اخبار العراق الان

إبادة حلبجة.. قصة الرجل الذي فقد عائلته مرتين

إبادة حلبجة.. قصة الرجل الذي فقد عائلته مرتين
إبادة حلبجة.. قصة الرجل الذي فقد عائلته مرتين

2019-04-14 00:00:00 - المصدر: رووداو


رووداو - أربيل

اسمه حمة علي، وهو رجل كبير بالسن من مدينة حلبجة، لا يستطيع ان ينسى او يتناسى ما مر به، فيغوص بين هذه الازمان وتستعيد ذاكرته كل التفاصيل التي عايشها لحظة بلحظة، وقد عانى كثيراً في حياته لأنه فقد عائلته مرتين.

يقول حمة علي: " في عام 1974 عندما خرجت من الدار، قلت سأذهب وأبتاع لكم الباقلاء واللحم وما إلى ذلك، ليكون الطعام جاهزاً فقد يأتي البيشمركة إلى دارنا في المساء، ابتعت تلك الأشياء وأعددتها جميعاً، ثم عدت بها إلى الدار، وقلت لزوجتي، إن حذائي ممزق، دعيني أبتاع زوج أحذية جديداً خشية أن نضطر للهرب إلى مكان ما، جئت إلى السوق كي أبتاع الحذاء، فجاءت طائرتان وباشرتا بالقصف، من حيث (عمر خاور) إلى باب البلدية، أطلقت الطيارة الرصاص من رشاشتها على مسجد (باشا)، كنت في السوق عند محل قصابة (كاك قادر) وانبطحنا أنا والولد على الأرض".

ويضيف، "لما عدت إلى الدار، وجدتها قد وقعت على الأولاد وماتوا جميعاً تحت أنقاضها، نادينا على البيشمركة وقاموا برفع القصب والخشب والتراب عن الأولاد، كان الطفل الصغير ممسكاً بثدي أمه يرضع منه وكان فيه رمق من الحياة، فأخرجناهما، ذهبت أنا ووالدي، رحمه الله، إلى المقبرة، وقمنا بحفر قبور لهم وإعدادها، ثم عدنا لعلنا نعثر على وسيلة ننقل بها الجثث إلى هناك ثم ندفنها... لكن لحين قيامنا بذلك، كان البيشمركة قد جاؤوا ونقلوا الجثث ودفنوها في مقبرة لا أعلم أي مقبرة هي".

ويبين حمة علي، بأنه بعد بدأ الحرب العراقية الإيرانية "كانت الحكومة تجبر الناس على الانضمام إلى الجيش الشعبي... وعندما اقتادوني إلى العسكرية، نقلوني إلى جبهات الحرب بين العراق وإيران، كنت هناك، وعندما جاءت إيران واحتلت حلبجة، سمعت الخبر من الإذاعة الإيرانية في الليل، قالت بالفارسية "تم تحرير حلبجة" وقد سيطرنا على (خورمال) وغيرها جميعاً... ولم تعد الحكومة العراقية موجودة هناك".

مردفاً، "لما جئت إلى السليمانية، سألت الناس عما حل بحلبجة، فقالوا إنها اُمطرت بالكيمياوي، فهرب منها من هرب، ومن لم يهرب قتله الغاز السام... كنت أبحث عن أهلي وأولادي... هجرت الأكل والشرب ولم أكن أعرف هل أجلس أم أضطجع".

يذكر أنه في الوقت الذي كان الكورد يستعدون للإحتفال بأعياد نوروز وتحديداً في السادس عشر من آذار عام 1988، أقدم النظام البعثي البائد بقصف مدينة حلبجة الشهيدة بالسلاح الكيماوي، ما ادى الى استشهاد اكثر من خمسة آلاف شخص بين طفل وامرأة وشيخ طاعن في السن، وقضوا حتفهم في أقل من عشرين دقيقة، بالإضافة الى إصابة الآلاف منهم بجروح متفاوتة وحروق، حيث لا يمكن أن تُنسى هذه الأحداث الماساوية على مر التاريخ.

وسلطت شبكة رووداو الإعلامية، الضوء على هذه الأعمال الإجرامية والتي ترتقي الى مستوى الإبادة الجماعية، من خلال برنامج وثائقي، يتحدث من خلاله عدد من شهود عيان وأحدهم هو الشيخ (حمة علي) الذي عاش وشاهد جميع هذه المآسي، ليسرد من خلال الوثائقي هذه القصة المؤلمة، وما تعرض له الكورد الأبرياء في مدينة حلبجة على يد النظام البائد.

وكانت طائرات عسكرية عراقية قد بدأت بالتحليق في 16 اذار/مارس 1988 بسماء حلبجة وألقت بدءا من الساعة 11,35 (08,35 تغ) وطوال خمس ساعات مزيجا من غاز الخردل وغاز الاعصاب توبان وغاز السارين وفي.اكس، واسفر القصف عن مقتل حوالى خمسة الاف شخص والاف المصابين. وما زال عدد من الناجين يعانون من اثار تلك الغازات لحد هذا اليوم.