خمسة مرشحين لرئاسة الحكومة العراقية... وقلق إيراني إزاء نوايا رئيس الجمهورية
تتداول كواليس السياسة في العراق أسماء خمسة مرشحين لشغل منصب رئيس الوزراء، خلفاً لعادل عبد المهدي، الذي أعلن يوم الجمعة أنه سيقدم استقالته إلى البرلمان، بعد نحو شهرين من اندلاع حركة احتجاج شعبية واسعة، وضعت الطبقة السياسية في البلاد تحت الضغط.
"خرافة" الفصل بين السلطات
وعلمت "اندبندنت عربية" أن قائمة المرشحين لخلافة عبد المهدي تشمل رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، والنائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، محمد السوداني، ووزير الشباب السابق المرشح عن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، عبد الحسين عبطان، والنائب عن تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، عدنان الزرفي، والسياسي المستقل عزت الشابندر.
وأثار وجود اسم رئيس السلطة القضائية في العراق ضمن قائمة المرشحين لتسلم منصب تنفيذي جدلاً قانونياً واسعاً، بشأن استعداد جميع الأطراف للقفز على الدستور الذي ينص على الفصل بين السلطات، ما استدعى صدور بيان عن لفيف من القضاة موجَه إلى فائق زيدان، يحذره فيه من قبول هذا الترشيح.
مصادر سياسية مطلعة قالت إن هذه القائمة أُرسلت مساء الجمعة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، ليكلّف أحدها بتشكيل الحكومة الجديدة خلال 15 يوماً من تاريخ قبول استقالة عبد المهدي وحكومته في البرلمان، بعد مباحثات سريعة أجراها زعماء الأحزاب القريبة من إيران.
وبمجرد أن تسربت هذه المعلومات إلى الشارع العراقي الذي يتظاهر ضد هذه الطبقة السياسية، بدأت موجة من السخرية، فيما قال ناشطون إن المتظاهرين أكدوا عزمهم البقاء في الساحات إلى حين تغيير النظام السياسي برمته، لا الاكتفاء بإطاحة الحكومة.
السيستاني يحقّر عبد المهدي
بالعودة إلى بيان الاستقالة الذي أصدره عبد المهدي، فقد جاء وكأنه استجابة لأمر من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الذي قال ممثله في خطبة يوم الجمعة إن على البرلمان إعادة النظر في خياراته بشأن رئيس الحكومة.
وبدأ عبد المهدي بيان استقالته بآية قرآنية من سورة الصافات، تقول "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين"، في إشارة واضحة إلى أنه ينفذ تعليمات "والده" السيستاني، متجاهلاً أي إشارة إلى حركة الاحتجاج وآلاف الضحايا الذين سقطوا خلال شهرين بين قتيل وجريح.
وسخر نواب من كتلة "سائرون" التي يتزعمها رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر من التخريجة التي لجأ إليها عبد المهدي، وقالوا إنه يحاول أن يضع نفسه في مقام "الذبيح إبراهيم"، وهو ليس كذلك، مشيرين إلى أن السيستاني لم يخاطب عبد المهدي خلال خطبة الجمعة ولم يطلب منه شيئاً، في دلالة على تحقيره، إنما طلب من البرلمان أن يتحرك. وقال الصحافي العراقي علي السراي إن عبد المهدي استهل بيان استقالته بنص قرآني، يشير به إلى المرجعية ملبياً نداءها، معتبراً أنه "خسر حتى تلك الاستقالة التي تنحني لمئات الشبان المغدورين". وأضاف السراي أن "مشكلة الإسلام السياسي (الذي يُعد عبد المهدي أحد رموزه في العراق) وأربابه وأبناءه بطوائفه جميعاً، إنه يفشل أخلاقياً عندما تتلاقى الأولويات الإنسانية بالعقائد، فتقتله الأخيرة منافقاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عبد المهدي باقٍ
وعلى الرغم من إعلانه تقديم استقالته إلى البرلمان، فإن مقربين من عبد المهدي، يؤكدون بقاءه في منصبه إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة ونيلها ثقة مجلس النواب. ويستفيد عبد المهدي من مادة دستورية لا تنطبق على حالته، إذ ينظم الدستور العراقي عملية استجواب رئيس الوزراء ومن ثم إقالته، حيث تعتبر حينذاك حكومته مستقيلة كلياً أيضاً، لكنه لا يشرح الوضع القانوني في حال تقديم الاستقالة. لذلك يقول فقهاء الدستور إن المادة الدستورية الحاكمة في هذه الحالة تنص على انتقال صلاحيات رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
لكن القوى الشيعية المقربة من إيران لن تسمح بانتقال صلاحيات رئيس الحكومة إلى الرئيس برهم صالح، الذي يُتهم علناً بأنه جزء من مؤامرة أميركية لإسقاط عبد المهدي.
ووفقاً لتفاهمات سياسية عاجلة، فإن أطرافاً إيرانية أبلغت رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بأن عليه أن يدعو إلى جلسة طارئة لمجلس النواب، للتصويت على قبول استقالة عبد المهدي، ومن ثم التفاهم على مرشح بديل يرسل اسمه إلى رئيس الجمهورية لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، على أن يبقى عبد المهدي على رأس حكومة تصريف الأعمال خلال هذه المدة.
الكتلة الأكبر
لكن ترشيح رئيس الوزراء الجديد، وفقا للدستور، يجب أن يأتي عبر "الكتلة البرلمانية الأكبر". ونظراً إلى عدم قدرة القوى السياسية في العراق على الاتفاق على شكل هذه الكتلة لحظة ترشيح عبد المهدي لتشكيل الحكومة، فإن اختيار خليفة له يستلزم اتفاقاً خارج الدستور، ما يضع كل الاحتمالات على طاولة مفاوضات سياسية غير مقيدة بسقوف قانونية. لكن رئيس الجمهورية ليس مقيداً بمرشح الكتلة الأكبر في الترشيح الثاني، إذ يقيّد الدستور الأمر في الترشيح الأول، ما يعني أن برهم صالح سيملك مساحة للمناورة مع الأطراف الإيرانية، إذ إنه الوحيد الذي يملك الحق الدستوري في تكليف شخصية ما بتشكيل الحكومة. لذلك، تخشى طهران أن يفكر صالح في الثأر من التصعيد الإيراني ضده خلال مرحلة الاحتجاجات واتهامه بالعمالة للولايات المتحدة وإسرائيل، ويدفع بمرشح جديد لتشكيل الحكومة خارج دوائر نفوذها.