اخبار العراق الان

جيسيكا والتضليل الاعلامي الامريكي

جيسيكا والتضليل الاعلامي الامريكي
جيسيكا والتضليل الاعلامي الامريكي

2019-02-20 00:00:00 - المصدر: رووداو


يحدث التضليل الاعلامي  عند معالجة خبر معين بطرق ملتوية من أجل اخفاء الحقائق وتحقيق أغراض سياسية قبل تحول أنظار الجماهير وإستغلال تلقائيتهم  وجهلهم بالأشياء ، وخير مثال على هذا القول هو دور الأخبار المزيفة في كسب الحروب !!!

وهذا ما حدث فعلاً في حملة التضليل الاعلامي الامريكي التي شُنت ضد العراق لكسب رأي وتعاطف العالم بشكل عام  والمجتمع الامريكي على وجه الخصوص لدعم الحرب على العراق، وقد نجح الاعلام الامريكي في تضليل الرأي العام  بقضيتين مفبركتين يشوبهما الزيف والكذب اولهما ؛ قضية الحاضنات وشهادة (الشابة الكويتية نيرة البالغة من العمر ١٥ عام ) امام لجنة حقوق  الإنسان في الكونغرس الامريكي ، حيت تداولت و نشرت الشهادة على نطاق واسع واستشهد بها أعضاء مجلس الشيوخ والرئيس جورج بوش الأب عدة مرات وكان الغرض الاساسي هو دعم الكويت في حرب الخليج الثانية.

لقد كانت "نيرة" شاهد زور قدمت أمام تجمع الكونغرس باسمها الأول فقط وتبين فيما بعد أن اسم نيرة الأخير هو "الصباح" وهي ابنة (سعود الناصر الصباح سفير الكويت لدى الولايات المتحدة) انذاك، فكانت اكذوبة كبيرة كُتبت وأُخرجت وتم تمثيلها بشكل جيد ونجحت في كسب تعاطف مجلس الامن وكسب قرارات دولية ضد العراق ولا اريد الغوص فيها اكثر لان تفاصيلها معروفة لدى الجميع ؟

اما "جيسيكا لينش"  فهي جندية في القوات البرية الامريكية من مواليد ١٩٨٣ ومن ولاية فرجينيا، تم أسرها أبان الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الامريكية على العراق عام ٢٠٠٣ عندما كانت كتيبتها تحاول اقتحام مدينة الناصرية، وأودعت في مستشفى الناصرية وعوملت بأحترام كأسيرة حرب وفقا" للقوانين والاتفاقيات الدولية لأسرى الحرب، ناهيك عن سمو الاخلاق العراقية بالتعامل مع الاسير اولاً وكونها امرأة ثانياً !
            
تبرعَ المحامي (محمد الرهيف) المواطن من اهالي المنطقة الذي لا اريد ان اعلقَ عن تصرفه الذي لايَنُم عن اي انتماء عراقي بالتحرك على القطعات الامريكية القريبة وابلاغهم بوجود المجندة الامريكية في مستشفى الناصرية، معبراً بذلك عن انعدام انتمائه الوطني وارتضى لنفسه الذَلّة بالوقوف مع اعداء الله والانسانية والوطن، تحركت قطعات امريكية على مستشفى الناصرية وتم فك اسر جيسيكا؟

انتهت القصة بمجندة  تم اسرها، بعد ذلك بدأ الاعلام الامريكي المضلل للرأي العام العالمي والامريكي لسرد تفاصيل قصة اسر جيسيكا بطريقة الكابوي والتركيز على مبدأ "كذب ثم كذب حتى يصدقك الناس" حيثُ اعلنوا خبر تعرضها  للأسر وانهم يعرفون مكان تواجدها عن طريق "عميل لهم في المنطقة" وتم تحرير الأسيرة بعد يومين ونقلها الى الولايات المتحدة الامريكية مع رجل وزوجته وطفلته الذي تبين فيما بعد انه المحامي (محمد الرهيف) الذي بلغ عن مكان تواجد جيسيكا وابلغهم في روايته ان زوجته تعمل ممرضة في المستشفى وشاهدت جيسيكا وسارع محمد الرهيف متبرعاً بابلاغ القوات الامريكية بذلك وكان الثمن منحه لجوء انساني مع عائلته في امريكا .. مبدئياً انتهت القصة !

بعد وصول (محمد الرهيف) الى امريكا وقع عقداً بنصف مليون دولار لكتابة رواية عن كيفية الاخبار عن مكان تواجد جيسيكا مع الخلاف في صدق او كذب رواية محمد حول عمل زوجته بالمستشفى كممرضة، ورواية اخرى تقول انها كانت مريضة بنفس المستشفى، طبعاً تم تأليف كتاب بالقصة وتم طرحة بالاسواق تحت عنوان (لان كل حياة  غالية) ونفخت الماكنة الاعلامية الامريكية بالقصة وصورت جيسيكا انها بطلة وقاتلت الى اخر رمق من حياتها حتى نفذ عتادها  فتعرضت للاسر، وتم سرد القصة بطريقة "هوليودية " ، لكن نسفت جيسيكا كل تلك القصة حيث اخبرت كل اللجان المعنية ووسائل الاعلام انها لم تقاتل ولم تطلق رصاصة واحدة وتلقت معاملة حسنة من الجيش العراقي والطاقم الطبي وان قصتها تم تضخيمها لاغراض سياسية، نجح الاعلام الامريكي بماكنته الكاذبة من تضليل الرأي العام وخلق رأي عام معادي للعراق من خلال قصة مفبركة كذبتها بطلة القصة ذاتها.. لكن بعد ان اخذت مداها وأحتل العراق !

بعد سماع كل تلك الاحداث المتناقضة والتي حققت رغم تناقضها اهدافها المرجوه، هل يستطيع الاعلام العراقي نقل الحقائق لما حدث للعراقيين على ايدي القوات الامريكية من قتل وتعذيب وتنكيل وانتهاكات يندى لها الجبين، ماحدث للعراقيين فلم هوليودي لكنه ليس خيال بل حقيقة تم تطبيقة على العراقيين بفتح النار على الاطفال والنساء والرجال، وقتلهم وهم يتجولون في الشوارع وجاءت تلك القصص ضمن اعترافات بعض الجنود الامريكان بعد الحرب..  فهل نجح اعلامنا في نقل حقيقة فضيحة سجن ابو غريب او معتقل بوكا او مذبحة مدينة حديثة التي لم ينجوا منها سوى بنت واحدة لم يستقبلها اي من المسؤولين العراقيين وتعاني اضطرابات بسبب ماحدث لها ؟

الاعلام الامريكي يسوق بضاعته الرخيصة وأكاذيبه المزيفة على انها حقائق، واعلامنا يبخس حق مواطنينا ويفشل في تسويق الحقائق وفضح زيف وعنجهية المحتل، ويتقاعس عن المطالبة بأسترداد حقوقنا.. نحن بأمس الحاجة الى ضبط بوصلة الاعلام العراقي وخلق اعلام وطني قادر على المجابهة والدفاع والمطالبة عن الحقوق بعيداً عن الاعلام الحزبي والذي فشل حتى اليوم في ان يكون جزء مهم في حركة وتطور الاعلام المهني ومواكبة تطور الاعلام الدولي.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.