اخبار العراق الان

ما الفرق بين الجمال الملائكي والبشري؟.

ما الفرق بين الجمال الملائكي والبشري؟.
ما الفرق بين الجمال الملائكي والبشري؟.

2019-06-15 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية


علي حسين عبيد

الزمن له سطوة على الناس والأشياء، هناك قول للإمام علي (وكل قويٍّ للزمان يلين)، ويقول سياسي أسترالي من أصل بريطاني اسمه كاسيدي (حتى العظماء يذلهم الزمن)... لكن أحيانا الجمال وحده يتخلص من سطوة الزمن، نعم تُصاب الأجساد بالهرم، وتذبل العيون، وتتجعَّد الخدود، وتغزو الأخاديد الجباه، لكن هناك جمال يهزم الزمن، وهو الوحيد القادر على تحقيق هذه النتيجة المذهلة..
أمس حدثتكم عن حبيبتي التي كانت تمرق هي وأمها صباحاً من أمام المقهى أو الكازينو التي كنت أعمل فيها، واحصل على رزقي اليومي منها، وأخبرتكم بأن حبيبتي كانت ترمقني بنظرة خاطفة تمسح تعب ساعات العمل الطويلة، حدث هذا قبل أربعين عاما، لقد غابت تلك الطفلة في غياهب الزمن، لا ادري أين رحلت، وما الذي حلّ بها، هل تزوجت، هل نجحت في حياتها، هل ماتت؟ لا أعلم عنها أي شيء، وبقِيَتْ خيالا ملائكيا يتراقص في فضاء ذاكرتي، كلّما خطف طيف الجمال أمام بصري..
أمس قبل أن أنام رأيتُ حبيبتي الضائعة، لا تستغربوا ذلك، لقد حدث هذا فعلا، أقسم لكم بحياتي، هي نفسها التي كانت تمر من أمام المقهى (قبل أربعين عاما من الآن) وتمنحني النظرة التي تساوي عندي جمال الكون كلّه، رأيتُها بجمالها الملائكي نفسه، لم تتغير، هي تلك الطفلة البريئة المشعّة كشمس الفجر، العجيب أنها لم تكبرْ، لم يتجعّد جبينها المضيء، ولا وجهها، شعرها أسود فاحم مسترسل يتموج فوق متنها كما كان سابقا، لاشيء تغيّر فيها، لقد صمد الجمال هذه المرة وهزم الزمن بقوة..
هناك مشكلة أيها الأصدقاء، أنا كبرتُ، تحزَّز جبيني وتجعّد وجهي، وابيضَّ شعر رأسي، وهزمني الزمن، أيها الأصدقاء، أنا لم أعد مناسبا لها، لأنها صمدت بجمالها بوجه الزمن... ليس هناك حل كما يبدو...
حتى هي تعاملت معي وكأنني رجل غريب عنها، إنها لم تعرفني، وهذا من حقها طبعا، ليس هذا عقوقا أو جحودا أو خيانة، فلا يصحّ أن نساوي بين جمال ملائكي لم يهزمه الزمن، وبين جمال مادي أحاله الزمن إلى شلال من الألم المتواصل..........