يوسف شاهين ونادين لبكي يجتمعان في دهوك
استعراض للأفلام السينمائية العربية المشاركة في الدورة السابعة من مهرجان دهوك السينمائي الدولي
كوثر جبارة/ دهوك
يسترجع مهرجان دهوك السينمائي الدولي في دورته الحالية العديد من كلاسيكيات السينما العربية التي يرجع تاريخ إنتاجها إلى خمسينيات القرن الماضي، فضلا عن العديد من الأفلام العربية حديثة الإنتاج، توزعت الأفلام العربية المنتقاة للاشتراك في هذه النسخة من المهرجان على مدى يقترب من سبعين سنة، ولم تقتصر على صنف واحد، وإنما شملت الأفلام الروائية بنوعيها الطويل والقصير، فضلا عن الأفلام الوثائقية، ولم تحصر هذه الأفلام في دولة عربية واحدة وإنما غطت المشاركات أغلب الدول العربية، معززة في مضامينها قيم التسامح والتعايش التي اختيرت لتكون ثيما خاصا للدورة السابعة من هذا المهرجان.
من الأفلام الكلاسيكية العربية التي اختيرت للاشتراك في نسخة هذا العام من المهرجان الفيلم اللبناني (إلى أين؟ 1957) للمخرج جورج نصر الذي يحكي قصة رجل يهاجر خارج لبنان لمدة عشرين عاما ليعود بعدها فيجد نفسه منكرا في بلده، ويجد ابنه يخطط للهجرة فتعاد المأساة من جديد! والفيلم بالأبيض والأسود، اشترك في كتابة السيناريو جلال الشرقاوي مع جورج نصر، وهو من تمثيل نزهة يونس، شكيب خوري، منير نادر، وهيام يونس.
يحضر عبقري السينما المصرية وأسطورتها الراحل (يوسف شاهين) في هذا المهرجان بفيلمه (اسكندرية ليه؟ 1979) الذي هو الفيلم الأول من سلسلة أفلام صنعها وأخرجها شاهين تعكس سيرته الذاتية، وتبعه بعد ذلك بأفلامه الأخرى (حدوتة مصرية، اسكندرية كمان وكمان، واسكندرية نيويورك)، وتميز هذا الفيلم بأنه لم يقتصر على حياة مخرجه، وإنما عرض لطبيعة الحياة في الاسكندرية في فترة الحرب العالمية الثانية من خلال الشاب الحالم المحب للسينما (يحيى شكري) الذي يعيش مقسما بين أحلامه التي تأخذه إلى هوليوود وبين واقعه أبان الحرب ولاسيما وهو ابن عائلة من الطبقة الوسطى، متسائلا عن معان جديدة للحياة وسط أهوال الحرب وآلامها، وقد حاز هذا الفيلم على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين عام 1979.
للمرأة حصة في مهرجان دهوك السينمائي، بوصفها صانعة للسينما فضلا عن كونها موضوعا للعديد من الأفلام، أما كونها صانعة فقد تجسد باختيار العديد من الأفلام لمخرجات أناث من مختلف أنحاء الوطن العربي كمصر ولبنان وتونس، إذ اختير من كلاسيكيات السينما التونسية أول فيلم روائي تونسي من إخراج مخرجة أنثى للعرض في المهرجان، وهو فيلم (فاطمة 1975) للمخرجة التونسية سلمى بكار، وهو فيلم وثائقي بالألوان يعرض طبيعة حياة النساء في تونس بين العامين 1930 و 1975، ويُذكر أن هذا الفيلم قررت الحكومة التونسية منعه بعد عرضه لمرة واحدة فقط.
وبالانتقال إلى سينما بلاد الشام، فإن سوريا سيمثلها فيلم المخرج والممثل الرائد محمد ملص (الليل 1992) الذي يعرض فيه ملص سيرته الذاتية وتفاصيل مجتمع كان عاش طفولته بين أبنائه في المدينة التي عاش وتربى فيها، وصارت ركنا جوهريا من وجدانه الشخصي، والفيلم مأخوذ عما يشبه السيرة الذاتية التي كتبها محمد ملص في رواية حملت اسم (مذكرات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب)، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا ومن تمثيل صباح جزائري، فارس الحلو، عمر ملص ، والراحل رفيق سبيعي .
