اخبار العراق الان

عاجل

هل يؤسس التعداد السكاني لهوية وطنية أم لأزمة ؟

هل يؤسس التعداد السكاني لهوية وطنية أم لأزمة ؟
هل يؤسس التعداد السكاني لهوية وطنية أم لأزمة ؟

2019-08-22 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية


علاء الخطيب

لم يشهد العراق منذ العام 1987 أي تعداد سكاني شامل بالرغم من اجراء التعداد السكاني في العام 1997 إلا أنه لم يشمل المحافظات الشمالية ( أربيل ودهوك والسليمانية ) ، لذا فهو من البلدان التي لا تمتلك احصاء رسمي بعدد السكان، وكل ما يصدر عن المؤسسات ومراكز الأبحاث في هذا الشأن هو تكهنات تعتمد على إحصاءات قديمة جدا أو على مرجعيات إحصائية أخرى، مثل بطاقة التموين الصادرة عن النظام السابق أو سوى ذلك من وسائل يشوبها هامش كبير من الخطأ يخل بحقيقة الواقع السكاني
وهذا ما يعيق خطط الدولة في التوزيع العادل للثروة والتنمية البشرية وانشاء المشاريع الخدمية , وعدم معرفة نسب الأمية والبطالة والمستوى المعيشي و التوزيع الجغرافي للسكان وعدد سكان القرى والأرياف والمدن ونوع الخدمات الموجودة .
لذا أعلنت حكومة السيد عادل عبد المهدي عن اجراء تعداد سكاني عام مطلع العام 2020، إلا ان هذا التعداد يواجه تحديات كبيرة ومعضلات جمه، منها المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها ، فقد اصرت بغداد ان تكون بطاقة التعداد السكاني خالية من حقل القومية والطائفة والدين ، وهذا ما يؤسس لهوية عراقية على قاعدة الوطن ، وهي خطوة على طريق توحيد الهوية العراقية لكن حكومة أربيل تصر على وضع حقل للقومية، وذلك لأسباب سياسية ، اذ أن التغيير الديموغرافي الذي مارسته حكومة أربيل فيما يسمى بالمناطق المتنازع عليها وجلب أعداد كبيرة من مناطق مختلفة في الشمال و إسكانهم في كركوك، وتغيير في سجلات النفوس للعام 1957م , هذا ما قاله تورهان المفتي الذي طالب بتأجيل التعداد في كركوك لانها تتعرض لتغيير ديموغرافي، وليس في المناطق الاخرى الحال أفضل ، اما بالنسبة لـ نينوى واقضيتها ونواحيها خصوصا سنجار وربيعة وتلعفر وسهل نينوى وفي ديالى في السعدية وخانقين وكفري وجلولاء هي الاخرى تعرضت للتغيير . بالإضافة الى ذلك هناك سبب اقتصادي يجعل أربيل تصر على وضع حقل القومية وذلك لممارسة المزيد من الضغط على بغداد وابتزازها . فقد ذكر تقرير موقع الاستخبارات الأميركية (Fact Book) ان العرب يشكلون 75-80%، الأكراد 15% - 20%، والتركمان والسريان والآخرين 5%. وهذه النسب في عموم العراق, اما نسبة الكرد في المحافظات الشمالية الثلاث يبلغ 13.2%, وهذا يعني ان حصة اربيل والسليمانية ودهوك من الميزانية هو 13% وليس 17% . واذا أضفنا أعداد الاكراد في المناطق المتنازع عليها وبقية المحافظات الذين هم أصلا سكان محافظات اخرى ومحسوبون على ميزانية المحافظات تلك فتصبح النسبة بحدود 20%.
الإصرار على وضع حقل القومية والدين والطائفة هو تكريس لثقافة المكونات وتعميق للمحاصصة ، وتذويب لمفهوم الشعب الواحد والوطن الواحد .
ان استمرار العراق بدون احصاء سكاني شامل, هو استمرار إعاقة التطورالحضاري, واستمراراً للفساد والظلم , وكذلك هو تعطيل لعملية التنمية السكانية والبشرية معاً . بدون الاحصاء السكاني لا نستطيع معرفة حاجنتنا لعدد المدارس والمستشفيات والوحدات السكانية ولا حتى المواد الغذائية وكمية المياه. وهذا يعني ان المواطن سيبقى عرضة لمافيات الفساد الطبي والتعليمي .
التعداد السكاني يعني التخطيط للمستقبل بكل ابعاده, فالدول المتقدمة تعتمد في نموها وتطورها على قاعدة بيانيات رصينة , يمكن من خلالها ان ترسم خطة لعشر سنوات قادمة او لربما لعشرين سنة.
كيف يمكن معرفة الزيادة السكانية دون تعداد شامل لكل عشر سنوات ووضع الاحتياجات للاجيال القادمة .
الوقوف بوجه التعداد السكاني الوطني او عرقلته هو إعاقة لكشف الفضائيين من المتقاعدين والقوى الامنية والجيش والبيشمرگة والموظفين .
يجب ان يكون التعداد السكاني خطوة نحو توحيد الهوية العراقية ومغادرة نهائية لدولة المكونات والطوائف لا ان يكون سبب أزمة جديدة تقف على أبواب الوطن .
لذا ادعو كل العراقيين للوقوف ضد ادراج حقل القومية والطائفة والدين ، وهذا موقف وطني سيحاسبون عليه وستذكره الاجيال القادمة .
التعداد السكاني القادم عبارة عن مفترق طرق بين الدولة لعداقية الواحدة او الدول العراقية العرقية المتعددة بين الشعب العراقي الواحد أوالشعوب العراقية.

هل يؤسس التعداد السكاني لهوية وطنية أم لأزمة ؟