اخبار العراق الان

أمريكا وإيران.. أيهما سيُطرد من العراق؟

أمريكا وإيران.. أيهما سيُطرد من العراق؟
أمريكا وإيران.. أيهما سيُطرد من العراق؟

2019-02-20 00:00:00 - المصدر: رووداو


تنشط الجبهة المعادية لأمريكا في العراق، والمدعومة من إيران، منذ فترة لاتخاذ مسألة إخراج القوات الأمريكية من العراق موضوعاً رئيساً والعمل على بناء إجماع في مجلس النواب العراقي واستصدار قانون يقضي بطرد تلك القوات من العراق.

ذريعة القوى والأطراف الشيعية التابعة إيران، لطرد القوات الأمريكية، مرتبطة في قسم منها بسياسات وتصرفات دونالد ترمب تجاه العراق والتي أثارت في أحيان كثيرة السخط والغضب على مستوى الشارع والأطراف السياسية. فعندما زار ترمب، في أواخر كانون الأول 2018، قاعدة عين الأسد العسكرية في الأنبار، لم يبلغ كبار المسؤولين العراقيين بزيارته مسبقاً كما تقضي الأعراف الدبلوماسية، ولم يكتف بذلك بل لم يكن مستعداً للذهاب إلى بغداد ولقائهم. حتى وصف قسم كبير من الأطراف السياسية هذا التصرف بأنه انتهاك لسيادة الأراضي العراقية وإهانة للشعب العراقي.

وفي نفس هذا الاتجاه، دفع ترمب في أحدث تصريحاته حول العراق والسياسة الأمريكية في المنطقة، لقناة CBS التلفزيونية، الجبهة التابعة لإيران للجوء إلى رد فعل شديد. فإلى جانب التأكيد على الانسحاب من سوريا، أشار ترمب في تصريحاته للقناة المذكورة، إلى أن أمريكا ستبقى في العراق لمراقبة تحركات وسياسات إيران، ولمنع إيران من إلحاق الضرر بمصالحهم، وقال إن من الممكن استخدام قواعدنا العسكرية في العراق لمراقبة التطورات والمستجدات السياسية في المنطقة. كما انتقد بشدة إدارة أوباما بسبب سحبها القوات الأمريكية من العراق في نهايات العام 2011، معتبراً ذلك القرار خطأ كبيراً.

تبعت تصريحات ترمب، خاصة التي تتعلق بمواجهة إيران من خلال العراق، ردود فعل كثيرة. فأكد رئيس جمهورية العراق، برهم صالح، أنهم لن يسمحوا باتخاذ العراق قاعدة لمعاداة دول الجوار، وأشار إلى أن القوات العسكرية الأمريكية مسموح لها التواجد في العراق لمحاربة داعش فقط.

وفي نفس السياق، رفض رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، تصريحات ترمب وقال إننا نرفض أن تستخدم أمريكا قواعد عسكرية في العراق ضد إيران، والدستور لا يسمح بهذا. كما قررت قائمة الفتح برئاسة العامري وسائرون برئاسة الصدر، وإلى جانب رفضهما تصريحات ترمب، التنسيق التام مع مجلس النواب لطرد القوات الأمريكية من العراق بطريقة قانونية.

إن كان هذا الموقف المتشدد للقوى والأطراف الشيعية وتلك المقربة من إيران، مرتبطاً في قسم منه بتصريحات ترمب، فالقسم الآخر الأهم والرئيس مرتبط بالسياسة والأجندة اللتين تمارسهما إيران والشيعة في العراق والمنطقة. فالمكون الشيعي وحلفاؤه، يشعرون منذ فترة بقلق شديد ويخشون قيام أمريكا بقطع كل أذرعهم في العراق والمنطقة.

معلوم أن الشيعة هم أكثر الأطراف انتفاعاً من الحرب على داعش، فكل المكاسب دخلت في حسابهم، وعلى النقيض منهم كان الكورد والسنة أكبر المتضررين من تلك الحرب. فقد استطاعت الأطراف الشيعية من خلال الميليشيات التي شكلتها، من السيطرة على كامل مناطق السنة وأضعفتهم أو قضت عليهم تماماً. من جهة أخرى، سيطرت الميليشيات الشيعية بدعم إيراني مباشر على المناطق المتنازع عليها وأبعدت قوات البيشمركة عنها.

وإلى جانب سيطرة المكون الشيعي الكاملة على القوات العسكرية العراقية حالياً، قاموا بتشكيل مئات من القوات والمجاميع الميليشياوية التي أصبحت بديلاً للجيش العراقي وتمت قوننتها عن طريق مجلس النواب.

في نفس السياق، لم يتمتع الشيعة قط بسلطة قوية على العراق كما الآن. فهم مسيطرون تماماً على العملية السياسية العراقية والقرار الفصل في المسائل السياسية لهم، وقد توقف العمل بالتوافق والشراكة والتوازن بين المكونات وأهملت هذه المبادئ منذ فترة، من جهة.

أما من الجهة الأخرى، فإن جبهة إيران قريبة جداً الآن من استكمال الهلال الشيعي الذي يربط العراق بلبنان، خاصة بعد سيطرة الميليشيات الشيعية على المناطق الحدودية بين العراق وسوريا.

لذا، فإن التهديد الكبير للمكون الشيعي ولإيران يتمثل في أن وجود القوات الأمريكية في العراق يمثل خطراً حقيقياً على مكانتهم ومكاسبهم، خاصة وأن سياسة ترمب تعارض إلى حد ما تطلعات إيران والمكون الشيعي. فترمب يتحدث بصراحة عن أنهم يسعون لحل الميليشيات الشيعية، وهناك معلومات تشير إلى قيام مايك بومبيو بتقديم أسماء ستين فصيلاً من الحشد الشعبي يجب العمل على حلها، إلى عبدالمهدي.

يريد الأمريكيون إخراج الميليشيات الشيعية من مناطق السنة، كما يفضلون عودة البيشمركة إلى المناطق الكوردستانية، وانتشرت أخبار تزعم أن أمريكا بصدد الإعداد لانقلاب عسكري على السلطة الشيعية، وأدى تحشيد القوات العسكرية في مناطق السنة والمناورات العسكرية الأمريكية في بعض المناطق، إلى زيادة قلق ومخاوف الشيعة.

تريد أمريكا تقليص النفوذ الإيراني في العراق، وتسعى لتخليص العراق من الاعتماد على إيران اقتصادياً، ومن بين الوسائل التي تتخذها أمريكا لإضعاف إيران، فرض العقوبات الاقتصادية عليها ومطالبة العراق بالالتزام بالعقوبات المفروضة على إيران، والتوقف عن الاعتماد عليها.

لهذا كله، فإن مركز الحرب الأمريكية على إيران يقع في العراق، وتريد أمريكا ضرب الهلال الشيعي من خلال العراق، ولتنفيذ هذه السياسة فإنها بحاجة إلى إبقاء قواتها في العراق، وعلى العكس من ذلك، وللحفاظ على مكاسبهم وسلطاتهم والخلاص من التهديدات الموجهة إليهم، تسعى إيران والشيعة لطرد القوات الأمريكية من العراق.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.