اخبار العراق الان

عاجل

هل تريد السعودية تقسيم اليمن؟

هل تريد السعودية تقسيم اليمن؟
هل تريد السعودية تقسيم اليمن؟

2019-08-25 00:00:00 - المصدر: النبأ


بعد مواجهات استمرت ثلاثة أيام في أغسطس (آب) الجاري، سقطت مدينة عدن من أيدي ألوية الحرس الرئاسي التابعة للحكومة التي شكلتها السعودية، في العاصمة المؤقتة للحكومة الموالية للتحالف الذي تقوده السعودية للحرب على اليمن.

استولت على عدن وقصر معاشيق الرئاسي بها ما يعرف بـ"قوّات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي المُؤقّت" المدعومة إماراتيًا. والآن وبرغم الحديث عن تراجع انتشار هذه القوات، يستمر الانفصاليون بتمسكهم بإدارة مدينة عدن، بل والتلويح بالتمدد إلى محافظات جنوبية أخرى، فيما تظهر السعودية التي يُشاع أنها تعرضت في اليمن لخذلان إماراتي متواطئة مع أبو ظبي، توافق تحركاتها التي تهدف إلى إضعاف اليمن وتمزيقه.

ويعتقد العديد من اليمنيين أن كلا من السعودية والإمارات يؤدون أدوار متناقضة ظاهريًا لكنها تهدف في المحصلة لإضعاف اليمن، إذ تعمد التحالف إنهاك أبرز حلفاء السلطة المدعومة من قبله، وهو "حزب الإصلاح" الاخواني، فالسعودية تدعم الحزب ضد انصار الله، والإمارات التي لم تكف عن اغتيال قادة الحزب تدعم المليشيات الانفصالية في الجنوب ضد الحزب. وفيما تريد الإمارات الاستيلاء على الجزر والموانئ في الجنوب، تريد السعودية السيطرة على مناطق في الشمال والشرق.

الانقلاب في عدن.. دلائل استبعاد الخلاف السعودي الإماراتي

في يوليو (تموز) الماضي، اتضح وجود قرار إماراتي بالانسحاب الجزئي من اليمن أو كما أسماه الإماراتيون "انتقال من استراتيجية القوة العسكرية إلى استراتيجية السلام أولًا"، وكان من المؤكد أن أبو ظبي لم تكن لتقدم على هذا الانسحاب قبل أن تثق بقوة الميليشيات اليمنية التي دعمتها في الإبقاء على النفوذ الإماراتي في الكثير من مناطق الجنوب، وخاصة في الموانئ والجزر والثغور ذات الأهمية الاستراتيجية.

لذا قال مسؤول إماراتي لوكالة أنباء "رويترز": "لا يعترينا أي قلق بشأن حدوث فراغ في اليمن لأننا دربنا 90 ألف جندي يمني في المجمل، هذا أحد نجاحاتنا الكبيرة في اليمن"، وبناء على ما سبق كان واحد من أقوى الدوافع التي قُرأت في قرار الانسحاب الإماراتي من اليمن، هي محاولة الإمارات التبرؤ من خطوات عملية بعد إعلان الانسحاب الإماراتي لتحقيق الانفصال اليمني، وقد تحقق ذلك بالفعل في 10 أغسطس الحالي حين سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًّا والذي يدعو إلى انفصال الجنوب، على عدن.

وفيما حملت حكومة هادي الإمارات مسؤولية استيلاء الانفصاليين على القصر الرئاسي في عدن، وطالبت أبو ظبي بوقف دعمها المادي والعسكري فورًا للانفصاليين في الجنوب، سارع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد للذهاب إلى السعودية بعد ساعات من سقوط عدن، فاستقبله نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في المطار الدولي في جدة، وهو الاستقبال الذي حمل رسالة سياسية ودبلوماسية على وقع ما يجري في جنوب اليمن.

ليأخذ اليمنيين بحشد أدلة تنفي فرضية وجود خلاف سعودي إماراتي على ما يحدث في عدن، وفيما تزامنت أحداث عدن مع موسم الحج الذي منحت فيه السعودية الحجاج اليمنيين بطاقات تعريفية صنفتهم بين الجنوب والشمال، برزت موجة إعلامية سعودية -غير عفوية- تجاه تقسيم اليمن، منها ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية تحت عنوان "قد يكون الحل في اليمن: يمنين".

وجاء في هذا المقال: "بعد السنوات الخمس الأخيرة العجاف.. هل أصبح سيناريو عودة اليمنين؛ واحد في الشمال وآخر في الجنوب، أحد السيناريوهات المقبولة والمحتملة إنسانيًا للخروج من مأزق الحرب الضروس؟"، ويقترح الكاتب الذي حذر من نشوء يمن جنوبي ضعيف: "نشوء دولة حقيقية وحديثة في اليمن الجنوبي تكون قادرة على بسط نفوذها على كل الداخل الجنوبي، وقادرة على تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب، كما تكون قادرة على مواجهة التطرف المتمثل في القاعدة وداعش".

