اخبار العراق الان

ترجمة الرواية .. ألف ميل على رؤوس الأصابع

ترجمة الرواية .. ألف ميل على رؤوس الأصابع
ترجمة الرواية .. ألف ميل على رؤوس الأصابع

2019-02-20 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية


  الرواية هي بإيجاز فن أدبي ينقل شغف الانسان الحديث ونقلة للحقائق من الواقع اليومي الى واقع خيالي مكتوب ومدون بأسطر من جمل مبسطة نثراً أو سرداً أو حواراً الغاية منه تجسيد رسالات معينة في زمن معين لمنطقه معينة وهي تتطور بتطور المجتمع وتغير العلاقات فيه , وكان من الضروري ان ينتشر هذه الفن الادبي الى كل العالم لتتعرف الشعوب على الثقافات ومنها الرواية فكان من الضروري ترجمة هذه الثقافات الى لغات متعددة , وتعرف الترجمة بعملية النقل من لغة الى اخرى دون زيادة او نقصان لذا تعتبر الترجمة هي فن الكشف او العصا السحرية التي تزيل الحجب عن المتلقي الاجنبي لتضع ثقافات العالم بين يديه والمترجم هو الفنان الذي يؤرقهُ ولع الكشف والتنقيب عن النفائس , لذا تعتبر الترجمة هي الوسيلة الانجع والافضل لمعرفة ثقافة الحضارات الاخرى . وعن هذا الموضوع تحدثت لنا  الدكتورة العراقية وسن فتحي قائله  "تمثل الأعمال الأدبية بأنواعها المختلفة مثل الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرحية تحدياً كبيراً أمام الترجمة أكثر من النصوص التقنية أو العلمية الأخرى بسبب خصوصية اللغة التي يكتب بها العمل الادبي وما يحتويه من عناصر مرتبطة ارتباطاً وثيقا بالبيئة التي تنجبه وإرثها الحضاري والثقافي. والرواية كأحد تلك الأشكال الأدبية هي قصة نثرية ذات حجم معين ولها أركان رئيسية تتمثل بالحكاية والشخصيات والحوار والاحداث وحبكتها وجرعة من الخيال تتمازج مع بعضها البعض بشكل متكامل لتنتج سمفونية سردية تداعب الحواس وتخاطب الوجدان والعقل معاً. ويعود أصل الرواية إلى سِلفها الاول وهو الحكاية الشعبية. وهذا ما يجعل مسألة ترجمتها غاية في التعقيد. نتيجة لتباين أركانها من لغة لأخرى ومن أدب لاخر بين شعوب العالم المختلفة. فالبرغم من ان بعض الأفكار والمشاعر تتشابة في وجودها في جميع اللغات والاداب إلا ان طريقة التعبير عنها والتفاعل معها تختلف من مجتمع لاخر. فالربيع والمطروالعطر والزهر ليس متماثلاً حول الأرض وطريقة مخاطبة الحبيبة والتغزل بها محكومة بالكثير من الصفات الشخصية والعرف والتقاليد في مجتمع ما. وبالتالي فان ترجمة هذه التفاصيل هي ليست عملية ترجمة اللغة فقط وانما روح اللغة وكل ما تنطلي عليه من ابعاد تعبيرية أخرى. فإذا كان اللفظ هو جسد الكلمة كما يقول ابن رشيق فان المعنى روحها. فان تشابه اللفظ او تشارك بين اللغات فان روح المعنى تكون ذا خصوصية مقتصرة على لغة دون اخرى ومرتبط بذائقة معينة دون سواها يحددها المستوى الفكري والخلفية الثقافية بالاضافة الى الإرث الوجداني لمتحدثي تلك اللغة. أما العناصر الأخرى التي تشغل حيزاً بين جدران الرواية سواء كانت سياسية او ثقافية او حتى دينية تشكل عائقاً اخر أمام المترجم ولنا في أعمال نجيب محفوظ على سبيل المثال وما تحتويه من تفاصيل المجتمع المصري كأفراد أو كجماعات