مخدر الاستروكس.. المتهم الأول في حادث محطة مصر
احتل مخدر “الاستروكس” حيزا من اهتمام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأحد، خلال كلمته في الندوة التثقيفية يوم الشهيد، حيث ربط بين تعاطي ذلك المخدر وحادث قطار رمسيس، الذي وقع يوم 27 فبراير الماضي.
وشدد السيسي، على ضرورة إنهاء خدمة كل من يثبت تعاطيه للمخدرات من الوظيفة الحكومية.
وجاء ذلك في تعقيب للسيسي على «حادثة محطة مصر» واصطدام جرار قطار بصدادة الرصيف «رقم 6»، والذي أسفر عن مصرع 28 وإصابة 40 آخرين، وأثبتت عينة المعامل التحليلية تعاطي سائق القطار لمخدر الاستروكس.
وتساءل السيسي، “هل يجوز أن يتناول شخص استروكس ويقود قطار ويتسبب في كل هذا الدمار؟”.
وأضاف “يجب إنهاء خدمة من يثبت تعاطيه المخدرات، ولا يجب أن نقول إن هذا الشخص لديه أطفال؟ هو لديه أطفال وماذا عن هؤلاء الذين راحوا ضحية الحادث؟”.
يذكر أن النائب العام المصري، المستشار نبيل أحمد صادق، قد أمر بحبس 6 متهمين لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد أن كشف عن تقرير الإدارة المركزية للمعامل الكيميائية أن العينات المأخوذة للمتهمين وجدت إيجابية لآثار مخدر الأستروكس، المدرج بالجدول الأول لقانون المخدرات، لدى عامل المناورة المرافق للجرار رقم 2302، المتسبب في الحادث دون باقي المتهمين.
وكانت وسائل اعلام مصرية نشرت تقارير صحية تفيد بإدمان السائق المسؤول عن حادث “قطار رمسيس”.
حديث السيسي عن “الاستروكس” لفت الأنظار حول طبيعة هذا المخدر، ومدى انتشاره في مصر، وتأثيره على متعاطيه.
مخدر “الاستروكس”، هكذا أطلق عليه المصريون، لكنه يحمل مسمى آخر في الولايات المتحدة، حيث يُعرف باسم “كي تو” أو “سبايسي”.
انتشر هذا المخدر في مصر خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ، وفق ما أكده الدكتور هشام جمعة، أخصائي علم النفس وعلاج الإدمان بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، وعضو هيئة بحث البروفايل النفسي لمتعاطي الاستروكس.
وقال جمعة، إن “مخدر الاستروكس ظهر في مصر منذ فترة قليلة، وكانت نسبة انتشاره 4% من نسبة المتعاطين، التي تعد 10% من إجمالي عدد الشعب المصري، والذي يتجاوز الــ100 مليون، أي 10 ملايين مدمن من الشعب المصري، حسب آخر إحصائية للصندوق عام 2014”.
ويؤكد جمعة، خلال تصريحات خاصة لموقع “الغد”، أن “مخدر الاستروكس يتكون من نبات البردقوش المخدر، ثم يجفف ويتم رشه بمواد كيمائية الكيتامين والهيوسين، ثم يحفظ لمدة أسبوعين ويتردد أن مخدر الاستروكس يستخدم لتهدئة الحيوانات”.
ويفسر جمعة سبب انتشار مخدر الاستروكس في المجتمع المصري، قائلا، إنه “مخدر سهل الصنع، ورخيص الثمن، يصل سعره إلى 10 جنيهات”.
ويكمل جمعة، أن “صندوق الإدمان والتعاطي يصل له بلاغات كثيرة يوميا من متعاطي الاستروكس، لذلك قامت مستشفيات بفتح أقسام خاصة لعلاج الاستروكس”.
ويوضح خطورة مخدر الاستروكس، قائلا “يؤدي تعاطي مخدر الاستروكس إلى الإصابة بخلل في الجهاز العصبي، وعدم قدرة المتعاطي على تمييز الألوان والمسافات، وتلعثم دائم في الحديث، وينفصل المتعاطي عن الواقع تماما في أثناء تناول جرعة من المخدر”.
