هجوم التاجي الثاني .. معلومات تضع الحكومة العراقية في حرج مكلف
تسعى الحكومة العراقية تحت الضغوط الدولية المتزايدة للكشف عن المتورطين بالھجومين الأخيرين على قاعدة التاجي العسكرية، مع ضغط من جانب آخر تمارسه فصائل مسلحة تعيق كشف التحقيقات الخاصة بذلك.
فبعد الھجومين الصاروخيين اللذين استھدفا معسكر التاجي شمالي بغداد الذي يضم قوات أميركية وبريطانية، ليل الأربعاء وصباح أول من أمس السبت، تجد الحكومة العراقية نفسھا في وضع صعب مع تزايد الضغوط الدولية عليھا لوضع حد للھجمات على قوات التحالف الدولي في العراق.
اذ أسفر الھجوم الأول في ليل الأربعاء، عن مقتل ثلاثة من أعضاء التحالف الدولي ھم أميركيان وبريطاني، وإصابة عشرة آخرين،قبل أن تتعرض القاعدة لھجوم آخر مماثل أول من أمس السبت أسفر عن إصابة ثلاثة عسكريين من قوات التحالف وعدد من العسكريين العراقيين.
من جانبھا ردت الولايات المتحدة على الھجوم الأول بقصف معسكرات تابعة لفصائل ضمن الحشد الشعبي في بابل وكربلاء والأنبار، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 عراقيين وإصابة 60 آخرين، غالبيتھم من فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران، وسط ترقب رد أميركي جديد على عملية القصف الثانية.
وبحسب مصادر عسكرية رفيعة في بغداد، فان العراق أطلع الولايات المتحدة باعتبارھا قائدة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، الذي فقد عناصره بھجوم التاجي، على مجريات التحقيق، وفقا لطلبه السابق.
وأضافت المصادر، أن السلطات العراقية وبناء على تزايد الضغوط الدولية عليھا ودخول البريطانيين على خط المطالبة بوضع حد لھجمات الفصائل المسلحة بعد فقدانھم جنديا من قواتھم الخاصة في الھجوم، تواصل عمليات التحقيق وأطلعت أمس الأحد الجانب الأميركي على ما توصلت له على الرغم من وجود ضغوط سياسية وأخرى من فصائل مسلحة أبرزھا كتائب حزب الله والنجباء.
لكن الأخطر ما كشفه مسؤول رفيع في المنطقة الخضراء في بغداد على مقربة من التحقيقات التي تشرف عليھا أطراف عدة من مديرية الاستخبارات العسكرية العراقية التابعة لوزارة الدفاع وجھاز المخابرات العراقي وجھاز مكافحة الإرھاب، إذ لفت إلى أن المعلومات الأولية تؤكد تورط حركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي في ھجوم الأربعاء، مضيفا أن من سهل عملية نقل منصات الصواريخ عبر حواجز الجيش العراقي ووصولھا إلى منطقة قريبة من قاعدة التاجي ضمن مدى صواريخ الكاتيوشا التي استھدفتھا، ھو ضباط عراقي في مكتب رئيس الوزراء يحمل رتبة لواء، وھذا الضابط متوار عن الأنظار منذ فجر أمس الأحد، وجرى توجيه عدة استدعاءات للتحقيق معه.
ولفت المسؤول إلى أن الضابط نفسه تدخل لحذف محتوى كاميرات مراقبة في حواجز الجيش العراقي بتوجيه مباشر منه،مؤكدا تورط آخرين أرغموا على تقديم تسھيلات لتنفيذ ھجوم الأربعاء الذي كان يستھدف أساسا الجزء الغربي من القاعدة التي توجد فيھا القوات الأميركية وتمت مراعاة إطلاق أكبر عدد من الصواريخ لإيقاع إصابات محققة في صفوف القوات الأجنبية.
وأكد أن القوات الأميركية مصرة الآن على اعتقال اللواء المتورط بالھجوم من خلال تسھيل مھمة الميليشيا في مھاجمة جنودھا، وسط استمرار رسائل التھديد لعدد من المرتبطين بالتحقيق في الھجوم.
