من الذي يعرقل استجواب رئيس الحكومة العراقية في البرلمان؟
يواصل المحتجون في العراق التأكيد أن أول مطالبهم هو إقالة الحكومة العراقية، بينما يستمر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بتجاهل الدعوات النيابية إلى استضافته في البرلمان لمناقشة تداعيات الاحتجاجات المستمرة منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على الرغم من تقديم كتل نيابية طلبات رسمية لاستجوابه.
مسارات إقالة الحكومة
دستورياً، هناك مساران لإقالة الحكومة العراقية. المسار الأول يتضمن تقديم رئيس الجمهورية طلباً إلى رئاسة البرلمان، لاستجواب رئيس الوزراء ومن ثم الشروع بعملية التصويت لسحب الثقة. أما المسار الثاني، فيتضمن تقديم 25 نائباً طلباً لاستجواب رئيس الوزراء بموجب المادة 61 من الدستور.
ويقول النائب أحمد الجبوري، إن "ما يجري في البرلمان، منذ انطلاق التظاهرات، هو محاولات استجواب لوزراء أو التلويح باستجوابهم، لكن حتى الآن لم تقم الكتل الكبيرة ذات التمثيل في الحكومة بأي تحرك في إطار محاسبة رئيس الوزراء، لأن ذلك ليس في صالحها".
ويضيف في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "الطلب الوحيد المقدم بشكل رسمي تم من خلال كتلة النصر التابعة لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وحمل توقيع أكثر من 30 نائباً، ويفترض أن تحدّد رئاسة البرلمان موعداً لاستجواب رئيس الحكومة على أثره".
وعن رفض رئيس الوزراء الحضور إلى مجلس النواب، يوضح الجبوري أن عبد المهدي يرفض "الحضور إلى البرلمان تحت ذريعة أنه يريد أن تُبث الجلسة على الهواء مباشرة، لأنه سيكشف عن كل ما تم تداوله في السنة الماضية"، لافتاً إلى أن "تلك إشارة واضحة إلى كشف الكتل المتحاصصة وفضحها".
ويتابع أن "رئيس الحكومة، كما يبدو، نجح في السماح للكتل بالاستحواذ على المناصب، لكنه ثَبَّت عليهم ذلك، لذلك لا تستطيع إقالته أو حتى استضافته"، كاشفاً عن أن "رئيس الحكومة لم يحضر إلى البرلمان سوى ساعة واحدة يوم 24 أكتوبر الماضي للتصويت على استبدال مجموعة من الوزراء".
ويختم قائلاً إن "هناك تعويلاً من تلك القوى على أن التظاهرات ستضمحلّ وتنتهي، من خلال العنف المفرط الذي تمارسه الحكومة، فضلاً عن حملات الاعتقال"، مؤكداً أنه "لا يمكن لتلك الأحزاب أن تستمر، خصوصاً مع الالتفاف الشعبي الكبير حول الاحتجاجات".
سائرون: ماضون بإجراءات الاستجواب
يكشف تحالف سائرون النيابي، عن أن رئاسة البرلمان العراقي هي من تعرقل طلبات استجواب رئيس الوزراء، فيما أكد أنه قدّم إليها طلباً رسمياً.
من جانبها، تقول النائب عن تحالف سائرون، إيناس المكصوصي، إن "التحالف ماضٍ بإجراءات استجواب عبد المهدي، وهناك إجراءات قانونية وموضوعية استُكملت ورُفعت إلى هيئة رئاسة البرلمان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف لـ"اندبندنت عربية" "رئاسة البرلمان لا تستجيب إلى طلبات الاستجواب، وكل المعوقات والعراقيل تنطلق من هيئة رئاسة البرلمان، وآلية تحديد الإجراءات من قبلها"، مؤكدةً ضرورة حضور عبد المهدي واستجوابه بعد سقوط الشهداء في الاحتجاجات".
وتشير المكصوصي إلى أن "كتلة سائرون لم تحضر اجتماع الجادرية الذي جرى فيه توقيع الوثيقة السياسية، لكننا مستمرون في العمل النيابي في ما يتعلق بالتشريعات والقوانين التي هي ضمن مشروعنا الإصلاحي"، موضحةً أن "ما لم يُنجز من قبل القوى السياسية في 16 عاماً، لا يمكن أن يُنجز في 40 يوماً".
وتلفت إلى أن "الجميع يدرك أن المطلب الرئيس للمتظاهرين هو تغيير الطبقة السياسية الحالية".
تيار الحكمة: إذا تلكأت الحكومة سنقيلها
في المقابل، يقول القيادي في تيار الحكمة الوطني فادي الشمري، إن "كتلة الحكمة قدمت طلباً رسمياً إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لاستضافة رئيس الوزراء، بغية الحديث حول الإصلاحات والخروقات الأمنية والاعتداء على المؤسسات الإعلامية وملاحقة الناشطين والشهداء الذين سقطوا في التظاهرات".
ويضيف لـ"اندبندنت عربية" أن "رئاسة البرلمان هي المعنية بتفعيل طلب الاستضافة بالاتفاق مع رئيس الوزراء، ولم يأت حتى الآن جواب رسمي حول رفضه أو قبوله"، مشيراً إلى أنّ "هذا الحراك تكامل مع الاتفاق السياسي في مقر المعارضة لوضع خريطة طريق لتنفيذ الطلبات التي رفعها المتظاهرون والقضايا التي طرحتها المرجعية الدينية".
ويوضح الشمري أن "الاتفاق الوطني الحاصل، حدّد المطالب الرئيسة التي تهمّ الشارع، سواء حضر رئيس الوزراء إلى البرلمان أو لم يحضر. ففترة الـ40 يوماً، كفيلة بإثبات جدية الحكومة والبرلمان في إنجازها، ومن يتلكأ، سيدفعنا إلى اتخاذ خيارات أخرى"، منوّهاً إلى أنّه "من خلال دورنا في المعارضة، ذهبنا باتجاه التسوية بين القوى المطالبة بإقالة الحكومة والقوى المتمسّكة عبر تحديد مهلة الـ40 يوماً".
ويضيف أن "المعارضة والموالاة اتفقتا على اتخاذ إجراءات بحق أي طرف يتلكأ في تنفيذ بنود الاتفاق. وإذا تلكأت الحكومة سنقيلها، وإذا تلكأ البرلمان، سنلجأ إلى خيار الانتخابات المبكرة".
يُشار إلى أن عبد المهدي كان حذر في وقت سابق من أن إقالة حكومته من دون توفير البديل سيؤدي إلى حالة من الفراغ الدستوري، فيما دعا الكتل الرئيسة إلى الاتفاق على البديل قبل الاستقالة.