اخبار العراق الان

ما بين باريس والموصل قصة وجع

ما بين باريس والموصل قصة وجع
ما بين باريس والموصل قصة وجع

2019-04-18 00:00:00 - المصدر: رووداو


حريق كاتدرائية نوتردام في باريس سبب آلم كبير وحزن عميق لكل الشعب الفرنسي ، وتعاطف العالم بأجمعه لسقوط احدى المعالم الحضارية المهمة ، والشواخص التأريخية التي تمثل ركن مهم من تأريخ فرنسا ، ومعلم  حضاري يُصنف من  المعالم العالمية التي تحضى بأهتمام كبير من قبل السواح والزائرين ، وسبب سقوط هذا المعلم الحضاري من المعلومات الاولية المتيسرة للحادث  يعود لاعمال الصيانة والتجديد ،  والتحقيقات جارية مع عمال البناء والمتخصصين بعمليات التجديد . 

تحدث الرئيس الفرنسي ماكرون بحزن كبير تكاد لاتخرج الكلمات من فمه لعمق الآلم وشديد الآسى الذي ينتابه نتيجة الحادث ، وأصر على اعادة البناء من اليوم التالي للحادث ، وقد استثمر الحزن الوطني والعالمي لجمع تبرعات لاعادة بناء الكاتردائية وقد وصلت اول دفعة تبرع من عائلة ثرية واحدة مبلغ مقداره (٢٦٠) مليون دولار  وعمليات جمع التبرعات مستمرة بطريقة تكافلية تنم عن وعي الشعوب واحترامها لشواخصها الحضارية ومعالمها التي تشكل الجزء المهم في تاريخها ، وقد وصل اجمالي مبلغ التبرعات للحظة كتابة المقال الى (٧٥٠) مليون يورو ، فكان الحزن والارادة والوحدة الوطنية عوامل مهمة اجتمعت بمجملها لأصلاح التراث الفرنسي وترميم الذاكرة الجريحة .

تُكمن العظمة الحقيقية ليس بعدم السقوط فكل شيء آيل للسقوط ، لكن العظمة الحقيقية لمن يسقط ويتمكن من النهوض  من جديد ، ينهض ليكون درساً وعبرة  في الصبر والارادة والتحدي من اجل الاصلاح والتقدم .فاذا اجتمعت العقول والثروات والأرادة الصلبة بشعب ، تستطيع القول بانه شعب حي يصنع التاريخ ولا تغلبه المحن .

ماحدث في باريس حدث قبله في الموصل حيث سقطت احدى معالم الموصل الحضارية الشاخصة ( منارة الحدباء ) تلك المنارة التأريخية التي تمثل احد اهم الركائز الحضارية للموصل وسميت الموصل الحدباء تيمناً بمنارة الحدباء .

الحدباء تعد أحد أبرز الآثار التاريخية في مدينة الموصل العراقية، وهي جزء من  جامع  النوري الكبير الذي بني في القرن السادس الهجري، واشتهرت باسم الحدباء بسبب ميلانها.

ففي ٢٠١٧/٦/٢٢ اقدم تنظيم داعش الارهابي، على تفجير جامع النوري ومنارة الحدباء اثناء تقدم القوات الامنية في اخر معاقله بالمدينة القديمة بالجانب الايمن من مدينة الموصل، ونشرت وسائل الاعلام صوراً تدمى لها القلوب  للمنارة والجامع بعد تفجيرهما، حيث تظهر  صورة  الانقاض المتناثرة من المنارة التاريخية بعد تفجيرها برمش البصر من قبل العصابات الاجرامية، ليتحول هذا التأريخ الى ركام من الانقاض .

بيانات استنكار خجولة لاتتناسب وحجم الأثر الذي تركهُ تدمير  المأذنة وجامع النوري الذي تجاوز عمره التسعة قرون ، ذلك الموقف الجبار بالانصهار الوطني الكامل للشعب الفرنسي ازاء كنيسة نوتردام لم نرى ولا نسبة ضئيلة منه في العراق ، لم نرى من اصحاب الاموال والاثرياء موقفاً لاعادة بناء تلك المعالم ، لم نسمع من الحكومة مايعيد الامل في النفوس من خلال الاهتمام باعادة بناء هذا الأثر التاريخي المهم ، لم نشاهد وقفة صمت او حداد حزناً على تدمير معالمنا الحضارية ومتاحفنا التاريخية ، الشعوب والحكومات هي من تصنع التاريخ وتجعل له قيمة ، تستحق فرنسا الاحترام والثناء ، ويحتاج العراق اعادة النظر بثقافة احترام المعالم الحضارية والتاريخية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.