أوضح مثالاً على ذلك. في النهاية يجب على المترجم ان يحقق توازنا دقيقا مابين جمال التعبير في اللغة المترجم اليها ودقة النقل من اللغة المترجم منها. ترجمة الرواية تتطلب اولا ذائقة ادبية انيقة وسعة في الخيال التعبيري وفهماً عميقاً للنصوص وتسلحاً صلباً بأدوات اللغة المنقول منها وإليها ". وايضا تحدثت لنا الاديبة والمترجمة العراقية سهاد عبد الرزاق قائله "الترجمة عملية ليست بالسهولة كما يعتقد البعض بل هي علم من العلوم التي تتطلب دقة ومهارة لذا لتكن مترجما لابد ان تمتلك مؤهلات المترجم تبعا لنوع النص الذي تقوم بترجمته فاللغة العلمية لا تعد الترجمة فيها الا علما بحتا يحتاج فقط لتخصص وهو الافضل او معرفة عميقة في المادة المترجمة اما الترجمة الأدبية فهي تجمع ما بين العلم والفن لان من يقدم عليها لابد أن يمتلك الذائقة الأدبية التي تؤهله للوصول إلى ما يريد المؤلف إيصاله للآخر وهذا يتطلب جهدا كبيرا ودراية باللغتين من حيث البنية والجمالية ومعرفة تامة بالجانب الثقافي والحضاري للبلدين . الرواية فن راق يتطلب من المترجم إمعان وقراءات طويلة ومعرفة بالأساليب الفنية وخفاياها ولابد من إنهاء قراءة الرواية كاملة قبل الشروع بترجمتها كي لا يقع المؤلف بأخطاء كثيرة  .  .ومن جانبها اضافة الاستاذة والمترجمة السورية زهراء حسن                                                                                                                                                        لا يمكن أن يحدث تطابق بين النص الأصلي والنص المترجم وبشكل خاص في الترجمة الأدبية، وهذا التطابق ليس مطلوباً خاصة إذا كان النص شعرياً لأن الشعر يعتمد على إيقاع وصورة وشفافية لها خصوصيتها في اللغة الأولى.والترجمة سواء في الرواية أم في الشعر هي مقاربة ولكن ضمن مجال وخصوصية اللغة التي سينقل إليها النص.الترجمة هي إعادة خلق لذا هناك إشكالية في ترجمة الشعر أكثر من غيرها فهو يبدأ بمجموعة من المستحيلات مثل الفروق الصوتية الخاصة بالقوافي والفرق في البناء اللغوي والمفردات والتاريخ الأدبي وطريقة النظم الشعريفمن المستحيل إعادة خلق الأصوات ذاتها والبناء اللغوي ذاته وطريقة النَّظم ذاتها.لذا فالنقل التام للنص الشعري مستحيل لكن من الممكن الترجمة بشكل مُرضي قدر الإمكان فعلى المترجم هنا أن يكرس اهتمامه على اللغة التي سينقل النص الشعري إليها لا على اللغة التي سينقل منها.لكن هذا لا يعني أن مترجمي الرواية لا يواجهون إشكاليات أيضاً خاصة حين تكون ثقافة اللغتين متباعدة الأصل والمصدر فإحدى الصعوبات تكمن في إيجاد مصطلحات مكافئة في اللغة الهدف لتحل محل بعض مصطلحات النص الأصلي. يجعل هذا الترجمة الأدبية على درجة عالية من الأهمية لأنها ليست مجرد ترجمة للنص بل هي ترجمة لأحاسيس وفوارق حضارية ودعابات وعناصر حساسة للعمل الأدبي الذي سيتم ترجمته.والشعر الذي امتلك حصانة أدبية جعلت الشاعر يمتلك حقوقاً لا تحق لغيره، حقوقاً لم تمتلكها الرواية، فممنوع على الرواية أن تقوم بما يفعله الشعر من انتهاك بناء الجملة اللغوية وإلا كانت رواية سيئاً أو نثراً شعرياً.