ساحر الديوانية ومبتز الفتيات على مواقع التواصل بقبضة العدالة
الديوانية – عراق برس- 17 شباط / فبراير: اعلنت قيادة شرطة محافظة الديوانية والمنشآت ، الاحد ، تمكن مفارز مديرية الأمن الوطني ومكتب التحقيق القضائي من إلقاء القبض على أحد المبتزين للنساء فضلا عن ممارسته للسحر والشعوذة بعد نصب كمين له بالاتفاق مع أحد المصادر الخاصة .
وزادت المديرية ، أن” المتهم اعترف أثناء التحقيق بابتزاز بعض الفتيات من داخل وخارج المحافظة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وتصويرهن عن طريق جهاز الموبايل الذي عثر بداخله على الكثير من الصور “، داعية المواطنين من أهالي المحافظة ، إلى” الاتصال بمديرية الأمن الوطني أو قيادة الشرطة في حال تعرضهم لأي حالة ابتزاز من قبل ضعفاء النفوس، معاهدة ابناء المحافظة على أن تكون بالمرصاد لكل من يحاول المساس بأمن واستقرار الديوانية ” .
وتابعت في بيان لها ، ان ” “بروز ظاهرة انتشار مراكز الشعوذة وادعاءات مراكز العلاج الروحاني أو العلاج بالسحر وما شابه، أمور لا تمت إلى القانون أو الطب بصلة وان اصحابها افتتحوا مواقع الكترونية ووظفوا مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات استدراج المواطنين من أجل إيهامهم والنصب عليهم”، مشددة على أن “أجهزتها المعنية والمختصة ستغلق هذه المركز غير القانونية وفق أحكام القانون وما نصت عليه المادة ٤٥٦ من قانون العقوبات وتقدم القائمين عليها إلى القانون لينالوا جزائهم العادل”.
ودعت الوزارة المواطنين إلى “أهمية الإبلاغ عن هذه المراكز التي تسيئ إلى مجتمعنا العراقي”.
يشار الى ، إن الجمعية البريطانية للبحوث الروحانية Society for psychical research قامت قبل سنين خلت بإجراء اختبار علمي للتأكد من حقيقة التنبؤات المستقبلية وبإشراف العالم البريطاني ويست فانتهت إلى نتيجة مفادها أن “أدعياء التنبؤ لم يتمكنوا من معرفة المستقبل، ولم يوفقوا في معرفة الحظ والطالع ولو على سبيل التخمين”.
وفي عام 1985 قام العالم، شون كارلسون، من جامعة (باركلي) الأمريكية وبالتنسيق مع الجمعية الرئيسة للمنجمين في أمريكا national council for acosmic research باختبار التنجيم علميًّا، فخلص إلى أن “المنجم إنما يتوصل إلى ما يتوصل إليه بالحظ المجرد ليس إلا، ولا يوجد فن تنجيمي على الإطلاق”، ولم يتمكن المنجمون من الاعتراض على نتائج البحث على الرغم من نشر نتائجه في المجلة العلمية الشهيرة (نايتشر).
بعدها قامت مجلة (ناشيونال إنكوايرر) الأمريكية برصد مجموعة كبيرة من التنبؤات لدراستها واختبار مصداقيتها فخرجت بنتيجة قاطعة مفادها أن “التنجيم محض افتراء لا يصمد أمام الحقائق العلمية، حيث لم تنجح سوى أربعة توقعات فقط من أصل مئات منها وهذا احتمال ضئيل جدًا لا يمكننا أن نثبته كمنهج علمي، وهذه الاختبارات العلمية الثلاثة وضّحت لنا وبما لا يدع مجالًا للشك أن التنجيم مجرد أكاذيب ليس إلا”.
