اعتزال ميسي - هل يواجه برشلونة مصير ميلان ومانشستر يونايتد؟
مصعب صلاح تابعوه على تويتر
"برشلونة لا يساوي شيء دون ميسي".. "انتظروا العودة للمنافسة على لقب مؤهل للأبطال بعد اعتزال ميسي".. "برشلونة سيتحول إلى نسخة من ميلان أو إنتر أو مانشستر يونايتد حينما يرحل البرغوث".
عناوين كثيرة تظهر على السطح في كل يوم يقترب فيه هداف برشلونة التاريخي من الاعتزال وكلها تصب في اتجاه واحد يفيد بتصدع جدران "كامب نو" مع رحيل أعظم لاعبي الفريق على الإطلاق.
الحالة التي يعيشها الجمهور دائمًا تتسم بالهلع، فلا أحد يتعامل بهدوء مع الوقائع ويُنظّر ويحلل إلا من رحم ربي والأغلب يتجه إلى أقصى درجات التطرف ليعبر عن رأيه في صورة صارت مكررة حتى باتت كريهة.
هل ينهار برشلونة حقًا حينما يعتزل ميسي؟ هل سنرى فريقًا يعاني كما حدث في مطلع القرن الواحد وعشرين أم يستمر الفريق في سيره دون توقف؟
المؤشرات التي نراها حاليًا تؤكد أنّ برشلونة لن ينهار، ربما يتأثر ويتغير على مستوى شكل الفريق في الملعب، ربما لن نجد السحر الذي ينثره البرغوث مرة أخرى ولكن وصف النهاية ليس دقيقًا على الإطلاق.
لن أقول إن السبب أنّ برشلونة حقق بطولات قبل ميسي ويمتلك تاريخًا حافلًا حتى قبل ميلاد البرغوث ولكن لأن الأوضاع تغيرت بصورة كبيرة وشكل كرة القدم في عصر الرأسمالية اختلف. دعونا نوضح.
كالعادة.. ????????
ميسي ورونالدو هما اللاعبان الوحيدان في الدوريات الخمس الكبرى اللذان ساهما في +25 هدف في الدوري هذا الموسم ???? pic.twitter.com/FTQVmazKiq
— جول العربي - Goal (@GoalAR) February 17, 2019
الأموال تحكم
هل سألت نفسك لماذا سقط ميلان وإنتر وبالأخص الروسونيري صاحب الـ 7 ألقاب في دوري أبطال أوروبا؟ السؤال الذي يسبق ذلك كيف صنع ميلان أصلًا إنجازاته في تسعينيات القرن الماضي؟
الإجابة هي الأموال، نعم الاستثمار الرياضي الناجح صنع لميلان جيلًا ذهبيًا، وغياب الأموال والحالة الاقتصادية المتردية في 2012 هي ما جعلت أكثر فريق إيطاليا تحقيقًا للتشامبيونزليج لا يجد لنفسه مكانًا حتى في الدوري الأوروبي.
الحالة الاقتصادية التي ضربت إيطاليا أثرت سلبيًا على أغلب الفرق إن لم يكن جميعها باستثناء يوفنتوس الذي اتبع سياسة ناجحة في التعامل مع الأمر حتى صار الآن أحد القوى الاقتصادية في أوروبا.
فتش دائمًا عن رأس المال، حينما يعاني أي فريق من تراجع في النواحي الاقتصادية -وخاصة في الوقت الراهن – فمن الصعب إعادة البناء مهما كان التاريخ ومهما بلغت العراقة.
دعونا ننقل الحالة إلى برشلونة وسنجد أنّ أكثر ما نجحت فيه إدارة جوسيب بارتوميو -وربما هو الشيء الوحيد الذي نجحوا فيه – هو وصول الحالة الاقتصادية إلى قمتها مع الفريق الكتالوني.
رحل نيمار فصرف الفريق نحو 500 مليون يورو لجلب صفقات جديدة ولا يعاني مع قانون اللعب النظيف. الأموال موجودة إذا لا داعي للقلق.
الأمر الثاني أنّ في إسبانيا هناك فجوة بين برشلونة وريال مدريد وباقي فرق الليجا، فباستثناء أتلتيكو مدريد الذي يحاول خلق لنفسه مكانًا في عالم الأندية الغنية، تجد أنّ إشبيلية وفالنسيا وفياريال والبقية يعتمدون على صفقات منخفضة التكاليف وأحيانًا يتجهون لضم صفقات على سبيل الإعارة لأن الحالة الاقتصادية أقل بمراحل من البقية.