ويضيف أن “مضاعفات تعاطي مخدر الاستروكس خطيرة، فقد يتحول المتعاطي إلى مريض عقلي مصاب بمرض الانفصام أو زهين الحشيش، الذي يتضمن الإصابة بالهلاوس وأفكار الاضطهاد أو جنون العظمة، كما يتأثر سلوك المتعاطي فيصبح شخصا عنيفا للغاية”.
ويكمل جمعة، أن “الصندوق يتعامل مع متعاطي الاستروكس بتوفير إخصائي اجتماعي له، ثم يتم احتجازه لمدة 10 أيام، وذلك في مرحلة إزالة السموم والتعامل مع أعراض الانسحاب، أما المرحلة الثانية يخضع المتعاطي لجلسات التأهيل النفسي وتستمر لمدة 3 أشهر، والمرحلة الأخيرة الدمج المجتمعي، حيث نوفر مشروع للمتعافي أو يتم تدريبه في أحد مراكز التأهيل الصناعي”.
وعن حملات كشف الإدمان المفاجئ على موظفي المؤسسات الحكومية، يقول جمعة، إن “الصندوق يشارك في تلك الحملات، وقانون الخدمة المدنية يمنح الحق لفصل الموظف المتعاطي حال التأكد من إدمانه، لكن لو قرر الموظف العلاج وتواصل مع الصندوق ونضمن له سرية المعلومات ولا يتم فصله”.
ويشير جمعة إلى أن مخدر الاستروكس يحتل المركز الرابع من قائمة المخدرات المنتشرة في مصر، حيث يأتي الترامادول في المركز الأول، ثم مخدر الحشيش، والمركز الثالث مخدر الهيروين.
واختتم جمعة حديثه، أنه “من المتوقع أن يحتل مخدر الاستروكس مراكز متقدمة في قائمة المخدرات الأكثر انتشارا في مصر خلال الفترة المقبلة”.
وكان مدير قسم المعامل والعلوم بمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في مصر، جاستس تيتي، قال عن مخدر الاستروكس،” الأمر المخيف ليس لأنه أكثر قوة من الحشيش، ولكن أن معظم المتعاطين ليست لديهم فكرة عما يتعاطونه، المرة الأولى أو التالية قد تكون الأخيرة لك“.
وفي تقرير نشرته وكالة رويترز مؤخرا، يقول أحد المتعاطين لمخدر الاستروكس، ويدعى محمود، إنه “فقد عمله بمتجر للفاكهة بسبب الإدمان”، مؤكدا أن “الاستروكس أفضل من الحشيش، لأنه رخيص”.
ووصف محمود شعور المتعاطي عند تناول جرعة مخطر الاستروكس قائلا، “لما بتشربه تحس إن روحك هتطلع، وحاجة مش طبيعية، بتغيب عن الحياة وبيحصل لي تشنجات”.
ويضيف،”السيجارتان من الاستروكس ثمنهما 30 جنيه، إنما الحشيش السيجارة ثمنها 50 جنيه”.
ويكمل محمود، أنه” يتعاطى مخدر الاستروكس لمدة تسعة شهور ويعتاد على تعاطيه يوميا”، ويوضح “أنه في إحدى جلسات التعاطي استيقظ ليجد صديقا له قد توفي بجواره بسبب جرعة زائدة”.
وفي سبتمبر الماضي، قررت وزارة الصحة المصرية، حظر حمل أو استخدام أو تداول مواد كيميائية تُستخدم كـ«مخدرات» معروفة باسم «الاستروكس».
ويقول الدكتور هشام جمعة، الطبيب المسؤول عن أبحاث مخدر الاستروكس في صندوق مكافحة الإدمان، إن “التجار يلجؤون إلى مواد بديلة لصناعة الاستروكس تحايلا على قرار المنع، وكلما يتم حذر تلك المواد يلجأ التجار إلى مواد أخرى”.