تساؤلات وإجابات
يتساءل الكثير من القراء عن الكيفية التي تمكنهم من التفريق بين علم التنجيم، وعلم الفلك الذي يعنى بدراسة الكواكب والنجوم وطبيعة المذنبات والمجرات والثقوب السوداء والأنواء الجوية وما إلى ذلك، ونقول بداية يجب أن نفرق بين علم الفلك Astronomy وبين علم التنجيم Astrology، صحيح أن العلمين كانا مرتبطين بعضهما ببعض في الأمم الفرعونية والبابلية والهندية والصينية لتحديد مواعيد الزراعة والفيضان والاستدلال بالنجوم في حركة القوافل البرية والبحرية إضافة إلى أعمال السحر والشعوذة التي مارسها كهّان المعابد في ذلك الوقت، إلا أن العلمين ما لبثا أن افترقا كليًّا بعد أن تخصص علم الفلك بدراسة الكون دراسة علمية جادة وأصبحت له فروع تدرّس في أرقى الجامعات العالمية، فيما ظل التنجيم قاصرًا على قراءة الحظ والطالع انطلاقًا من فكرة (مظللة) مفادها أن النجوم ذات تأثير في الناس وفي شؤونهم الحياتية اليومية.
قطعًا إن قراءة حظوظ الناس باتت تجارة رائجة تجلب كل يوم زبائن في العراق جددًا من المغرر بهم، هم على أتم الاستعداد لبذل الغالي والنفيس في سبيل معرفة حظوظهم في التجارة والسفر والزواج، لا فرق في ذلك بين متعلم وجاهل، ولكن هذا الأمر لم يمنع بعضًا من المنجمين ممن سئموا خداع الناس من الاعتراف بالحقيقة، فهذه المنجمة البريطانية “بيتابيشوب” تقول وبالحرف: (إنني أعلم أن الكثير من الناس يتمتعون بقراءة الطالع وزاوية الأبراج كل صباح، ولكن هذا لا يعدو أن يكون مجرد نوع من الهذيان والهراء، لأننا لا نستطيع أن نقول لأحد ما إن شيئًا سيحدث في المستقبل اعتمادًا على تأثير كوكب معين في حياته وتصرفاته).
ويقول موسى ديب الخوري نائب رئيس الجمعية الكونية السورية (لا تزال النجامة ترتكز على المبدأ البطليموسي القديم الذي يجعل من الأرض مركزًا للكون، وهذا واحد من أفدح مشاكلها، ولا يزال المنجمون يعتمدون على هذه الأسس الخاطئة علميًّا في فهم العالم وقراءة الطالع).
آراء تربوية
دأب التربويون على التحذير من مغبة الاعتقاد بالعرّافين والمنجمين وتصديقهم لأسباب عدة منها: أن مواقع الأبراج تتغير باستمرار بسبب ترنح الاعتدالين، ولذا فإن المنجمين يعتمدون على جداول لا تتوافق مع تاريخ ميلاد الأشخاص لأنهم ابقوا الزودياك (مواقع الأبراج) كما هي منذ 19 قرنًا من دون تغيير، مع أن مواقع الأبراج تتغير باستمرار كل 2148 سنة، وتعود إلى مواقعها كل 25778؛ لذا فإن الأبراج التي يعتمدها المنجمون خاطئة.
وبناء على ما تقدم فإن فريقًا من علماء جامعة ستانفورد الأمريكية اقترحوا نشر تحذير في زاوية الأبراج أشبه ما يكون بالتحذير الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية على علب السجائر، ارتأت أن يكون نَصّه (أما الأبراج للتسلية فقط وللمتعة وأنها محض كلام لا يستند إلى إية حقائق علمية).
ناهيك عن أن الحركات الهدامة كلها تتخذ من التنجيم وقراءة الطالع منطلقًا لها لتضليل الشباب وخداعهم بدأ بالويكا، والرائيلية، وطائفة أوم، وما يسمى بعبدة الشيطان، وبوابة السماء، وهاركريشنا، والبابية والبهائية والقاديانية وغيرهم.
الأمر الذي يفتح الأبواب على مصاريعها لاشتغال الناس بالسحر والنجوم وظهور الأدعياء ومن لف لفهم، ما لم يتنبه التربويون لهذا الخطر ويحذرون منه ولهذا قام العالم الأنثروبولوجي، فرانسس هكسلي، بدراسة بشأن التنجيم وقراءة الطالع في عدد من المدارس الأوروبية الثانوية خلصت إلى أن التنجيم مجرد هراء ولا بد من تحذير الطلبة من خطر الوقوع في شراك المنجمين وحبائلهم.
