السلطة تدير ظهرها للحراك الشعبي.. والجزائريون يترقبون تقديم «ملف الرئيس»
تتجه أنظار كل الجزائريين، الأحد، صوب الطابق التاسع في مستشفى جنيف الجامعي، حيث يخضع الرئيس بوتفليقة للعلاج، وهو قسم معزول عن باقي أقسام المستشفى، ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر ممرات خاصة داخل المستشفى.
ووفقا لمصادر الشبكة الإخبارية الأوروبية «يورونيوز»، فإن قائد الجيش الجزائري طلب من بوتفليقة البقاء في جنيف حتى اليوم الأحد، الثالث من مارس/ آذار، وهو آخر يوم لتقديم أوراق الترشح الرسمية.
وتتنقل أنظار كل الجزائريين بين مستشفى جنيف الجامعي، ومقر المجلس الدستوري، حيث يستقبل عدد من المرشحين للرئاسة، لإيداع ملفاتهم قبل انتهاء المهلة، في منتصف الليل، والجميع يترقب قدوم ملف رئيس الجمهورية، مع «بقايا أمل» للتراجع في اللحظة الأخيرة، حسب تعبير الدوائر السياسية في الجزائر، مؤكدة أن الجزائريين يحترمون تاريخ بوتفليقة ويطالبونة بالاعكتاف الصحي طلبا للراحة.
تطورات مفاجئة داخل المشهد الشياسي
وبينما يشهد مقرالمجلس الدستوري، اليوم، تعزيزات أمنية كبيرة، كما تم غلق كل المنافذ المؤدية إليه، وسط تداول أنباء أن الرئيس بوتفليقة يودع ملف ترشحه منتصف النهار، يتابع الجزائريون تطورات المشهد السياسي المفاجئة، ومنها انسحاب القيادي الإخواني، عبد العزيز مقري، رئيس حركة مجتمع السلم «حمس» من المشاركه في الانتخابات الرئاسية، بعد اجتماع مجلس الشورى الذي اتخذ القرار بالأغلبية.
وأوضح أن كل المؤشرات تؤكد ترشح بوتفليقة رغم المسيرات الحاشدة الرافضة للعهدة الخامسة، والأمر الثاني هو تنحية عبد المالك سلال رئيس الحكومة السابق من إدارة الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتعيين وزير النقل والأشغال العمومية عبد الغني زعلان رئيسا للحملة في تغيير مفاجىء ويثير الشكوك، بحسب رؤية الدوائر الحزبية في الجزائر.
تحرك جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
وفي نطاق التطورات المتلاحقة الأخيرة، دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى العدول عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة.
وخاطبت الجمعية الشعب الجزائري، في بيان لها وقالت: «ها هي ذي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تقف معك محيية لحراكك السلمي الوطني الشامل العظيم، الذي وضع حدا لسنوات من الانسداد في كل المجالات وهو ما حذرنا منهم مرارا وتكرارا دون أن يسمع أحد، وندعو القائمين على الشأن الوطني إلى الإصغاء إلى رسالة الشعب جيدا، والتفاعل معها بجد وإيجابياته، بدل الإجابات القديمة، وندعو مؤكدين على مطلب الأمة بالعدول عن العهدة الخامسة».
السلطة تدير ظهرها للحراك الشعبي
ومن الواضح أن السلطة تدير ظهرها للحراك الشعبي، بحسب تعبير الناشطة السياسية والقيادة العمالية البارزة، لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، بينما آن للنظام أن يستمع، بعد أن فرضت الاحتجاجات الشعبية المُتصاعدة في عدة مناطق من البلاد، أمس، نفسها على المشهد السياسي والإعلامي، ولكن السلطة ظهرت بمظهر أنها لا تملك استراتيجية للبقاء في السلطة، مثلما لا تملك استراتيجية للانسحاب منها، بحسب تقرير صحيفة الخبر الجزائرية، ولم تع السلطة رسائل المتظاهرين في مسيرات «لا للخامسة» وهي:
– أولى هذه الرسائل، بحسب تقارير وسائل الإعلام الجزائرية، أننا لا نستهدف شخص الرئيس المنتهية عهدته عبد العزيز بوتفليقة، وإنما الذين كانوا يحكمون باسمه ويعيثون في مؤسسات البلاد فسادا، ويقضون على أي بصيص للأمل المدفون في الصدور.
– رسالة أخرى بعث بها المتظاهرون، أنهم لن يسمحوا باستمرار «التمثيلية»، بممثلين غير مقتدرين، همهم الوحيد الدوس على الدستور والقوانين، فكان الشعار «لا للفساد».
– الرسالة الثالثة: ليس منّا من يختار التغيير بالعنف أو بالتخريب، أو من يسعى لركوبه بشعارات حزبية أو مصلحية ضيقة، لقد ذاب الجميع في المسيرات السلمية، حتى وإن حاول البعض العودة الى الحياة السياسية.
– أن الشعب مصيره بيده، وهو الذي قرر النزول إلى الشارع بعد أن طفح الكيل، وسقطت كل الأعذار، وضاق العقل بالفساد الذي نخر جسد الأمة وكاد يغرقها في مستنقع العنف مرة أخرى لولا يقظة الشعب والقوى الوطنية الحية.
– وأخيرا، رفع المتظاهرون القبعة عاليا، في رسالة لرجال الجيش والشرطة وأجهزة الأمن، اعترافا باحترافيتهم وبوطنيتهم وعلى احترامهم لشعبهم، الذي هم أبناؤه وبناته.. تجت شعارات «جيش شعب، خاوة، خاوة» وبـ «الشرطة.. ديالنا، ديالنا».
فرز سياسي واضح
ويرى مراقبون، في العاصمة الجزائر، أن مسيرات الحراك الشعبي، دفعت بإيقاعها الميداني الذي اتسعت رقعته، السلطة على لسان رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، ونائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، إلى التخلي عن نبرتهما المشددة تجاه مطالب فئات شعبية واسعة، وذلك في الوقت الذي التزمت أحزاب الموالاة وشخصيات سياسية أخرى الصمت، في عملية فرز سياسي واضح، كشفت اصطفافاتهم ومقارباتهم للمشهد السياسي القادم، وأن سماح السلطات العمومية لوسائل الإعلام (لاسيما القنوات الخاصة) بتغطية المسيرات، هو محاولة لخفض التوتر وتفادي تأليب الشارع ضدها، والإيحاء بأنها ليست ضد المتظاهرين.