لا يوجد أموال كما في الماضي لتستطيع هذه الفرق هز عرش برشلونة وريال مدريد، والدليل أنّ حتى النادي الملكي في الموسم الماضي والجاري بعد بداية ولا أسوأ استطاع حجز مقعد بسهولة مؤهل للتشامبيونزليج.
تحليل .. ماذا بعد إفراط فالفيردي في التحَامل على ميسي؟
الإدارة تتغير
ربما ينتقد البعض المشروع الرياضي لبارتوميو – الأغرب ألا تنتقده – ولكن حتى لو فشلت الإدارة الحالية في صناعة فريق قوي ومنافس وشرس بعد ميسي، فالأمر لا يدعوا للقلق وتجربة مانشستر يونايتد لن تتكرر.
بعد رحيل السير أليكس فيرجسون عن تدريب مانشستر يونايتد كان هو المتحكم في كل شيء بما في ذلك سوق الانتقالات واكتشاف اللاعبين وغيرها من الأمور ولذلك عانى الفريق كثيرًا بعد اعتزاله، لأنّه لم يكن فقط مدرب.
رغم أنّ الشياطين الحمر لا يعاني من أي تراجع اقتصادي – العكس صحيح – لأنّ الفريق لا يزال يعاني ولم يعد ذلك النادي الذي يسيطر على الألقاب المحلية كما هو الحال مع السير.
السبب أن إدارة مانشستر يونايتد لا تفكر سوى في الجوانب الاقتصادية فقط، فلا مانع لديهم من خروج الفريق كل موسم من ثمن أو ربع نهائي دوري أبطال أوروبا وتحقيق مركز بين الأربعة الكبار في الدوري أو أي لا شيء لا يؤثر على الوضع الاقتصادي.
الأزمة الكبيرة في فتح أبواب شراء الأندية في البريميرليج أنّ المالك لا يفكر سوى في كسب أكثر أموال ممكنة من استثماره ولا يفكر بعقلية الجمهور التي تبحث عن الألقاب ولا شيء آخر، ولنا في ستان كرونكي مع أرسنال خير مثال.
برشلونة مختلف، ففي صيف 2021 هناك انتخابات وبارتوميو لن يشارك فيها بحكم اللوائح، فبالتالي هناك فرصة للتغير بطريقة ديمقراطية تمامًا كما حدث في 2003.
ففي مطلع القرن الحالي عانى النادي من تخبطات كبيرة وجاءت إدراة خوان لابورتا في 2003 لتعيد بناء المشروع الرياضي على طريقة يوهان كرويف وتصنع فريقًا سيطر على الأخضر واليابس بعد ذلك لسنوات.
هناك حالة من الرفض للإدارة الحالية ولا تزال هناك فرصة للتغيير في 2021 ومحاولة جلب من يفهم حقًا فلسفة الفريق ويحترم كيانه، ولذلك الأمر قد لا ينتهي بدمار وسقوط وانهيار برحيل ميسي كما يزعم البعض.
بارتوميو: نخطط لمستقبل برشلونة بعد ميسي
وختامًا
لو نظرت إلى تشكيل برشلونة الحالي والأسماء الموجودة في الفريق دون ميسي وبعد إضافة فيرنكي دي يونج تجد أنّ البلوجرانا يمتلك فريقًا قويًا.
فقط يحتاج إلى ظهير أيسر بديلًا لجوردي ألبا وكذلك مهاجم خلف لويس سواريز وستجد أن التشكيل الحالي قادر على المنافسة دون قلق.
ربما بعد كسر سيرجيو بوسكيتس وإيفان راكيتيش عامهما الـ 30 تحتاج لبدلاء ولكن هناك العديد من مواهب اللاماسيا القادرة على التعويض، أي أنّ الفريق إجمالًا دون ميسي قادر على الفوز وحصد الألقاب أيضًا حتى وإن تغيرت الخطة نوعا ما أو قلّ الاعتماد على اللاعب المبتكر مثل البرغوث.
باختصار، قد يتغير شكل برشلونة برحيل أو اعتزال ميسي ولكن انهياره أمر غير محتمل فهناك جميع الأدوات الممكنة لبناء فريق جديد يستمر في المنافسة لسنوات وسنوات!