اخبار العراق الان

ويسألونك عن عيد الأم

ويسألونك عن عيد الأم
ويسألونك عن عيد الأم

2019-03-20 00:00:00 - المصدر: وكالة الصحافة المستقلة


المستقلة – القاهرة – بقلم دكتورة هاجر عبد الحكيم

إن الحياة بأسرها والساعات والثواني ودقات القلوب وتعداد الأنفاس ولو أنفقت ما في الأرض جميعا لتصل منزلة الأمومة وتضع هدايا الكون على أعتابها ما بلغتها, فجل المقام وعلا القدر وسمت المنزلة.

يسألونك عن عيد الأم: فقول فيه منافع للناس فهل أثمه اكبر من نفعه؟

قبل الخوض في الجدل القائم منذ (63) عام، حول ايجابيات وسلبيات عيد الأم، حيث كان فكرة الصحفي المصري الراحل علي أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم، مع أخيه مصطفي أمين، وتحدد يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع، ليكون عيدا للأم ليتماشي مع فصل العطاء والصفاء والخير،وكان أول احتفال للمصريين به في 21 مارس سنة 1956م .. وهكذا خرجت الفكرة من مصر إلى بلاد الشرق الأوســط الأخرى

أود الاستفادة من التعرف سوياً على معنى كلمة (أم ) في لغتنا الجميلة.

     الأُمّ ‏هي أصل الشّيء وعِماده، مثل أمُّ القرآن : سورة الفاتحة ،  أمُّ القُرى:  مكّة المكرّمة، ‏ أمّهات الكتب : المصادر الأساسيَّة المهمَّة ،  ….الخ

كما تستخدم أم : كحرف عطف ، تأتي بعد همزة الاستفهام ، نحو : « أزيد عندك أم محمد ؟».

كما تستخدم أم للتسوية ، بعد همزة التسوية ، نحو : « سواء علي أوقفت أم قعدت ».

وفي المعجم: الغني

أمَّ البَيْتَ :أي قَصَدَهُ ، تَوَجَّهَ إلَيْهِ .

وجمع أُمٌّ : : أُمَّهَاتٌ ، الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ ( حديث ).

و أمّ : مصدر أَمَّ، أي أصبح إمام لقومه.

وبعد الإطلالة السريعة علي بحر اللغة العربية،فيحق القول: إن طال عمق البحر لأي لغة عالمية،فإن ساحل لغتنا العربية أعمق.

وعوداً إلي الجدل القديم والذي يتجدد كل عام حول المنافع والمضار من المؤيدين والمعارضين على حد سواء.

ولنبدأ بالمنافع التي يسوقها المؤيدين، ومن أبرزها المنافع الاجتماعية والاقتصادية:

​​وتتمثل المنافع الاجتماعية في أن الأم هي أعلى مراتب الحب والتضحية من غير انتظار أي مقابل فقط يسعدها ابتسامة على شفاه ولدها، فلنحاول إسعادها .. في عيد الأم والتقدم لها بأسمى الكلمات , احبك يا أمي، واخبرها عن مقدار حبنا لها .. والتقدم لها بقٌبلة على يدها ووجنتها الطاهرتين , لعلها تعبر عن الشكر لها، دعونا نضحي بيوم من أيامنا لأمهاتنا، نجلس ونستمع لها ببساطتها وطيبتها، فقد كانت كل أيامها لنا، احبك يا أمي، واشكر الله على وجودك في حياتي، فلولا كي ما كنت أحيى في هذا الوجود، أشكرك أمي، والتقدم لها بالهدايا , فهي أغلى هدية من الله لنا ولتكن بقدر المستطاع حتى وان كانت وردة جميلة، وبالنسبة للأم المتوفية أدعو الله لها بالغفران والرحمة والقيام بالصدقات الجارية على روحها الطاهرة والاستغفار لها وإنفاذ عهدها من بعدها ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها ، وإكرام أحبائها.

