اخبار العراق الان

ملاحظات على كلمة المجلس الوطني الكردي في اجتماع اللجنة الدستورية

ملاحظات على كلمة المجلس الوطني الكردي في اجتماع اللجنة الدستورية
ملاحظات على كلمة المجلس الوطني الكردي في اجتماع اللجنة الدستورية

2019-11-05 00:00:00 - المصدر: كردستان 24


في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ألقى السيد عبد الحكيم بشار باسم المجلس الوطني الكردي في سوريا كلمة في اجتماع اللجنة الدستورية السورية في جنيف بحضور أعضاء اللجنة وبوجود المبعوث الخاص لمنظمة الأمم المتحدة السيد گير پيدرسون وفريقه.

وفي هذا المقال سأتطرق إلى ملاحظاتي على تلك الكلمة من حيث الشكل والمضمون، مخاطبةً وتوصيفاً وصياغةً، راجياً أن لا يفهم مني أني أنكر كل ما هو إيجابي فيها، بل أرى أن واجبي هو الإشارة إلى مواطن الخلل والقصور ليصار إلى التصحيح والاستكمال وصولاً إلى الأمثل

وككلمة عابرة ملقاة في اجتماع لجنة تستمر جلساتها لشهور وربما لسنوات، أرجو أن تكون لملاحظاتي أثراً إيجابياً في قادم الأيام بما تحملها من لقاءات وحوارات وما يتوقع أن ينتج عنها من عهود واتفاقات تتناول الحالة السورية عموماً والقضية الكردية فيها على وجه الخصوص.

أولاً - في المخاطبة:

    تبدأ الكلمة بمخاطبة الموجودين في قاعة الاجتماع فتتوجه إلى مبعوث الامين العام للأمم المتحدة وفريقه، ثم إلى الرئيسين المشتركين للجنة (اللذان يمثلان كلاً من وفدي النظام والمعارضة)، ثم إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة، ثم تجمل من تبقى بعبارة «السادة الحضور» ومن تسميهم بـ «ممثلي الشعب السوري».

    وتكمن الملاحظة هنا في توجه الكلمة إلى ثلث أعضاء اللجنة من خلال توصيفهم بـ «ممثلي منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة» بينما يبقى الثلثان الآخران (ممثلي كل من النظام والمعارضة) دون ذكر أو توصيف. وكان الصحيح هو مخاطبة جميع أعضاء اللجنة على قدر المساواة، ذكرهم جميعاً أو إجمالهم جميعاً في عبارة عامة، باعتبارهم أعضاءً في لجنة واحدة.

ثانياً - في التوصيف:

    يتكرر في الكلمة اعتبار أعضاء اللجنة الدستورية ممثلين للشعب السوري، وهذا ليس صحيحاً، فأعضاء هذه اللجنة هم ثلاثة أثلاث:

- خمسون عضواً يمثلون «النظام».

- خمسون عضواً يمثلون «المعارضة».

- خمسون عضواً يمثلون «منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة».

وبغض النظر عن مدى شعبية أي من تلك الجهات فإنه لا النظام يمثل الشعب السوري ولا المعارضة ولا منظمات المجتمع المدني، أما الشخصيات المستقلة فهي تمثل فقط أنفسها، فكيف لممثلي جهات لا تمثل الشعب السوري أن يكونوا ممثلين لهذا الشعب؟ ومن أين ومن خلال أية عملية انتخابية استمدوا صفتهم التمثيلية أصلاً؟

ثالثاً - في الصياغة:

    وردت في الكلمة أخطاء في الصياغة أثرت في بعض منها على توصيف الواقع وفي أخرى على توصيف المفاهيم وفي ثالثة على توصيف القضية الكردية بشكل مخالف لحقيقتها، ما أثّر على طبيعة الحلول والحقوق المبنية عليها.

1- ففي الفقرة الأولى منها تنشد الكلمة البحث عن «حلول سورية سورية من خلال الدستور للجراحات الدامية التي اكتوى بنارها كل السوريين ..». وهذا يعني – من حيث الصياغة اللغوية – أنّ ثمة دستوراً موجوداً ومقبولاً ينبغي البحث من خلاله عن حلول، ومادام الأمر هكذا فما الداعي للإتيان بدستور جديد إذاَ؟

    كان الصحيح أن تكون العبارة كالتالي: «البحث عن حلول سورية - سورية للجراحات الدامية التي اكتوى بنارها كل السوريين من خلال دستور جديد لسوريا».

