الفينانشال تايمز: حجم الاحتجاجات يربك النظام في الجزائر
“لا لعهدة خامسة”، “عصيان مدني”، “الجزائر تنتفض”، وسوم انتشرت على نطاق واسع عبر فيسبوك وتويتر، مساهمة بقوة في التعبئة، احتجاجا على ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.
واستجاب عشرات الآلاف من الجزائريين إلى النداءات، التي انتشرت على الإنترنت تدعو إلى التظاهر، ما أدى إلى موجة احتجاجات غير مسبوقة في جميع أنحاء الجزائر.
ويقول عقبة بلعباس، وهو واحد من الأعضاء المؤسسين الـ25 لـ”مجموعة الشباب المناضل” الجزائرية، إن “شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما للغاية، فالكلمة تنتشر أسرع من قبل والأمور يمكن أن تسير بسرعة جدا”.
وتأسست هذه المجموعة، التي تضم صحفيين ومحامين ونشطاء وطلاب دكتوراه في الثلاثينات من عمرهم في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وقررت “المشاركة بفاعلية” في الحركة الاحتجاجية.
ويؤكد بلعباس، أنه “لا يمكن الاستغناء عن شبكات التواصل الاجتماعي”، ولكنها لا تكفي.
ويضيف “ليس فيسبوك هو الذي جمعنا”، بل تبقى الاجتماعات الواقعية بين أعضاء المجموعة أساسية للاتفاق على طريقة التحرك.
وتستخدم شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع في العالم العربي كفضاء للتعبير عن الرفض، لتسلط بعض الأنظمة القائمة.
وتأتي الجزائر في المركز 136 من أصل 180 دولة، في ترتيب التصنيف الدولي لحريات الصحافة، الذي وضعته منظمة مراسلون بلا حدود.
تأجيج الغضب
وبحسب الباحثة في مركز كارنيجي الشرق الأوسط، داليا غانم، ، فإن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، “كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير”، وهو ما أدى إلى خروج الاحتجاجات من “فيسبوك” الى الشارع.
وتضيف غانم “ليسوا أشخاصا يكتبون على الإنترنت من دون الإفصاح عن هوياتهم، بل هم مواطنون يعرفون أن وسيلتهم الوحيدة للاحتجاج هي الاحتشاد والتعبئة”.
وتتابع “الجزائريون يعرفون أن أفضل أسلحتهم هي اللاعنف ووسائل التواصل الاجتماعي”.
وأشارت إلى أن “وسائل الإعلام (المسموعة والمرئية) التقليدية لم تتحرك لتغطية التظاهرات” في البداية.
وتحدث صحفيون من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة الحكومية والخاصة (مملوكة لرجال أعمال قريبين من السلطة) عن تعرضهم لضغوط من رؤسائهم.
في المقابل، تنتشر على نطاق واسع صور ولقطات فيديو ينشرها مواطنون على “تويتر” و”فيسبوك” و”انستغرام”.
ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، إبراهيم أومنصور من باريس، إن “الإنترنت سمح للشباب الجزائري أن يرى ما يحدث في بلاد أخرى، على الصعيد الثقافي والاقتصادي والسياسي، وأن يروا رؤساء أكثر شبابا مقارنة برؤسائهم”.
ويؤكد أن “كل هذا يساهم تدريجيا في تأجيج الغضب والإحباط وخيبة الأمل لعدم تمتعهم بالمكتسبات نفسها التي حصلت عليها الشعوب في بلدان أخرى”.
ويعتقد أومنصور، أن القدرة على الكتابة من دون الإفصاح عن الهوية على الإنترنت سمح كذلك “بكسر حاجز الخوف” في دولة بوليسية للغاية مثل الجزائر.
لكن الواقع أن عددا كبيرا من الجزائريين لا يخفي هويته الحقيقية على الإنترنت وينشر تعليقات قاسية ضد بوتفليقة، ولا يتردد في المشاركة في التظاهرات السلمية.
وكتبت مواطنة عبر “تويتر”، ردا على التحذير من العودة إلى سنوات الحرب الأهلية، “كلمة ريئس أركان الجيش الجزائري اليوم لا يوجد فيها أي جديد، دائما نفس المعنى والمقصود تذكروننا بسنوات الإرهاب والدمار كأننا لا نعرف تاريخنا”.
وأضافت “شعبنا واع وسلمي وذكي ومحب لوطنه، ونعرف جيدا حدودنا ومطلبنا مشروع، لا لحكم الكادر والأشباح”.
وكما هو الحال مع الاحتجاجات في السودان، تضاعفت رسائل الدعم في العالم العربي للجزائريين.