اخبار العراق الان

العراق.. وجهان لسلطة واحدة

العراق.. وجهان لسلطة واحدة
العراق.. وجهان لسلطة واحدة

2019-12-08 00:00:00 - المصدر: الحرة


معن الجيزاني - واشنطن/

بعد نحو ستين يوما على انطلاق التظاهرات في العراق، وبعد سقوط أكثر من أربعمئة قتيل وآلاف الجرحى، بعد عنف مفرط، وصور دامية لن تمحى من ذاكرة العراقيين، استقال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

يقول المتظاهرون في العراق إن استقالة عبد المهدي ليست المطلب الأساسي للعراقيين بل إصلاح العملية السياسية برمتها وإنهاء نفوذ الأحزاب الدينية والميليشيات الفاسدة في العراق. وأن ما حدث خلال الشهرين الماضيين من قتل وتنكيل بالمتظاهرين لن يمر دون تحديد للمسؤولية ومحاسبة المرتكبين.

فبعد أن وضعت الموجة الأولى من انتفاضة تشرين العراقية أوزارها، ظهرت الخسائر في صفوف المتظاهرين ثقيلة ومؤلمة، وتجاوز الاستخدام المفرط للقوة ضد الشبان المحتجين أسوأ التوقعات، إذ أشارت الأرقام الرسمية المعلنة إلى سقوط نحو مئة وتسعة وأربعين قتيلا وأكثر من أربعة آلاف جريح.

بعد أسبوع خرجت فيه البلاد عن السيطرة وعن نطاق خدمة الإنترنت، انجلى دخان القنابل المسيلة للدموع واستفاقت السلطة على هول الصدمة القاسية.

كانت موجة غير متوقعة. ونار الاحتجاج بدت أكبر وأقوى من محاولات إخمادها. اتسعت أمواج المحتجين لتشمل جميع محافظات الوسط والجنوب العراقي.

حشود من شبان يتقدمون باتجاه الرصاص الحي وكأنهم بسبعة أرواح، كانوا مصممين على التغيير هذه المرة، وأكثر من أي وقت مضى.

فشلت السلطة في تقديم رواية متماسكة لتبرير الدماء الغزيرة التي سالت من رؤوس المتظاهرين وتناثرت في كل مكان.

أصر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي على أنه لم يعط لقواته أوامر باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين.

لم يقدم عبد المهدي تبريرا لاستخدام الرصاص الحي ضد متظاهرين سلميين خرجوا يطالبون بحقوقهم. لكن الجواب جاء من النجف، فمع إعلان استقالة الحكومة خلع أفراد الميليشيات الحزبية ثياب الطرف الثالث السوداء وواصلوا استهداف المتظاهرين بالرصاص الحي والسلاح الأبيض على مرآى ومسمع قوات الشرطة العراقية التي جردتها الأحزاب من السلاح.

محاولات التعتيم على إجراءات قمع التظاهرات السلمية في العراق والتركيز على شيطنتها من خلال الترويج لرواية واحدة يرويها المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة أو الناطق باسم وزارة الداخلية، هو أمر جعل من المتظاهرين والناشطين والصحافيين مصدرا أساسيا لما يجري في ساحات التظاهر.

يواجه المتظاهرون العراقيون اليوم سلطة قوية ومتشابكة من المنتفعين على اختلاف توجهاتهم ومصالحهم. وبالرغم من نجاح المتظاهرين بإسقاط حكومة عادل عبد المهدي بعد تضحيات كبيرة، إلا أن المواجهة مع الدولة العميقة من أحزاب فاسدة وميليشيات وعصابات مسلحة، ستكون هي المواجهة الحاسمة في تحديد ملامح المرحلة المقبلة.