اخبار العراق الان

عاجل

ماجد كيالي يكتب: إدارة ترامب تحاول تغيير مبنى القضية الفلسطينية

ماجد كيالي يكتب: إدارة ترامب تحاول تغيير مبنى القضية الفلسطينية
ماجد كيالي يكتب: إدارة ترامب تحاول تغيير مبنى القضية الفلسطينية

2019-03-07 00:00:00 - المصدر: قناة الغد


لا دالة لإسرائيل على  السلام، هي تهرب منه كهرب من تطارده حية تسعى للدغه، ليس من اليوم، بل من أزمنة بعيدة، أزمنة التوراة وأنبياء بني إسرائيل، والقارئ الحصيف لكتابات القدماء عن ملوك ورؤساء إسرائيل يجد ما يؤكد صدقية ما نقول به.

تكاد إسرائيل تسعى وراء الأبواب المفتوحة للسلام لتغلقها، إنها لا تعرف كيف تتعايش معه، وجل همها أن تبقى في صراع مستمر ومستقر.

نهار الخامس من يونيو/ حزيران من عام 1967 كان “ليفي أشكول” رئيس وزراء إسرائيل يصيح بأعلى صوته: “إلى  متى يريدون البقاء على حد السيف؟”.. كان أشكول يقصد بذلك جنرالات إسرائيل الذين أدخلوا البلاد في حرب طاحنة مع العرب، واحتلوا من الأراضي ما لا يمكنهم عقلا أو عدلا الاحتفاظ به إلى أجل غير مسمى.

يتجدد الحديث عن صفقة القرن، وأحاديث السلام، غير أن قادة إسرائيل يجيدون  فنون الهروب إلى مسالك وعرة مملوءة بالدماء والنار والبكاء، وطرق أورشليم التاريخية منذ أنبياء السبي وحتى الساعة تئن، ولا من يتحنن على  بنات صهيون من المصير المنتظر.

تفاخر وتجاهر إسرائيل في الحال والاستقبال بيهودية الدولة، وتسعى لصبغ كل ملامحها ومعالمها بصبغة دينية، وحتى لا يبقى هناك أثر لآخر مغاير، حتى وإن كان من أصحاب الأرض، من فلسطينيي القدس بنوع خاص، مسيحيون ومسلمون.

لا يغيب عن أعين المتابع للمعضلة الفلسطينية مساعي التهويد القائمة على قدم وساق، لتفريغ القدس من مواطنيها بداية، ومن امتهان لمقدساتها تاليا، وصولا إلى الحلم الأكبر، ذاك المتصل بهدم الأقصى، وبناء الهيكل الثالث.

التضييق على المقدسيين يمر دائما من خلال المسجد الأقصى والحرمان من الدخول إليه، والصلاة  فيه، وهذا ما يتضح من خلال أزمة “باب الرحمة”، أحد أبواب الأقصى الذي أغلقته سلطات الاحتلال عام 2003، وتجدد إغلاقه سنويا، مبررة ذلك بوجود مؤسسة غير قانوينة تسمى “بيت الرحمة” كانت على حد أقوال السلطات الإسرائيلية تستخدم من قبل منظمة معادية  تسمى “لجنة التراث الإسلامي”.

نهار الخميس الفائت، صلى  بعض الأفراد من هيئة الأوقاف عند البوابة، مما دفع  الشرطة الإسرائيلية إلى القدوم وإغلاق المدخل بالكامل، وإغلاق البوابة نفسها.

يعن لنا أن نتساءل: ما الذي يضير سلطات الاحتلال في فتح “باب الرحمة” والسماح للمصلين الفلسطينيين بالدخول وأداء شعائر الصلاة؟.. وهل الأمر مجرد مكايدة دينية أم سياسية، تضاف إلى بقية مشاهد عزل الأقصى عن مؤمنيه والعكس؟.

الناظر إلى ما يجري من حول الأقصى يدرك كيف تسمح إسرائيل لغير المسلمين بزيارة الحرم القدسي الشريف، ولكن لا يسمح لهؤلاء الزوار بأداء الطقوس والصلوات، وعلى الرغم من أن الإسرائيلي العادي لا يمكنه دخول الحرم بشكل فردي، لأسباب أمنية، فإن زيارات تنظمها قوات الأمن الإسرائيلية تشمل الزوار الأجانب من غير المسلمين، وكذلك مجموعات يهودية محسوبة على اليمين المتطرف المؤيد النشط للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية.

