ترشيح "السوداني" لرئاسة الحكومة العراقية... بين الرفض والتصعيد
بادر التيار الصدري التابع إلى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، بإرسال إشارات رفض ترشيح النائب في البرلمان العراقي وعضو حزب الدعوة محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء، ومع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية بتكليف رئيس وزراء جديد تتصاعد التوترات في الأروقة السياسية وساحات الاحتجاج على حد سواء.
وفي حين أكّد رئيس الجمهورية برهم صالح التزامه بالمُهل الدستورية، عبّر المحتجون عن رفضهم أي شخصية حزبية أو من الكتل السياسية. وتتصاعد بفعل ذلك المطالب في ساحات الاحتجاج لترشيح شخصيات مستقلة، إذ أكّد معتصمو ساحة التحرير ضرورة التزام الكتل السياسية برؤيتهم فيما يتعلق بالمرشّح المقبل لمنصب رئيس الوزراء، ومن ضمن شروط هؤلاء أن لا يكون المرشّح وزيراً أو بدرجة وزير أو برلمانياً أو محافظاً، وأن يكون نزيهاً وشجاعاً وبلا شبهات فساد.
مقتدى الصدر يصعّد
وكان الصدر وجّه، الجمعة، بإغلاق جميع المؤسسات التابعة إلى الخط الصدري مدة سنة، باستثناء ثلاث مؤسسات هي "مؤسسة مرقد الشهيد السعيد السيد محمد الصدر ونجليه والمكتب الخاص وتشكيلات سرايا السلام، ويُلحق الإشراف العام لصلاة الجمعة بالمكتب الخاص" حسب وثيقة صادرة عن المكتب الخاص بالصدر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى مراقبون في هذا القرار "تصعيداً كبيراً وتحشيداً للجماهير"، مشيرين إلى "مطلب المحتجين بإسقاط نظام المحاصصة الطائفية والحزبية". وفي هذا السياق، يُشار إلى أن صفحة "صالح محمد العراقي"، المقرّب من زعيم التيار الصدري، علّقت الجمعة نشاطاتها على مواقع التواصل الاجتماعي. ونشر العراقي على صفحته منشوراً جاء فيه "وداعاً"، وأعقبه بنشر صورة على صفحته الشخصية الأخرى كُتب عليها "مغلق"، في إشارة إلى توقّف نشاطه على "فيسبوك"، وعدّ مراقبون الخطوة استنكاراً للتسريبات عن تكليف السوداني.
إسقاط نظام المحاصصة
ويرى خبراء أن التيار الصدري سيصعّد موقفه إزاء ما تسرّب عن تكليف السوداني، قائلين "الأخير يفتقد عناصر الاستقلالية". وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد خالد عبد الإله أن "التيار الصدري يتحدّث عن رئيس وزراء ينتمي إلى الشعب، وليس إلى الكتل السياسية". وأضاف، لـ"اندبندنت عربية"، "على الرغم من استقالة السوداني من حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون وغياب شبهات الفساد عنه، لكن لا تتوفّر فيه عناصر الاستقلالية"، المقصود بها "الاستقلالية سابقاً ولاحقاً".
وفي ما يتعلّق بقرار الصدر الأخير، اعتبر عبد الإله أن "إغلاق مكاتب التيار الصدري يعني التصعيد وتجييش الشارع بشكل كبير، لكن هذا التصعيد لن يصل إلى حدود إسقاط النظام". ولفت إلى أنه "ليس من المصلحة الحديث عن إسقاط النظام بالكامل والبداية من الصفر، بل ما يريده المحتجون إسقاط نظام المحاصصة الطائفية والحزبية"، إذ إن "الكل سيخسر إذا سقط النظام".
وكشف الشيخ محمد العبودي، المقرّب من الصدر، عن ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للثورة "أوّلها نجاح الثورة العراقية الشعبية وانتصار الوطن، وثانيها استمرار الثورة من دون قيادة وأهداف، وثالثها فشل الثورة وتسلّط الفاسدين مرة أخرى، لكل واحدٍ منها مقدّمات ونتائج". وأضاف العبودي، في بيان السبت، الصدر "لا يتراجع ولا يُهزم ولا يعطي وعداً إلا وتحقّق"، داعياً العراقيين إلى "الوقوف بجانبه".
المحتجون يشترطون ويرفضون تسمية مرشح
وفي ساحات الاحتجاج، عمد عدد من الناشطين إلى رفع بوسترات تحمل صور خمس شخصيات لتكليفهم بمنصب رئيس الوزراء، هم القاضي رحيم العكيلي والسياسي البارز محمد توفيق علاوي ورئيس البنك المركزي السابق سنان الشبيبي والفريق المتقاعد عبد الغني الأسدي والفريق عبد الوهاب الساعدي.
وحذّر ناشطون من إقدام الكتل السياسية على ترشيح شخصية لا تنطبق عليها شروط المحتجين، وإلا سيلجؤون إلى تصعيد كبير. كذلك قال الناشط علاء ستار لـ"اندبندنت عربية" إن المتظاهرين يرفضون "الترشيحات من داخل ساحات الاحتجاج، لأنه لا يمكن أن تحظى أي من الشخصيات بإجماع المحتجين"، مشيراً إلى أن "ذلك قد يؤدي إلى انشقاقات داخل الحركة الاحتجاجية". وأضاف ستار، "المحتجون يرفضون تسمية شخصية معيّنة لرئاسة الحكومة، إذ إن الأمر ليس من واجبهم، ولا يتحمّلون مسؤولية أي فشل محتمل للحكومة المقبلة"، على حدّ قوله.
نفق مظلم
في غضون ذلك، نبّه نواب وسياسيون من تحدّي الإرادة الشعبية في تسمية رئيس الحكومة، وقال النائب عن كتلة "سائرون" سعد مايع الحلفي، في تصريحات صحافية، إن "الأحزاب المتحاصصة عملت على تكريس مبدأ تقاسم السلطة وتدوير الشخصيات التي تشوبها شبهات فساد في تحدٍّ معلن لإرادة الشعب". وأضاف، "إقدام رئيس الجمهورية على اختيار رئيس وزراء مخالف لإرادة الجماهير المحتجة سوف يزيد من الاحتقان الشعبي، ويدخل البلاد في نفق مظلم".
وأشار الحلفي إلى أن "التظاهرات الشعبية جاءت كنتيجة طبيعية ورد فعل متوقّع بعدما وصل المواطنون إلى مرحلة اليأس من تحسّن الواقع السياسي والبدء بمرحلة جديدة يتساوى بها الجميع في الحقوق والواجبات".
وكان السوداني أعلن استقالته من حزب الدعوة وكتلة دولة القانون النيابية، التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، مؤكداً أنه "ليس مرشحاً عن أي حزب لرئاسة الوزراء"، وتحدّثت تسريبات عن اتفاق بين الكتل السياسية على طرح اسم السوداني لرئاسة الوزراء.