة تحدثت إليه حتى الفترة الأخيرة وهي "تتوقع إقامة إقليم ذي حكم ذاتي تدعمه القوات الغربية في المنطقة، لكن قرار الانسحاب الأمريكي الذي صدر مؤخراً، أفقدها الأمل فانصاعت للأغلبية التي تريد عودة النظام إلى المنطقة".

شهد سكان المنطقة تجربة العيش في ظل سلطة الجيش السوري الحر، حيث انضمت قبيلة الماشي، بعد انسحاب قوات النظام السوري من منبج، إلى تلك القوات، لكن أغلب من نقل تقرير معهد واشنطن أقوالهم، يقول إن الحياة في ظل الجيش السوري الحر كانت كارثة، لهذا لا يريدون أن تدخل تركيا وتلك القوات إلى بلدتهم.

بعد أيام من صدور قرار البيت الأبيض، تم رفع علم النظام السوري في منبج وأشيع أولاً أن النظام قد عاد إليها، لكن تم نفي الشائعة سريعاً، ويرى بلانش أن رفع العلم السوري كان بتأثير من تواجد قوي لقوات مسلحة مقربة من النظام في المنطقة، ويقول "ولاء مسلحي قسد من العرب هو لعشائرهم، وليس لوحدات حماية الشعب ولا لمجلس منبج المدني، لهذا لن يكونوا على استعداد لقتال الجيش السوري أو التركي في سبيل بقاء منبج تحت سيطرة وحدات حماية الشعب".

ويقول بلانش إن الجولات العسكرية الأخيرة لقسد وروسيا بالقرب من منبج تعني أن روسيا تريد منبج لسوريا وليس لتركيا.