كما تتمثل المنافع الاقتصادية في رواج الأسواق بالمشترين والعارضين, تجارة رابحة وترويج مجاني تقدمه مشاعر الحب السائدة بين الناس بهذه المناسبة .

ولنعرض كذلك المضار التي يسوقها المعارضين، ومن أبرزها المضار الاجتماعية والاقتصادية:

فعن المضار الاجتماعية يقولون :

يمثل عيد الأم معاناة ومأساة كبيرة, وتجربة حياتية مريرة توقظ لهيب الحزن في قلوب أمهات عديدة وتدوس على لوعة الاشتياق لكل أم فقدت وليدها، ولكل أما لشهيد وأنساها الزمان بعض الألم وأعانها الله بقيمة الشهادة على الصبر, ليأتي عليها كل عام يوم تشعر فيه بالزلزال من جديد، جرح ينتاب القلوب ودموع لزمت مجرى الوجوه،ولكل أم ابتلاها الله بالحرمان من الأولاد وقد لازم الحمد لسانها ورضت بالقضاء وصبرت على ما أصابها,  تأتي هذه المناسبة لتثير بداخلها المشاعر المكبوتة والروح الإنسانية الطبيعية في قلب كل أم ترتجي ولدا، ولكل أم كان لها ولد عاق نظرت إليه في حسرة،….الخ

إن ما يحدث لهو إيلام لقطاع كبير جدا من الأمهات فاقدة الأبناء حقيقة أو مجازا , وتكسير للقلوب ودغدغة للأمل لدى هؤلاء الأمهات , إن الإنسانية الرفيقة والعقلانية الحكيمة لتقف اعتراضا على يوم يجدد الألم في نفس كل من فقد أمه وكل من فقدت وليدها.

إن الكارثة ليست كارثة أمهات فحسب , إنها كذلك كارثة أطفال يواجهون التدمير النفسي في مرحلة تنشئة الشخصية وتكوين الهيئة النفسية لديهم، إن فاقدي الأم لهم أعداد كبيرة جدا , سواء أكانوا فاقديها حقيقة أو معنى , وفي كل الحالات إنها دمعات طفل صغير  وجراح غائرة في الصدور الصغيرة. إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح , ولا يمكن أن تتساوى لحظة ألم واحدة أو دمعة تترقرق في عين سيدة لا أبناء لها أو في عين طفل صغير أو كبير فقد أمه , أو يتيم يرى بأم عينيه صديقة يقدم لأمه الهدية لتقبله وتأخذه في أحضانها .. لا تستوي المشاعر بالدموع أبدا ..إن القلوب الكسيرة لا تتحمل, حتى نذكرها كل عام بآلامها.

إن احتكار بر الوالدين من أيام العمر المعدودة وبيعة في يوم واحد هو كبيرة بكل المقاييس , احتكار للمشاعر ,  احتكار للقلوب , بيع وشراء للعواطف .

وعن المضار الاقتصادية يقولون:

ليس عيد الأم غير فكرة تاجر في اصطياد الزبائن بالإعلانات الجذابة المروجة للسلع الكاسدة بعد تغليفها وكتابه عليها (هدية ست الحبايب) ، إن شعور الابن حين يذهب إلى أبيه ليطلب منه نقودا لشراء هديه لأمه حيث يقتضب وجه الأب الذي لا يمتلك غير قوت يومه،لهو شعور مزدوج بالعوزللأب والابن معاً.

*** والمهم فهل بعد 63 عام من الجدل يسعفنا علماء الاجتماع النفس الخاص بالأمومة والطفولة بتوجيه ما يملكون من جيوش طلابية في كلياتهم، بعمل دراسات وإحصائيات علمية تبرز وترجح ايجابيات وسلبيات عيد الأم، لحسم مثل هذا الجدل في مجتمعنا الشرقي بما يحمله من خصائص عاطفية ودينية .