2- في البند الثامن توصف الكلمة كلاً من المسلمين والمسيحيين والإيزيديين كعقائد دينية وليس كأتباع عقائد دينية هي الإسلام والمسيحية والإيزيدية، كما أنها تخلط بين مفهومي الاحترام والحماية، حيث ورد في هذا البند: «احترام وحماية العقائد الدينية كافة من مسلمين ومسيحين وازيدين وغيرهم». وبما أن «حيادية الدولة تجاه الأديان» - حسبما ورد في البند السابع من الكلمة - تستلزم احترامها وحماية أتباعها فقد كان الصحيح أن تكون العبارة كالتالي: «احترام العقائد الدينية وحماية أتباعها من مسلمين ومسيحيين وايزيديين وغيرهم».

3- في البند الرابع من البنود المتعلقة بحقوق الكُرد ورد: «اقرار ان القضية الكردية هي قضية وطنية وضمان حقوقهم القومية والسياسية والثقافية دستوريا وفق العهود والمواثيق الدولية».

    وإذ تكررت هذه الصيغة في محطات سابقة للمعارضة السورية، وإذ أني أشرت إليها في كتابات سابقة لي، فإني أرى ضرورة التركيز على الخطأ المتكرر في هذا البند، والذي يقضي بالتعامل مع القضية الكردية في سوريا كقضية أفراد وليس كقضية جماعة قومية متمايزة، وأذكّر بأن إعلان دمشق لعام 2005 قد ورد بصيغة مشابهة وقد رفضته النخب الكردية حينذاك لهذا السبب.

أين تكمن الملاحظة؟

إنها تكمن في عبارة: «ضمان حقوقهم القومية والسياسية والثقافية دستوريا ..». فالسؤال هنا هو: حقوق من؟. إذ أن الضمير المتصل «هم» ضمن كلمة «حقوقهم» ينبغي أن يعود على اسم يسبقه في الجملة ذاتها، ولكننا لا نجد في هذه الجملة أي اسم يدل على أصحاب تلك الحقوق.

وحتى لو افترضنا استنتاجاً أن المقصود هم «الكُرد» فإن الضمير «هم» يعنيهم كأفراد لا كجماعة، وهنا تفسر الحقوق القومية والسياسية والثقافية بشكل مختلف كحقوق أفراد لا كحقوق جماعة. وهنالك بالطبع فارق جوهري وكبير بين مدى وطبيعة الحقوق في الحالتين.

ولو كان المقصود هم الكرد كجماعة فإنه كان ينبغي إزالة حرف الميم والاكتفاء بالهاء لتكون الكلمة: «حقوقه»، وكان من الواجب إيراد كلمة في نفس الجملة تدل على الجماعة المعنية بتلك الحقوق وهي المكوّن الكردي. أي كان الصحيح أن تصاغ العبارة كالتالي: «إقرار أن القضية الكردية هي قضية وطنية تخص مكوّناً متمايزاً وأصيلاً يجب ضمان حقوقه القومية والسياسية والثقافية دستورياً وفق العهود والمواثيق الدولية».

ملاحظات أخرى:

بالنسبة للبند الخامس من البنود المتعلقة بحقوق الكُرد أرى أنه كان ينبغي أن ينص على اعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في البلاد وليس حصراً في المناطق الكردية.

أما بالنسبة للبند السادس المطالب بإطلاق اسم وطني على سوريا (كالجمهورية السورية) فأرى أنه ينبغي أن يشمل تغيير الاسم جميع مؤسسات الدولة وحتى الأحكام القضائية التي تصدر حتى اليوم باسم «الشعب العربي في سورية»، بالإضافة إلى الاتفاق على علم ونشيد وطني جديدين يمثلان جميع السوريين.

كما كان ينبغي إضافة بند يطالب بالشراكة في الوطن سلطةً وثروةً وتمثيل الكُرد في جميع المؤسسات الوطنية بحصة تلائم نسبتهم إلى مجموع المواطنين.

هنالك ملاحظات أخرى على الكلمة من جهة الأخطاء النحوية والإملائية ومن جهة الأخطاء الإنشائية، لكنها لا تؤثر على جوهر الكلمة، لذا لم أتطرق إليها، كما أن بعض البنود وردت بصيغة عامة وربما ستحمل الأيام القادمة صعوبات تفاوضية في طيات تفاصيلها وهذا يستلزم وجود مفاوضين متمكنين مسنودين بمستشارين وخبراء متخصصين.

ملاحظة: هذه المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تتبناها كوردستان 24 بأي شكل من الأشكال.