لا تداري أو تواري إسرائيل أهدافها في منطقة الاقصى، والتي تسميها جبل الهيكل، والجميع يتذكر المقولة التاريخية لـ “بن جوريون” أحد أهم الآباء المؤسسين لدولة إسرائيل، وأول رئيس وزراء لها، حين صاح ذات مرة بأنه لا فائدة لدولة إسرائيل من دون سيادة  تامة كاملة على مدينة القدس، ولا معنى للقدس إلا في ظل وجود الهيكل.

مضت إسرائيل على هدى كلمات بن جوريون، وكانت حرب الستة أيام الطريق إلى الاستيلاء على القدس الشرقية، ووضع أياديها على مقدساتها المسيحية والإسلامية دفعة واحدة، ورغم أن القوانين الدولية تعتبر القدس مدينة تحت الاحتلال، مضى العم سام سادرا في غيه لنصرة إسرائيل ظالمة دوما، غير مظلومة أبدا، ليعزز من سيطرتها المسلحة غير القانونية على القدس، ويعتبرها عاصمة موحدة لدولة إسرائيل من جهة، ويقوم بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أمام أعين وأبصار العالم، ومن دون خجل أو وجل، فقط الاعتماد على فلسفة  القوة الباطشة، ومن خلال معادلات غير أخلاقية أو إيمانية بالمرة.

والشاهد أنه ومع ما يجري من حول الأقصى، والتصعيد من خلال “باب الرحمة” ثانية يتساءل المراقبون: “هل تسعى إسرائيل لجر المنطقة العربية والشرق أوسطية  برمتها إلى حرب دينية بشكل ممنهج ومدروس”..؟

المقطوع به أن تلك البوابة الأخيرة للحرب المهيكلة مجرد ذكرها كفيل بتعطيل أي محاولات ولو واهية للبحث عن سلام.

عند الدكتورة “حنان عشراوي” عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ان إسرائيل ماضية  قدما  في طريق حرب دينية ضروس تنجر فيها دول المنطقة برمتها إلى صراع ضاري وقاتل.

هل للولايات المتحدة الأمريكية  نصيب من هذا التصعيد؟.

مؤكد أنه ترجمة حقيقية لاعتراف أمريكا غير القانوني واللا أخلاقي بالقدس عاصمة  لإسرائيل، ودعمها المطلق لحكومة نتانياهو المتطرفة، والتي تسعى إلى جر المنطقة  إلى حرب دينية.

قبل نحو عام أو أزيد قليلا، سعت إسرائيل إلى طرح مشروع تقسيم زمني للصلاة من حول الأقصى، أي أوقات لليهود عند المنطقة التي يطلقون عليها “جبل الهيكل”، والمعروفة إسلاميا باسم “حائط البراق”، وأوقات للمسلمين حكما ستختصم من حقهم الكامل والمشروع في أداء الصلوات الخمس يوميا.

هذه الاجراءات ليست خرقا للوضع القائم فقط، ولكنها أيضا وكما ترى الدكتورة عشراوي، أداة جديدة لتمكين إسرائيل من بسط سيطرتها بالكامل، وبشكل محكم  على المدينة المقدسة، بما فيها المقدسات الدينية الاسلامية والمسيحية، في مخالفة  صارخة للقرارات والقوانين والشرائع الدولية، التي تعتبر بقاء الأوضاع الجغرافية  والديموغرافية مسؤولية الطرف المحتل، ويطالبه بعدم تغيير أي ملامح على الأرض.

هل يمكن أن تكون إسرائيل جادة في سلام مع الفلسطينيين؟.

الحقيقة المؤكدة هي أن إسرائيل تواصل تسويف الوقت، وتجد من ورائها دعم الولايات المتحدة، وإدارة ترامب بنوع خاص، وتدخل العرب والفلسطينيين في دوامات من إضاعة الوقت والمناقشات والافكار غير المقبولة وربما غير المعقولة  في ذات الوقت.

عما قليل ستعود إسرائيل من جديد إلى طرح قضم أراض من مصر والأردن وربما السعودية لإقامة وطن للفلسطينيين مقابل بعض المزايا المالية، الأمر الذي لن يقبل به أحد في الحال ولا الاستقبال.

وفي هذا الإطار قد يكون أفضل طريق تعتبره إسرائيل ناجعا لخلط كل الأوراق إدخال المنطقة في مواجهات ذات طبيعة دينية، وتنسى أو تتناسى أن النار إذا لم تجد شيئا تأكله فإنها تأكل نفسها في نهاية الأمر.

ماجد كيالي يكتب: إدارة ترامب تحاول تغيير مبنى القضية الفلسطينية