اخبار العراق الان

"هسه البرلمان كله صدام".. عراقيون ينتفضون على الفساد والبطالة

"هسه البرلمان كله صدام".. عراقيون ينتفضون على الفساد والبطالة

2019-10-28 00:00:00 - المصدر: الحرة


تغطي سحب بيضاء شوارع العراق، ليس نتيجة الدخان المسيل للدموع هذه المرة، بل هي ألوان زي طلاب المدارس وطلبة كليات الطب الذين انضموا إلى الشباب المحتجين الذين يشكلون غالبية السكان، ولكن يعتبرون الغائب الأكبر عن دوائر الحكم.

تقف فتيات وفتيان جنبا إلى جنب، غالبيتهم خرجوا إلى التظاهرات بعدما أبلغوا أهلهم أنهم ذاهبون إلى المدرسة، كي لا يثيروا قلقهم بعد مقتل أكثر من مئتي شخص غالبيتهم من المتظاهرين، منذ انطلاق الاحتجاجات مطلع أكتوبر.

يصرخ هؤلاء بأعلى أصواتهم "يا عادل (...) يا قائد النشّالة"، متوجهين إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

في بلد يحتل المرتبة الثانية عشرة في لائحة البلدان الأكثر فسادا في العالم وفق منظمة الشفافية الدولية، يقول طارق، وهو طالب طب أسنان في سنته الثالثة، صاحب شاربين أسودين: "كل منهم يسرق المليارات والمليارات والشعب ما شاف منهم شي".

"برلمان صدام"

منذ سقوط نظام الدكتاتور السابق صدام حسين في العام 2003، أدى الفساد في الدولة إلى تبخر 410 مليار دولار من الأموال العامة. كما أن نظام المحاصصة المعقد لتوزيع المناصب بحسب الطوائف والمذاهب والإثنيات، عزز المحسوبيات من دون ترك أي أفق مفتوح أمام الشباب الذين يعاني ربعهم من البطالة عن العمل.

وتقول طالبة الإدارة المالية رفل التي تتظاهر في ساحة التحرير في بغداد: "كان لدينا صدام واحد، هسه البرلمان كله صدام".

وتضيف وهي تعتمر قبعة سوداء فوق حجابها الأبيض "لست أنا من ينبغي أن تعلم الوزير عمله. هناك فوج من الشباب العاطل عن العمل".

ومع ذلك لدى رفل حلول تقترحها قائلة، متوجهة إلى كل وزير في الحكومة: "افتح المصانع المسدودة منذ سنوات وشغلها (...) هذه فرص عمل لخريجين يعملون الآن سائقي أجرة".

يؤكد الشبان أن السياسيين، الذين يعيش معظمهم في المنطقة الخضراء بوسط بغداد، "فاسدون"، فيما يواصلون تحت ظل الأعلام العراقية الهتاف: "بالروح بالدم، نفديك يا عراق".

ويقول حيدر الطالب في كلية الصيدلة ببغداد "الحكومة عميلة لدول الخارج"، في بلد يتهم فيه السياسيون والفصائل المسلحة بالولاء لجهات خارجية، موزعة خصوصا بين إيران والولايات المتحدة والسعودية وتركيا.

مجموعات "واتساب" و"فيسبوك"

وأمام نظام يقولون إنهم مغّيبون عنه، قرر الشباب، الذين عادة ما يكونون أوائل الممتنعين عن التصويت في الانتخابات بالعراق، تنظيم صفوفهم اليوم من أجل التغيير.

لقد واصلت السلطات حجب وسائل التواصل الاجتماعي في البلد، لكن الالتفاف عليها بات منتشرا من خلال تطبيقات الـ"في بي أن"، التي تتيح متابعة المجموعات الإخبارية.

ويوضح علاء، وهو طالب في مدرسة ثانوية في بغداد، إن أماكن وأوقات التجمعات ترسل عبر مجموعات فيسبوك وواتساب، "لأننا قلنا إنه يتعين علينا أن نساند التظاهرات ولو بصوتنا".

ويضيف طالب الصيدلة أحمد "سنواصل الإضراب حتى نحصِّل حقوقنا".

والشباب اليوم مقتنعون بأن لديهم دورا يؤدونه في بلد يريدون استعادته "من الزعماء والعرابين الأجانب والميليشيات والأحزاب السياسية" التي يقولون إنهم "لا يؤمنون بها".

"جيل بابجي"

تقول طالبة الهندسة سمارة، التي كانت تتظاهر في ساحة التحرير أيضا "قالوا علينا جيل البابجي، أنظروا ماذا يفعل جيل البابجي". والبابجي هي لعبة قتالية على الإنترنت، حُجبت في العراق مؤخرا.

وغالبا ما يطلق الطاعنون في السن على جيل الشباب لقب "جيل البابجي"، معتبرين أنهم يلتهون باللعب عن كبريات الأمور.

وفي مدينة النجف، رفعت إحدى طالبات الطب لافتة كتب عليها "لا تعلمونا شفاء الأمراض فقط، بل علمونا شفاء الوطن".

أما رغد، وهي محاضرة في الجامعة، فتقول إنها نزلت إلى الشارع "مساندة" للشباب.

وتضيف لفرانس برس "هذا الجيل لا يقدرون عليه، لأنه جيل تعلم على الديموقراطية والانفتاح".

ولكن، مع ارتفاع الحصيلة الرسمية لضحايا التظاهرات إلى 239 قتيلا، تشير هذه البغدادية بحجابها الأبيض والأحمر إلى ضرورة حماية الشباب.

وتقول "دم شبابنا غالي، وهؤلاء الذين يجلسون في المنطقة الخضراء لا يستأهلون أن نموت من أجلهم. حافظوا على سلمية التظاهرات".