فرانس برس: اتفاق على إنهاء الاحتجاجات بعد لقاء سليماني بالصدر ونجل السيستاني
بدأت القوات العراقية السبت تفريق المتظاهرين المطالبين بـ"إسقاط النظام"، بعد التوصل إلى اتفاق سياسي يرمي إلى الإبقاء على السلطة الحالية حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات.
وبعدما كان في وضع حرج بداية، أصبح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي اليوم محط إجماع بين أحزاب وسياسيي السلطة، وأولئك الذين كانوا يطالبون برحيله، عادوا عن دعواتهم خصوصاً بسبب الضغوط السياسية من إيران وحلفائها في بغداد.
لكن في مسرح السياسة، واصلت غالبية القوى اجتماعاتها خلال الأيام الأخيرة، بحسب ما أكدت لفرانس برس كوادر من أحد الأحزاب التي شاركت في الاجتماعات.
وأشار أحد هذين المصدرين إلى أن "الأحزاب السياسية اتفقت خلال اجتماع ضم غالبية قيادات الكتل الكبيرة على التمسك بعادل عبد المهدي والتمسك بالسلطة مقابل إجراء إصلاحات في ملفات مكافحة الفساد وتعديلات دستورية".
وأضاف أن الأطراف اتفقت أيضا على "دعم الحكومة في إنهاء الاحتجاجات بكافة الوسائل المتاحة".
ويبدو أن هناك توجها قديما متجددا إلى إعادة ترميم البيت الشيعي على أن يكون بمثابة تحالف وطني، وفق المصادر نفسها.
ولفتت مصادر سياسية لفرانس برس أيضا إلى أن الاتفاق بين الأطراف المعنية "بما فيهم سائرون والحكمة" جاء بعد "لقاء الجنرال قاسم سليماني بمقتدى الصدر ومحمد رضا السيستاني (نجل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني) والذي تمخض عنه الاتفاق على أن يبقى عبد المهدي في منصبه".
وأكدت المصادر أن الطرف الوحيد الذي رفض الاتفاق هو تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يرى أن الحل الوحيد للأزمة هو رحيل عبد المهدي.
ومن المفترض أن تبدأ ترجمة ذلك الاتفاق السبت خلال جلسة برلمانية تُخصص لعمل اللجان على التعديلات الدستورية.
الاتفاق ينعكس في الشارع
ومع بدء رص الصفوف سياسيا، بدأت القوات الأمنية تتقدم في الشارع.
وتمكنت تلك القوات من استعادة السيطرة على ثلاثة جسور من أصل أربعة سيطر عليها المتظاهرون في بغداد، بحسب ما أفاد مراسلون من وكالة فرانس برس.
ورغم أن الأعداد الكبيرة من المتظاهرين تتجمع في ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام"، فإن المواجهات تدور منذ أيام عدة على أربعة من 12 جسرا في العاصمة.
وتقدم المتظاهرون أولا باتجاه جسر الجمهورية، الذي يصل التحرير بالمنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية. ورفعت القوات الأمنية على الجسر ثلاثة حواجز اسمنتية، يقف المتظاهرون عند أولها.
وبعد ذلك، تقدم متظاهرون آخرون باتجاه جسور السنك والأحرار والشهداء الموازية لجسر الجمهورية شمالاً.
وشهدت تلك الجسور الثلاثة ليلا مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية التي صدتهم، وفق مراسلي فرانس برس.
وقامت القوات العراقية صباح السبت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين المتجمهرين في شارع الرشيد بوسط العاصمة.
وقال أحد المتظاهرين المتواجدين على جسر السنك لفرانس برس "أيقظتنا القوات الأمنية عند الثانية فجراً".
وأضاف الشاب الملثم "أطلقوا القنابل الصوتية وصرخوا بنا +هيا تعالوا اعبروا+. الأمور ليست جيدة لكننا باقون حتى إيجاد حل".
تخوّف
ودعا المرجع الديني الشيعي الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني القوات الأمنية الجمعة والمتظاهرين إلى ضبط النفس وعدم استخدام القوة.
لكن متظاهرا آخر قال إن "المرجعية قالت أمس لا تضربون لا رصاص حي ولا شيء آخر، لكنهم اليوم ضربونا، قالوا عنا مندسين وبعثيين، ولكن نحن لا نملك أي شيء".
وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين المطالبين بـ"إسقاط النظام".
وإلى أقصى الجنوب، في محافظة البصرة الغنية بالنفط، استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي ضد المتظاهرين المتوجهين إلى مبنى مجلس المحافظة.
وأسفر ذلك عن مقتل ثلاثة أشخاص وسقوط عشرات الجرحى، بحسب مصادر طبية.
أما بالنسبة إلى المخيمات التي أقامها المحتجون في ساحات بغداد ومدن الجنوب، ففضتها القوات الأمنية بالقوة في البصرة، وأحرقتها بالقنابل المسيلة للدموع في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة.
ومع استمرار قطع الإنترنت قسرياً في البلاد منذ بداية الأسبوع، بدأ العراقيون يتخوفون من الأسوأ، مع عودة ذكرى الأسبوع الأول من الاحتجاجات مطلع أكتوبر إلى الأذهان.
واتسمت الموجة الأولى من الاحتجاجات بين الأول والسادس من أكتوبر بتواجد قناصة على أسطح مبان استهدفوا المتظاهرين، لكن هويتهم لا تزال مجهولة بالنسبة إلى السلطة.
المصدر: فرانس برس