أنباء عن إحراق القنصلية الإيرانية في النجف للمرة الثالثة
تناقلت وسائل إعلام منذ ليل الثلاثاء – الأربعاء أنباء عن قيام محتجين عراقيين بإحراق القنصلية الإيرانية في النجف للمرة الثالثة، في وقت تكثّفت المشاورات في بغداد بحثاً عن بديل من رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، على وقع مساع يخوضها حلف طهران- حزب الله اللبناني لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنية بالسير بأحد المرشحين وسط استمرار أعمال العنف في جنوب البلاد.
العراقيون يحرقون قنصلية إيران في النجف (للمرة الثالثة)..
— فهد عامر الأحمدي (@fahadalahmdi) December 4, 2019
المغزى ليس فقط في تكرار الفعل؛ بل وفي التركيز على مدينة النجف التي تحضى بقدسية خاصة لدى أبناء الطائفة الشيعية الذين اصبحوا يرفضون التواجد الإيراني بينهم..
عاش العراق حرا ابيا...#العراق #العراق_يغلي_غضبا #النجف #إيران pic.twitter.com/KytkPXMIpS
وبدأت الأحزاب العراقية منذ ما قبل إعلان البرلمان الأحد موافقته رسمياً على استقالة عبد المهدي وحكومته اجتماعات و"لقاءات متواصلة" للبحث في المرحلة المقبلة.
وعلى الرغم من أن معظم الشارع العراقي المتظاهر يندد بالسيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم ويطالب بكفّ يد الجارة عن أي سلطة مقبلة، لا يبدو أن طهران تعدّ سقوط عبد المهدي، الذي كان يحظى بدعمها، بمثابة خسارة في سجل سياساتها في المنطقة.
سليماني وحزب الله
وقال مصدر سياسي مقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية لوكالة الصحافة الفرنسية إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني "موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبد المهدي"، مشيراً إلى أن "مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني، يلعب أيضاً دوراً كبيراً في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه".
لكن على المقلب الآخر، يشير مراقبون إلى أن هناك قلقاً لدى بعض الشخصيات من تسلم المنصب في خضم الأزمة، تخوّفاً من السقوط السياسي على غرار ما حصل مع عبد المهدي، الذي لا يزال عليه التعاطي مع الأزمة حالياً كرئيس لحكومة تصريف الأعمال، والتصدي لمسائل عدة منها "الحشد الشعبي، العقوبات، الموازنة وقتلى التظاهرات" الذين بلغ عددهم 420 شخصاً، وفق ما ذكر مصدر حكومي عراقي.
استهداف قاعدة أميركية
من جهة أخرى، سقطت ليل الثلاثاء خمسة صواريخ على قاعدة عسكرية في غرب العراق يتمركز فيها جنود أميركيون، ولم تفد قوات الأمن العراقية بسقوط قتلى أو جرحى.
وحضّت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جانين هينيس-بلاشيرت الثلاثاء، السلطات العراقية على الاستجابة لتطلعات الشعب العراقي، مؤكدةً مجدداً أن استخدام القوة ضد العراقيين أمر "لا يمكن التسامح معه".
ودعت هينيس -بلاشيرت القادة العراقيين إلى "عدم إضاعة مزيد من الوقت والارتقاء إلى مستوى الأحداث".
لكن عبد المهدي أكد عشية استقالته، أن تصريف الأعمال "مضيعة للوقت"، وبالتالي قد تؤول الأمور موقتاً، ودستورياً، إلى يد رئيس الجمهورية برهم صالح.
وعلى الرغم من أن برهم صالح، كان من الداعين إلى انتخابات مبكرة، وبالتالي إطاحة عبد المهدي، الذي كان يعتبر حليفه قبل التظاهرات، فإن الأكراد يترقبون ما ستسفر عنه المشاورات في بغداد.
وأعربت حكومة كردستان العراق الثلاثاء، عن أملها بتطبيق اتفاق مبدئي وُقِّع قبل أيام من استقالة عبد المهدي، رصد لها حصةً في موازنة عام 2020 مقابل تصدير النفط الخام عبر قنوات حكومة بغداد.
وتركّز المساعي الكردية، بحسب الباحث في كلية الدراسات العليا في العلوم السياسية بباريس عادل بكوان، على "ضمان ألا يؤثر أي إصلاح محتمل للدستور على ما تعتبره الأحزاب السياسية الكردية مكاسب لها. على سبيل المثال: الهوية العراقية، اللغة الكردية، المادة 140 (من قانون بريمر للمناطق المتنازع عليها) وغيرها". وأضاف بكوان أن "الأكراد يعملون على توحيد الصف في البرلمان للوقوف بوجه أي قرار يطال تلك المكاسب".
ويسعى البرلمان بدوره إلى درس قانون انتخابي جديد يُفترض أن يؤدي إلى مجلس نواب أقل عدداً وأوسع تمثيلاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشارع يرفض المحاصصة
كل ذلك يبقى في مواجهة الشارع، حيث تتواصل التظاهرات في بغداد ومدن جنوبية، داعيةً إلى إنهاء نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب.
وبعدما كانت مقتصرة على الدعوة الى توفير فرص عمل وخدمات عامة، تصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، لتشملَ إصلاح كامل المنظومة السياسية التي أرستها الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وأصبح تغيير الطبقة السياسية، المتهمة بالفساد ونهب المال العام في العراق الذي يُعد بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلباً أساسياً للمحتجين.
وتواصلت أعمال العنف في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة في جنوب العراق.
ففي النجف، حاول متظاهرون الدخول إلى مرقد محمد باقر الحكيم، رجل الدين العراقي الشيعي البارز، إلا أن مسلحين يرتدون ملابس مدنية أطلقوا أعيرة نارية وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاههم، ما أدى إلى جرح 35 شخصاً في صفوف المحتجين، وفق شهود.
وتحاول شخصيات عشائرية بارزة منذ أيام عدة، التفاوض على آلية للخروج من الأزمة، بينما ناشد محافظ النجف سلطات بغداد وقف العنف.
ودعا زعماء العشائر الثلاثاء، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومسلحيه من "سرايا السلام"، إلى التدخل.
لكن الصدر لم يستجب حتى الساعة، على الرغم من أن رجاله نزلوا بأسلحتهم في بغداد بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لـ"حماية" المحتجين.
وفي كربلاء، وقعت مواجهات جديدة ليلاً بين المتظاهرين والشرطة التي أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.
وفي مدينة الناصرية الجنوبية، التي قُتل فيها أكثر من 40 محتجاً خلال يومي الجمعة والسبت، تلقت محكمة الاستئناف في المحافظة (ذي قار) نحو مئة شكوى من أقارب القتلى أو الجرحى ضد رئيس خلية الأزمة في المدينة المقال اللواء جميل الشمري، بحسب ما أفاد مصدر قضائي.
ونشرت الشرطة تعزيزات في مدينتَي الناصرية والبصرة.
ووصل نحو 500 عنصر من قوات الأمن إلى الناصرية ونحو 150 إلى البصرة لتعزيز أمن السجون حيث يقبع متشددون، وذلك تحسّباً لأي محاولة استفادة من الفوضى القائمة للفرار.
وفي بغداد، أعلنت السلطات الثلاثاء إطلاق سراح 16 متظاهراً كانوا أوقِفوا خلال الاحتجاجات.
وأعلن رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق أن الطائفة لن تقيم احتفالات عامة بعيد الميلاد احتراماً للقتلى والجرحى الذين سقطوا في الاحتجاجات.