«العراقيب».. قرية فلسطينية هدمها الاحتلال 140 مرة لتنفيذ مخطط تهويد النقب
تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي مخططها هدم عشرات القرى في النقب، وتشريد سكانها بهدف مصادرة أراضيهم التي تقدر مساحتها بمئات آلاف الدونمات، ضمن مخطط تهويد النقب.
وحين احتلت «إسرائيل» منطقة النقب، التي تمثل نحو 40% من مساحة فلسطين التاريخية، في عام 1949، أصبحت قرية العراقيب واحدة من 45 قرية فلسطينية في النقب لا تعترف بها سلطات الاحتلال، وتحرمها من الخدمات الأساسية، باعتبارها «قرى غير قانونية».
شوكة في خاصرة مخطط التهويد
قرية العراقيب أصبحت شوكة في خاصرة مخطط تهويد النقب، وللمرة الـ140 خلال 9 سنوات، هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر أمس الأول الخميس، مساكن قرية العراقيب، واقتحمت الشرطة الإسرائيلية بتعزيزات من الجرافات وآليات الهدم القرية وهدمت مساكنها وشردت العائلات.
وأول عملية هدم نفذها الاحتلال لمنازل القرية كانت بتاريخ 27 يوليو/ تموز عام 2010، ويأتي هدم العراقيب في الوقت، الذي تواصل السلطات الإسرائيلية بناء 4 مستوطنات جديدة بالنقب.
وعملية التهجير سبقت عمليات الهدم، وبدأت حملات التهجير لسكان القرية في العام 1953، ثم بدأت مرحلة «التهجير الجزئي» بحجة أن المنطقة تابعة «للصندوق القومي اليهودي» (كيرين كاييمت)، وأحيانًا بذريعة ضبط عمليات البناء بشكل ممنهج، إضافة إلى دواع أمنية وعسكرية، حيث يقع مفاعل «ديمونا» النووي في منطقة النقب.
نكبة فلسطينية جديدة
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أقر قانوناً عام 2013 بناء على توصية من وزير التخطيط، إيهود برافر، عام 2011 لتهجير سكان عشرات القرى الفلسطينية من صحراء النقب المحتل، وتجميعهم في ما يسمى «بلديات التركيز»، حيث تم تشكيل «لجنة برافر» لهذا الغرض.
واعتبرت القوى الشعبية والفصائل الفلسطينية، هذا المشروع وجها جديدا لنكبة فلسطينية جديدة، لأن الاحتلال الإسرائيلي سيستولي بموجبه على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب، وسيتم تهجير 40 ألفا من البدو، وتدمير 38 قرية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي قد تراجع عن هذا المشروع في ديسمبر/ كانون الأول 2013، نتيجة للضغوط الشعبية.
إرث تاريخي لسكان منطقة النقب الفلسطيني
ويعيش في صحراء النقب نحو 250 ألف فلسطيني، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات سكنية بعضها مقام منذ مئات السنين، ولا تعترف سلطات الاحتلال بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات، ورغم أن معظمها بيوت من الصفيح والأخشاب، لكنها إرث تاريخي لسكان منطقة النقب الفلسطيني.
ويرفض الاحتلال تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وتحاول بكل الطرق والأساليب دفع الفلسطينيين إلى اليأس والإحباط من أجل الاقتلاع والتهجير مثلما يحدث في قرى العراقيب والزرنوق (أبو قويدر) وأم الحيران.
قرية العراقيب، شمال مدينة بئر السبع، والتي هدمها الاحتلال 140 مرة، ويعيد سكانها بناءها من جديد في كل مرة، كشفت عن إصرار المواطن الفلسطيني، ارتباطه بأرض الأجداد، ومواجهة صلف المحتل، فمنذ عام 2010 هدمت قوات الاحتلال القرية 140 مرة، بهدف تهجير سكانها، الذين كانوا يعيدون بناءها من جديد في كل مرة.
«العراقيب».. العمق الاستراتيجي لدولة الاحتلال
قرية «العراقيب» الفلسطينية، تعد العمق الاستراتيجي لدولة الاحتلال في التوسع الاستيطاني، وتنفيذ المخططات لسلخ فلسطينيي النقب عن قضيتهم وتفريغ أماكن سكناهم، بعد السياسة الممنهجة لدولة الاحتلال ومحاولة تجنيد أبناء النقب في الجيش الإسرائيلي، وسلخهم عن فلسطين الوطن والأرض منذ الاحتلال عام 1948.
وتبلغ مساحة النقب الفلسطيني نحو 12 ألفاً و577 كلم٢، ويقيم السكان في 45 قرية، لا يعترف الاحتلال الإسرائيلي بوجودها، ولا يوفر لهذه التجمعات السكانية أي خدمات تذكر، ويعمل على تهجير سكانها وحصرهم في 8 تجمعات سكنية فقط، وهي أشبه بمخيمات اللاجئين، بهدف السيطرة على المساحات الشاسعة من الأرض الفلسطينية في تلك المنطقة.
ممارسات انتزاع الفلسطيني من أرضه
ورصد دبلوماسيون غربيون، معاناة قرية العراقيب، والقرى المجاورة، ونشرت وسائل الإعلام السويسرية، صور ومشاهد من المعاناة، التي رصدتها بعثات أوروبية، بعد كل عملية هدم للقرية، موضحة أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض تشير إلى تصميم دولة الاحتلال على انتزاع الفلسطيني من أرضه، فإهمال الآلاف من البشر وتركهم دون خدمات صحية وتعليمية هو من أجل دفعهم إلى ترك أراضيهم.
وأهالي قرية العراقيب يدفعون ثمن رفضهم لإخلاء أراضيهم والتنازل عنها للاحتلال.