فيما غرد الكاتب السعودي تركي الحمد مؤيدًا انفصال شمال اليمن عن جنوبه بالقول: "ما أراه أن أهل الجنوب العربي بلغ بهم السيل الزبى، فلا رابط يربطهم بالشمال اليمني، لا ثقافيًا وبالذات الثقافة السياسية، أنا شخصيًا مؤيد لعودة الأمور كما كانت قبل 1990، فالوحدة الحالية هشة وغير قابلة للحياة، ولكن التوقيت الحالي غير مناسب للمطالبة بما هو حق".

المواقف السعودية السابقة جعلت اليمنيين يتحدثون عن أن السيطرة على مدينة عدن تكشف عن خذلان سعودي للموالين، إذ إن الرياض وعدت هادي بالمساندة والتدخل لوقف، ولكنها لم تفعل، كما أن القوة العسكرية السعودية أسفل قصر الرئاسة في عدن "ظلت متفرجة وفق ما طُلب منها" كما تقول المصادر اليمنية.

بل يذهب بعض اليمنيين إلى أن السعودية لم تكن غافلة عن المشروع الإماراتي في خاصرتها الجنوبية، فالرياض تريد يمنًا منقسمًا ضعيفًا لا يستغني عنها، وهي تحارب وجود حكومة شرعية قوية، وتقوم على مشروع تمزيق اليمن وإغراقه في دائرة الفوضى.

هل غيرت السعودية سياستها في اليمن؟

بعد خمس سنوات من الحرب على اليمن، بدا واضحًا أن التدخل السعودي في اليمن أصبح ورطة كبرى واستنزافًا مستمرًا للرياض، خاصة أن بداية عام 2019 شهدت تغيرات واضحة في معادلة الحرب، فقد أصبح بمقدور اليمنيين تجاوز الدفاعات الجوية السعودية وإصابة أهدافها.

الوضع السابق دفع السعودية التي تعنى لآخر نفس بالحفاظ على مكتسباتها في اليمن، للبحث في صفقة مع الحوثيين بشأن إنهاء الحرب، خاصة بعد التقارب الإماراتي الحوثي الذي شكل ضغطًا على السعودية، ففي السادس من الشهر الجاري، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن السعودية تدرس مقترحات لإجراء محادثات مباشرة مع الحوثيين، ونقلت الصحفية عن مسؤول سعودي للصحيفة قوله إن "المملكة لا تريد أن تجر إلى حرب طويلة في اليمن، لكنها بالمقابل لا تريد أن تبدو ضعيفة أو أنها تضررت في هذا الملف، خاصة مع التوتر الحاصل في المنطقة بسبب الأزمة مع إيران".

وشددت الصحفية على أن الرياض "تبحث عن حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن، والتي لطخت سمعتها داخل الولايات المتحدة بسبب عدد الضحايا الذين سقطوا في الحرب"، وكانت وكالة رويترز قد نشرت في مارس 2018 معلومات عن وجود محادثات سرية بين السعودية وخصومها الحوثيين في محاولة لإنهاء الحرب، وأكدت الوكالة أن تلك المحادثات قد تجاوزت حكومة هادي.

يقول الصحفي اليمني عبدالله دوبله أنه لا يمكن الجزم بوجود اتفاق سعودي إماراتي فيما يخص تحركات الانتقالي في عدن، وأيضًا لا يمكن الجزم بوجود خلاف، ويوضح: "السعودية هي من سلمت الجنوب اليمني بشكل رسمي للإمارات، والإمارات شكلت مليشيات على مرأى ومسمع من السعودية، لكن ما حدث في عدن مؤخرًا لا أعتقد أنه تم بموافقة سعودية كون الأمر يحرج السعودية كثيرًا وينتقص أيضًا من شرعية تدخلها في اليمن".

ويتابع دوبله القول: "الأمر معقد، يبدو أن هناك اتفاقًا إلى حد ما بين الإماراتيين والسعوديين، وأيضًا هناك اختلاف أجندة بين الطرفين وهو ما يتضح من خلال التحرك الإماراتي المنفرد في عدن".

وحول احتمالية أن تضحي السعودية بتقسيم اليمن من أجل إنهاء الحرب والخلاص من ورطتها في اليمن، يقول دوبله أن هذا الخيار وارد، إذ يمكن أن تذهب السعودية إلى تقسيم اليمن، لكنه يرى أن مسألة تقسيم اليمن مسألة غير سهلة وغير عادية يتطلب الأمر أولًا الاعتراف من الأمم المتحدة، وثانيًا موافقة الجمهورية اليمنية وهذا مستبعد تمامًا، ويبين الصحفي اليمني: "أقصى ما يمكن أن تفعله السعودية هو وجود جمهورية أشبه بجمهورية صوماليلاند التي لم يعترف بها أحد منذ عام 1990.