محافظ جديد للموصل مقرّب من الحشد الشعبي.. ما موقف الكتل السنّية؟
محافظ جديد للموصل مقرّب من الحشد الشعبي.. ما موقف الكتل السنّية؟
أدّى اختيار محافظ الموصل الجديد من كتلة عطاء البرلمانيّة إلى انقسام أكبر تكتّل سنّيّ في البلاد، المحور الوطنيّ، مع حملة لإقالة رئيس البرلمان محمّد الحلبوسي الذي قرّر الطعن بعمليّة الاختيار لدى المحكمة الاتّحاديّة.
من أصل 39 عضواً في مجلس محافظة نينوى، صوّت 28 لصالح اختيار منصور المرعيد لمنصب محافظ، في 13 أيّار/مايو الجاري، خلفاً للمحافظ المقال من قبل البرلمان العراقيّ نوفل العاقوب، بعد حادث غرق العبّارة في آذار/مارس الماضي والتي راح ضحيّتها أكثر من 100 قتيل.
جاء انتخاب المرعيد، وهو نائب سنّيّ في البرلمان الاتّحاديّ عن حركة عطاء التي يتزعّمها رئيس هيئة الحشد الشعبيّ فالح الفيّاض (شيعيّ)، بعد مخاض عسير شهد مفاوضات معقّدة بين الأطراف الشيعيّة والحزب الديمقراطيّ الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، أفضت أيضاً إلى انتخاب نائب أوّل كرديّ للمرعيد هو سيروان محمّد، وأدّى ذلك إلى انفراط عقد تحالف المحور الذي يضمّ غالبيّة الكتل السنّيّة في البرلمان الذي أصبح رئيسه محمّد الحلبوسي على شفا الإقالة.
وجوهر الخلاف أنّ الحلبوسي، ومعه كتلة الحلّ التي ينتمي إليها بزعامة محمّد الكربولي، كان يدعم ترشيح عضو مجلس نينوي حسام العبّار إلى منصب المحافظ، فيما أيّد زعيم المشروع العربيّ خميس الخنجر ورئيس كتلة المحور البرلمانيّة أحمد الجبّوري (أبو مازن)، ترشّح المرعيد، وعليه أعلن قادة تحالف المحور الوطنيّ إنهاء عضويّة الحلبوسي من التحالف، تمهيداً لعزله من منصبه واستبداله بشخصيّة "أكثر اتّزاناً"، بحسب بيان موقّع من تحالف المحور الوطنيّ.
في المقابل، أعلن رئيس البرلمان الحلبوسي حلّ تحالف المحور الوطنيّ، وتشكيل تكتّل سنّيّ جديد من 32 نائباً باسم "تحالف القوى العراقيّة" بعد إبعاد الخنجر وأبو مازن (الجبّوري) عنه، ودعا إلى إجراء تحقيق في عمليّة انتخاب محافظ نينوى الجديد من قبل المجلس الأعلى للفساد، بحجّة وجود شبهات فساد تتعلّق بعمليّة الانتخاب.
هذا المشهد، وبحسب النائب عن تحالف القوى العراقيّة رعد الدهلكي لا يعني خروج أيّ طرف سنّيّ من كتلة البناء التي يتزعّمها هادي العامري والتي تشكّلت في الأساس لتكون الكتلة البرلمانيّة الأكبر المكلّفة دستوريّاً باخيتار رئيس الوزراء. وقال الدهلكي إنّ "تحالف القوى العراقيّة هو أكبر الكتل التي تمثّل المحافظات المحرّرة من "داعش" (المحافظات السنّيّة)، لذا فهو الممثّل الحقيقيّ لها، ونستبعد أنّ يتمّ استبدال رئيس البرلمان الحلبوسي"، مضيفاً: "عمليّة اختيار محافظ الموصل يجب أن تخضع إلى التحقيق القضائيّ وفق الإجراءات التي حدّدها الدستور لكشف صفقات الفساد".