وإن ألقينا نظرة مقربة إلى الأفلام العربية المعاصرة التي اختار مهرجان دهوك السينمائي الدولي عرضها في دورته السابعة نجدها جميعا تدور في فلك التعايش الذي اختاره المهرجان شعارا له وثيما لأفلامه. ومن أبرز أفلام القرن الحادي والعشرين التي يعرضها المهرجان فيلم دخل المنافسة على السعفة الذهبية في كان 2002، وهو ملحمة تنقل وقائع الحب والألم من وجهة نظر مخرجه الفلسطيني إيليا سليمان، التي عرضها بوساطة قصة حب بين رجل من القدس وامرأة من رام الله وما يواجهه هذا الحب من عقبات في فيلمه (يد إلهية).
الفيلم الوثائقي السوري (ماء الفضة 2014) لأسامة محمد ووئام سيماف بدرخان الذي قدم لمحات عن الحياة في سوريا أيام الحرب بشكل سينمائي يشار له بالبنان سيكون حاضرا في المهرجان.
(كفر ناحوم) لم يغب هذا الاسم عن الأخبار الفنية والثقافية ولا عن الأوساط السينمائية في العامين الأخيرين، بعد أن استطاعت مخرجته اللبنانية نادين لبكي أن تتنافس على السعفة الذهبية في كان 2018 وتنتزع جائزة من لجنة التحكيم في المهرجان نفسه وأن تصل إلى الأوسكار بهذا الفيلم أيضا، سيعرض (كفر ناحوم) في أيام مهرجان دهوك السينمائي ضمن الأفلام الروائية العربية الأحدث إنتاجا.
أما الأفلام العراقية الناطقة بالعربية فيعرض العديد منها، في قسم الوثائقيات والأفلام الروائية كذلك، أما الروائية فسيعرض منها للمخرج محمد الدراجي فيلم (ابن بابل 2009) الذي يتناول مأساة الفقد، من خلال طفل وجدته المسنة وهما يبحثان عن بقية العائلة بعد أحداث سقوط العهد البائد بأسابيع قليلة متنقلين بين شمال العراق وجنوبه، وللمخرج نفسه يعرض في قسم الأفلام الوثائقية الفيلم (العراق حب، حرب، رب، وجنون 2008). كما ويعرض ضمن الأفلام الوثائقية المشاركة في المهرجان فيلم للمخرج زرادشت أحمد بعنوان (لامكان للاختباء) الحائز على جائزة أفضل مخرج، في مهرجان "أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي" في طنجة.
يعرض كذلك في أيام المهرجان الفيلم الروائي الطويل الذي مثل فلسطين في جائزة الاوسكار لعام 2018 للمخرجة آن ماري جاسر (واجب 2017) الذي يكشف الخلاف بين وجهات نظر جيلين من خلال وجهات نظر أب وابنه يجمعهما واجب واحد.
ويعرض من لبنان للمخرجة البارزة جوسلين صعب فيلميها الشهيرين (دنيا 2005) الذي منعته العديد من الدول من العرض لمناقشته لموضوع شديد الحساسية هو ختان الأناث في مصر، أما الآخر فهو فيلمها القصير المعروف (أطفال الحرب1976).
ومن المثير للانتباه حضور المملكة العربية السعودية ربما للمرة الأولى في أيام المهرجان بفيلم لمخرجة وممثلة شابة بعنوان (حُرمة 2012) الذي تناقش فيه عهد كامل بوصفها بطلته ومخرجته بجرأة مسألة الصداقة بين الجنسين في مجتمع يحرم فيه الاختلاط.
وتحضر المخرجة رنا عيد في فيلمها الوثائقي (بانوبتيك 2017) موجهة في فيلمها رسائل حب لأبيها ومدينتها سنتطلع إلى تفاصيلها في دهوك.
وفي قسم الأفلام القصيرة يعرض فيلم (موج 98) للمخرج اللبناني إيلي داغر الذي يحمل معه أملا بأن يفيق بطله على ماهو غير اعتيادي ولا مألوف.
وبالاشتراك بين الكويت والجزائر في فيلم (قنديل البحر) تختلط الأسطورة بالواقع ونرى هذا الامتزاج بعين مخرجه الفرنسي من أصول جزائرية داميان أونوري.