سوق السراي البغدادي يحكي تحولات المدينة
لم تشهد مدينة في العالم ما شهدته بغداد من تحولات.
تستطيع أن تقرأ تحولات هذه العاصمة العربية صفحة صفحة، منذ أن أرسى بنيانها ودورها الخليفة العباسي المنصور في القرن الثامن، إلى ذروة ازدهارها في عصر الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد، وصولا إلى عصور الذين هشموا صورتها، وطوّعوا أمرها، وسلموها في نهاية المطاف نهبا سهلا للغازي، والمتسلل، والعابر.
في أكناف هذه المدينة انعقدت حكايات ألف ليلة وليلة، وبين حواريها حيكت سرديات "لص بغداد" أو لصوصها، وتندغم سيرتها مع نشأة دور العلم والثقافة والكتب، وأيضا مع نهبها وتدميرها وإحراقها.
لم تكن بغداد، التي عرفت يوما بأسماء المدينة المدورة والزوراء ودار السلام، مدينة تخوم تخضع في العادة لاجتياحات العواصف، لكنها كانت مدينة قلب، أو المدينة القلب، ولذلك فإن العواصف التي ضربتها كانت أشد عتوا، سواء هبّت عليها من الخارج أم من الداخل.
ويمكن لكل ركن من أركان بغداد، سواء في ناحية الرصافة أو لجهة الكرخ، أن يلخص سيرتها. فكل شارع هو صورتها، وفي كل زقاق تسمع همسها، وفي كل سوق يضرب نبضها.
تعرف بغداد من أسواقها، وتتعرف على تحولاتها من خلال ما طرأ على أحد أقدم أسواقها، أي سوق السراي، بالقرب من شارع الرشيد وفي نهاية شارع المتنبي، فقد كان سابقا مختصا بصناعة وتجارة الجلود الطبيعية، فسمي لذلك بسوق السراجين، ثم تحول لكي يشتهر اليوم بتجارة الدفاتر والأوراق والكتب المدرسية، فتتكدس محلات القرطاسية على جانبي هذا السوق الذي لا يتعدى طوله 300 متر، ولا يزيد عرض ممر المشاة فيه عن ثلاثة أمتار.
إذا أردت أن تقرأ أحوال بغداد وتحولاتها، فلتتجول في أسواقها، وهو ما تفعله كاميرا "اندبندنت عربية" في هذه الجولة داخل سوق السراي.