وفي طبيعة الحال، لن يكون تفكّك التحالف السنّيّ في البرلمان بمعزل عن باقي التحالفات في بغداد، خصوصاً الشيعيّة، فتحالف القوى العراقيّة بزعامة الحلبوسي يبدو اليوم أقرب إلى تحالف الإصلاح والإعمار بزعامة مقتدى الصدر الذي أعلن رفضه انتخاب محافظ جديد لنينوى، وطالب في 13 أيّار/مايو الماضي بحلّ مجلس محافظة نينوى، وقال في تغريدة على موقع "تويتر": "على الرئاسات الثلاث حلّ المجلس"، معتبراً أنّ "الصراعات خلف الكواليس حول المناصب في المحافظة هي من تعرقل رفع معاناة أهالي نينوى"، في إشارة منه إلى الاتّفاق الذي تمّ بين حركة عطاء والحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ، وثمنه، بحسب النائب السابق عن نينوى عبد الرحمن اللويزي، إعادة قوّات البيشمركة الكرديّة إلى المحافظة والحصول على منصب محافظ كركوك المتنازع عليه بين العرب والتركمان وحتّى بين الحزبين الكرديّين الديمقراطي الكردستانيّ والاتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ، حيث اعتبر الأخير، وعلى لسان عضو مجلس نينوى كلاويز علي، في تصريح إلى وكالة "ناس" الإخباريّة أنّ "الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ قفز على كلّ التوافقات السياسيّة التي بيننا واختطفت منصب النائب الأوّل لمحافظ نينوى لصالحه، مع أنّ المنصب هو من حصّة حزب الاتّحاد الكردستانيّ".
من جهته، قال النائب عن محافظة نينوى حنين القدو إنّ "الوضع في نينوى معقّد جدّاً، وإذا ما استمرّت الخلافات السياسيّة على حالها، فإنّ ذلك سيزيد من تردّي الوضع الأمنيّ، خصوصاً إذا ما رفضت رئاسة الجمهوريّة المصادقة على المحافظ الجديد أو قبلت طعون الأطراف المعترضة".
ورأى القدو أنّ الحلّ في نينوى بعد عودة نشاط الخلايا الإرهابيّة هو "عزل الإدارة المحلّيّة وتشكيل حكومة طوارئ بقيادة عسكريّة لمنع عودة "داعش"".
وبالفعل، تعاني نينوى من هجمات متكرّرة من قبل التنظيم المتطرّف كان آخرها الهجوم على قرى غرب الموصل في 18 أيّار/مايو الماضي، حيث حمّل الحشد الشعبيّ قيادة عمليّة الموصل مسؤوليّة هذا الخرق الأمنيّ الذي أدّى إلى مقتل 4 أشخاص وإتلاف بعض الممتلكات الخاصّة.
كما أعلن الحشد الشعبيّ إعادة نشر قوّاته في نينوى، وكشف في بيان عن خطّة أمنيّة جديدة لحماية المناطق في المحافظة، نافياً الأنباء التي تحدّثت عن انسحابه من المناطق الغربيّة للموصل، على الرغم من مطالبات سابقة بإخراج الحشد الشعبيّ من الموصل، كان أبرزها تلك التي صدرت عن نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك في الشهر الماضي.
وجود الحشد الشعبيّ في محافظة نينوى وانتخاب محافظ قريب من قادة الحشد، دفعا محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي إلى الاعتبار، في تصريحات إلى قناة روسيا اليوم، أنّ "إيران أكملت تغلغلها في الموصل". واعتبر شقيقه، رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي أنّ محافظ الموصل الجديد "إدارة إيرانيّة"، وأنّ طهران أحكمت سيطرتها على المحافظة، وأردف في تصريح إلى قناة الشرقيّة العراقيّة: "سنبقى ندافع عن عروبة الموصل".
الانقسام السنّيّ الحاليّ سيبلور، على ما يبدو، تحالفات أو تفاهمات برلمانيّة جديدة بين كتل النجيفي (من تحالف الإصلاح والإعمار) والحلبوسي والكربولي (من تحالف البناء)، ستؤثّر على الشكل النهائيّ للحكومة الاتّحاديّة المنقوصة حتّى الآن، وربّما إلى اختلال ميزان القوى لصالح تحالف الإصلاح والإعمار بزعامة الصدر الذي ألمح في أكثر من مناسبة إلى نيّته تغيير الحكومة، كما سيحوّل هذا الانسقام مدينة الموصل إلى ساحة لتصفية الحسابات حتّى موعد الانتخابات المحلّيّة، التي لن تتمكّن السلطات الاتّحاديّة من تنظيمها، في ظلّ أجواء التخوين والمخاوف الأمنيّة الحاليّة.