خطر التنجيم والشعوذة
لمعرفة خطر التنجيم والشعوذة حسبنا أن نذكر بما نشرته مجلة نيوز ويك الأمريكية تؤكد أن الشباب في ألمانيا باتوا يلجؤون إلى العرّافين لفحص الأراضي التي ينوون بناء مساكنهم عليها، وأن 70% من الطلبة في غانا يعتقدون أن المستقبل يتكشف أمام العرافين وأنهم قادرون على قتل البشر بما يعرف بالسحر الودوني، وفي استفتاء أجري في الولايات المتحدة أظهر أن 55% من الشباب والمراهقين يؤمنون بالتنجيم إلى حد يصل ببعضهم إلى اختيار الزوجة والوظيفة بناء على ما يقوله العرافون!
أما في إيطاليا فقد أعلنت لجنة برلمانية عن وجود أكثر من 100 محفل لعبدة الشيطان في البلاد يمارس أعضاؤها التنجيم والعرافة، الأمر الذي دفع جامعة الفاتيكان إلى تنظيم دورات منذ عام 2005 لتأهيل طلبة اللاهوت نفسيًّا وعلميًّا للحد من الظاهرة.
بدوره يقول الباحث الفلكلوري، كاميل صبري، وفي معرض إجابته على سؤال بشأن لجوء الناخبين والسياسيين في العراق إلى العرافين والسحرة “أقطع جازمًا أن هذه الأباطيل إنما تنطلق استنادًا إلى بعض الممارسات المعروفة فلكلوريًّا وأبرزها ما يسمى بالاستخارة بالقرآن وهي بدعة لا أصل لها شرعًا خلاصتها أن يفتح أحدهم المصحف لا على التعيين، ثم يترك سبعة أسطر من الصفحة اليمنى ويتلو الآية التي تليها ثم يفسرها ليقدم على العمل الذي نوى الاستخارة من أجله، وكذلك الاستخارة بالمسبحة وهذه بدعة أخرى حيث يأخذ عدة حبات لا على التعيين ثم يقرأ عليها (الله، محمد، علي، أبو جهل) فإذا انتهت الحبة الأخيرة بأبي جهل كانت دليلًا على فساد خيرة المستخير، وهناك ما يعرف بطشت الغجرية للكشف عن المستقبل، والاستخارة بفنجان القهوة وقراءة الكف والضرب بالرمل وما شاكل من الأمور المستهجنة شرعًا وعرفًا وقانونًا.
رأي الشريعة
أما بشأن رأي علماء الشريعة بالموضوع فيقول الشيخ، علي الحنفي، عن حكم التنجيم والعرافة: “هناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية عديدة تحذر من التنجيم والاعتقاد به، وحسبنا أن نذكر بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له، أو تَكهَنّ أو تُكهِن له، أو سَحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا).
ويضيف الحنفي: “هناك أثر يظن الناس خطأ أنه حديث نبوي ويلفظونه لفظًا غير صحيح، حيث يقولون: (كذب المنجمون ولو صدقوا- بالقاف) والصحيح: (كذب المنجمون ولو صدفوا– بالفاء)، بمعنى أن توقعاتهم جاءت موافقة بالمصادفة، وحسبنا أن نذكر بواقعة عامورية حين قرر الخليفة المعتصم أن يفتحها عنوة ليطلق سراح الأسيرة المسلمة التي صاحت (وامعتصماه) فنصحه بعض المنجمين بعدم الخروج لحين نضج التين والعنب لعدم موافقة الطالع، فضرب كلامهم عرض الحائط وخرج بجيش عرمرم وقتل وأسر 90 ألفًا من الروم، وحرر المرأة وعاد ظافرًا فأنشد أبو تمام رائعته البائية:
السيف أصدق إنباء من الكتب .. في حده الحد بين الجد واللعب
ونختم بقول المنجمة التائبة (جوليا باركر) التي قالت وبالحرف في ذم التنجمي الذي مارسته سنين طويلة: “ليس بإمكان المنجم التنبؤ بالمستقبل لأنه لا يستطيع ذلك، ولكننا نخبر الزبون بما يريد هو أن نخبره به، نعرف ذلك من وجهه أو صوته أو كلامه، فليس بوسع أحد أن يخبر عن شيء سيقع مستقبلًا لأنه في ضمير الغيب” انتهى أ.ح