اخبار العراق الان

عاجل

ما بين جامعة الانبار ومستشفى الديوانية !!

ما بين جامعة الانبار ومستشفى الديوانية !!
ما بين جامعة الانبار ومستشفى الديوانية !!

2019-08-18 00:00:00 - المصدر: وكالة الصحافة المستقلة


سهاد مهند العلي

طالعتنا مختلف المنصات الاعلامية قبل ايام بعدة احداث مؤسفة كثيرة حصلت في مختلف مناطق العراق, وبعض منها يحمل دلالات خطيرة في انحدار سلوك بعض الافراد داخل المجتمع العراقي, ومن أهم تلك الاحداث واهمها, ما حصل مع الطفلة رفيف من اهمال الكادر الطبي في مستشفى الديوانية التعليمي  والذي راح ضحيته طفلة بريئة بعمر الزهور, وما حصل مع طالب كلية الحاسوب في جامعة الانبار في مدينة الرمادي, والاعتداء عليه بشكل قاس بعيدا عن لغة العقل من قبل حرس الجامعة ب الة حادة كادت ان تودي بحياته لولا لطف الله .

والمراقب لكلا الحادثتين سيصل الى نتيجة مقلقة ومحزنة ومخيفة مفادها ان طيفا واسعا في المجتمع العراقي لا تمتلك ثقافة الحوار, وينزلق معظم افراده باتجاه العنف غير المبرر, وبالطبع فإن الطفلة و الطالب المعتدى عليه, كلاهما  ضحية للتعامل الجاف والقاسي واللامبالاة والعقلية المتشنجة والسلوك المتهور لموظفي الدوائر العراقية, والتي من المفروض ان تمثل قمة الرقي في التعامل مع الناس والمراجعين.

والحادثتان تشتركان في اعطاء دلالات واضحة على ان الانسان العراقي في بلده ممتهن وليس له كرامة وليست له حقوق, والا كيف نفسر بقاء الطفلة تنتظر يومين الاجراءات اللازمة لإنقاذ حياتها لكن دون جدوى, وكيف نفسر بقاء الطالب المعتدى عليه خمسة ايام منتظرا بباب رئيس  الجامعة لعرض الموضوع امامه !!, ثم لنتفاجأ مرة اخرى وبعد أقل من عشرة ايام بحادث ثاني لا يقل قسوة عن حادثة الجامعة وهو تعرض معلم للغة الانكليزية في مدينة هيت غرب الانبار للضرب المبرح امام بيته وبين افراد عائلته وعلى طريقة موظفي جامعة الانبار!!.

ومن الطبيعي والمألوف أن المجتمعات المتحضرة وحتى المتخلفة منها عندما يعاني المجتمع من مشكلة, أو خلل ما, فيتم اللجوء الى الجامعات لكي تأخذ دورها الريادي في قيادة المجتمع  وتوجيهه الوجهة الصحيحة, وتعمل على ايجاد لغة حوار حضارية بين افراده ومكوناته بعيدا عن لغة العنف والعدوان, لكننا هنا نجد أنفسنا في ورطه كبيرة, والسبب أن الجامعة هي نفسها صارت جزءا من المشكلة بدلا من ان تكون جزءا من الحل, والمصيبة أن جامعة الانبار وبعد تجاهلها للحادثة اضطرت للتعليق عليها, وليتها لم تعلق !!.

فقد جاء تعليق الجامعة على الحادثة ببيان متشنج وغير مدروس, ما لبثت ان عادت ومحته بعد ان انتبهت الى أنها وقعت في مطب اخر حينما استخدمت في بيانها لغة فجة ومتعالية وضحلة, لا يحتملها الموقف وغير مناسبة البتة, لتعود وتعدل بيانها المتسرع لتتدارك الموقف, ولتلجأ في النهاية الى الحل العشائري  وذلك بدفع الجزية للطالب لعلها تُسكت منتقديها وتهدأ من فورة الشارع, واذا كانت طريقة التعامل القاسية وغير الحضارية هي السائدة في جامعة حكومية تابعة لوزارة التعليم العالي فكيف يكون الامر في الشارع؟؟, وهل عجزت جامعة الانبار وهي التي تعج بعقول اساتذتها وشهاداتهم العليا عن أيجاد طريقة راقية للتحاور مع الطلاب غير تلك الطريقة العنيفة والبدائية بشج الرؤوس؟.

وأنا اجزم ان تهاون واهمال ادارتا المستشفى و الجامعة هما المسؤولان اولا واخرا عن الحادثتين, فلو وجد الموظفون النموذج الاداري الناجح والمنضبط  لاتخذوه مثالا لهم لكنهم تعاملوا بوحي من اداراتهم الفاقدة لروح التعاون والالتزام,  ونتمنى أن تأخذ وزارتا الصحة والتعليم العالي الاجراءات الرادعة بحق المخالفين وان تقيم دورات توعية مكثفة لزرع وترسيخ مبدأ مهم وهو ان حياة الانسان غالية وان كرامته ليس لها ثمن, وان المجتمع بحاجة الى موظفين يخدمون اهلهم لا الى موظفين مولعين بشهوة الاعتداء والاهمال وازهاق حياة الابرياء.