البرلمان العراقي يبحث إلغاء الاتفاق الأمني مع واشنطن السبت
كشفت مصادر في الحكومة العراقية اليوم الثلاثاء إرسال المندوب العراقي لدى الأمم المتحدة محمد حسين بحر العلوم رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن يدعو فيهما إلى إدانة القصف الأميركي، الذي استهدف قائد فيلق "القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في بغداد يوم الجمعة الماضي.
وذكرت المصادر أن بغداد تسعى إلى الحصول على إدانة من الأمم المتحدة لحادث الاغتيال بوصفه "عملاً غير قانوني" و"إعدام لشخصيات رسمية"، في محاولة لرد الاعتبار على ما اعتبرته الحكومة العراقية انتهاكاً أميركياً للسيادة العراقية.
إلغاء الاتفاق مع واشنطن
في هذه الأثناء، أكدت كتلة "الفتح" البرلمانية إن جلسة البرلمان المقررة يوم السبت المقبل ستشهد التصويت على إلغاء الاتفاق الأمني مع واشنطن، تمهيداً لإخراج القوات الأميركية من البلاد، بعدما صوّت البرلمان الأحد الماضي، على إنهاء مهمة قوات "التحالف الدولي من أجل محاربة تنظيم داعش" وتكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي بالعمل من أجل إنهاء الوجود الأجنبي في البلاد.
واعتبر النائب عن ائتلاف "دولة القانون" منصور البعيجي إن ما حققه البرلمان قبل يومين "جعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب يبحث عن أساليب للضغط على العراق من أجل ضمان بقاء قواته في البلاد". وأشار إلى أن "التهديد بفرض العقوبات دليل على تأثير القرار البرلماني في واشنطن".
انسحاب القوات الأجنبية
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مساء الاثنين، وثيقةً موقعة من "العميد وليام سيلي" من قوات مشاة البحرية الأميركية، يعلن فيها استجابة قوات التحالف لقرار البرلمان العراقي والبدء بإعادة تمركزها خلال الأيام والأسابيع المقبلة. إلا أن رئيس هيئة الأركان الأميركية مارك ميلي قال إن "الرسالة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من العراق تم إصدارها من طريق الخطأ وبصيغة سيئة"، مؤكداً للصحافيين إن "هذا ليس ما يحدث على الأرض. إنه خطأ صريح… لا ينبغي إرساله".
وقبل تصريح ميلي، نقلت وكالة "رويترز" كلاماً عن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أكد فيه إن بلاده "لا تخطط للانسحاب من العراق". وقال إن فريقه "يحاول معرفة معلومات إضافية حول المذكرة المتداولة بشأن الانسحاب من العراق".
من ناحية أخرى، أفاد الخبير الأمني هشام الهاشمي الثلاثاء، بدخول قوات أميركية معسكراً شمال العاصمة بغداد.
وقال الهاشمي في تدوينة على موقع "فيسبوك" "بينما الكل منشغل بمناقشة رسالة القوات الأميركية إلى القيادة المشتركة العراقية، مسودة الانسحاب الصحيحة إنما غير الدقيقة وغير مأذون بنشرها، كما يزعم وزير الدفاع الأميركي، دخلت قوافل أميركية عدة معسكر التاجي شمال بغداد وهبطت طائرات الشحن بمعدات إضافية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
العقوبات على العراق
ونفت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الثلاثاء، حدوث أي نقاشات بهدف فرض عقوبات على بغداد، مؤكدةً أن الخيارات الدبلوماسية ما زالت مطروحة مع العراق الذي يُعد "حليفاً" للولايات المتحدة.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية مورغان أورتاغوس أنه "لا توجد نية أو نقاشات في وزارة الخارجية لفرض عقوبات على العراق"، مشيرةً إلى أن "هناك صلة خاصة تربط العراق بأميركا". وأضافت أورتاغوس أن "الخيار الدبلوماسي هو الأفضل"، لافتةً إلى أن "العراق حليف للولايات المتحدة، والمشاكل قد تحدث بين الحلفاء".
ولفتت المتحدثة الأميركية إلى أن "الولايات المتحدة أُصيبت بخيبة أمل بعد تصويت مجلس النواب العراقي على قرار إخراج القوات الأميركية وعلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استيعاب أسباب وجود القوات الأميركية".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدد الاثنين، بأن الولايات المتحدة لن تغادر العراق قبل أن يدفع كلفة قواعدها العسكرية هناك، مهدداً بفرض عقوبات على بغداد "لم يروا مثلها من قبل".
التوافق الشيعي
وتحاول الكتل الشيعية استثمار حالة التوافق في ما بينها تجاه الوجود الأميركي في العراق لتسمية رئيس الوزراء الجديد، بدلاً من المستقيل عادل عبدي المهدي، وهناك مفاوضات جارية بالفعل الآن في هذا الخصوص، الأمر الذي أكده الثلاثاء النائب حسن سالم، إلا أن بعض الأطراف داخل كتلة "الفتح" تطالب بتأجيل الأمر إلى ما بعد إخراج القوات الأجنبية من البلاد، فيما ترى الكتل الأخرى أن إنهاء الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يكون بحسم موضوع رئاسة الوزراء ومعالجة مواقف الأطراف السنية والكردية الرافضة فكرة انسحاب القوات الأميركية من مناطقها شمال البلاد وغربها.
وعلى ما يبدو فإن هذا التوافق لن يدوم طويلاً بسبب الخلاف العميق على الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة والموقف من التظاهرات والاعتصامات الشعبية التي يدعمها التيار الصدري، ويطالب باستمرارها بوصفها "ثورة شعبية". وقال أسعد الناصري القيادي في التيار الصدري، المقرب من زعيمه مقتدى الصدر، إن مَن يفكر بفرض العقوبات على العراق هي "الأحزاب الفاسدة".
وذكر الناصري في تغريدة له على موقع "تويتر" أن "(الأحزاب الفاسدة) هي من تفكر بفرض العقوبات، والغاية منها إجهاض الثورة". وأضاف أن "ما يجري الآن مناوشات إعلامية وحرب نفسية، ومحاولة بعض دكاكين الحرب ترميم اقتصادها، وأوراق محترقة لإجهاض الثورة".
وأكد الناصري أن "مَن يفكر بفرض عقوبات بشكل جاد على الشعب العراقي هي الأحزاب الفاسدة لقسوة الصفعات التي وجهتها الثورة إليهم"، مبيناً أن "هذه الأحزاب إلى زوال بشرط صمود الاحتجاجات وإدامة شعلتها".