وكشف أن اتصالات مكثفة من قيادات أمنية وعسكرية عراقية مع الأميركيين أجلت ضربة كانت ستستھدف مواقع لفصائل محددة ردا على ھجوم التاجي الثاني نھار السبت، وتعھد العراق بأن يكون التحقيق عمليا ويوصل إلى المتورطين بالھجوم.
وبالنسبة لھجوم السبت على القاعدة نفسھا، أكد المسؤول أن القوات العراقية اعتقلت حتى الآن 9 أشخاص ھم صاحب المرأب الذي عثر فيه على منصات الصواريخ في منطقة أبو عظام، (4 كيلو مترات جنوب غرب قاعدة التاجي)، وأفراد نقطة التفتيش التابعة لقيادة شرطة بغداد، وآخرين كلھم يخضعون للتحقيق وتم الحصول على معلومات مھمة، وإطلاع الأميركيين عليھا من باب إثبات حسن النية والسعي لوقف الھجمات على القواعد التي يوجد فيھا جنود وقوات التحالف الدولي.
وكانت قيادة العمليات العراقية المشتركة قد أعلنت السبت أن القوات الأمنية عثرت على سبع منصات إطلاق داخل مرأب في منطقة أبو عظام.
من جھته، قال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن لجنة التحقيق التي تتولى عملية البحث عن المتورطين في الھجوم تشارك فيھا عدة وزارات وجھات أمنية واستخبارية. وأضاف أن "ھناك جدية في كشف الجھات التي تقف وراء عمليات قصف المعسكرات والقواعد العسكرية ومحاسبة الجھات التي تقف خلف ھذه الھجمات مھما كانت،والعمل جار على ذلك والتحقيق مستمر ومتواصل"، من دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل.
ومنذ 26 شباط الماضي، تشھد الساحة العراقية تصعيدا واضحا في ھجمات الكاتيوشا التي طاولت السفارة الأميركية مرات عديدة، فضلا عن قاعدة بلد الجوية ومنطقة القصور في الموصل التي توجد فيھا قوات أميركية، فيما تتبرأ الفصائل المسلحة من عمليات القصف ھذه، من دون إعلان أي جھة مسؤوليتھا عنھا. لكن ضربات التاجي الأخيرة، باركتھا فصائل مسلحة، بينما ھددت فصائل أخرى بـ"صولة جديدة ستكون لھا ضد الأميركيين"، على حد تعبيرھا.
ورأى الخبير في الشأن الأمني، محمد التميمي، أن "السلطات العراقية تمتلك الإمكانيات لكشف المتورطين في الھجمات التي استھدفت كل القواعد والمعسكرات التابعة للتحالف الدولي، لكن ضغوطا وتدخلات سياسية حالت دون ذلك، فخشية التصادم معھا ظلت تعيق أي تحقيق ليصل إلى نھايته".
واعتبر التميمي، أن العراق أصبح الآن ملزما بتقديم ما يقنع الرأي الدولي، خصوصا أن الأمر لم يعد متعلقا بالأميركيين بل بالبريطانيين وكل الأطراف المشاركة في التحالف الدولي ضد الإرھاب، وكذلك ھناك رسائل دولية وصلت إلى بغداد شددت على ضرورة كشف تلك الجھات وإثبات قوة الدولة، بأسرع وقت، من أجل مواصلة الدعم الدولي للعراق، مشيرا إلى أن عدم إجراء تحقيق فعلي سيضع بغداد في مكان غير مريح ويؤكد حقيقة سيطرة المليشيات والجماعات المسلحة على القرار في البلاد.
وأضاف، أن "قادة الفصائل المسلحة، أكدوا للحكومة العراقية عدم معرفتھم بالجھات التي تقصف المعسكرات والقواعد،لكن في الحقيقة ھم يعرفون من تلك الجھات ويعرفون حتى أسماء الشخصيات التي تنفذ"، معربا عن اعتقاده بأن "التحقيق سيكشف أسماء مھمة متورطة لكن ستكون عندھا قد تركت العراق وغادرت إلى إيران أو حتى سورية، ويكون العراق كدولة قد تخلص من الحرج بإعلان المتورطين وأيضا عدم التصادم من الفصائل في حال أقدم على اعتقالھم"، بحسب موقع العربي الجديد.