اخبار العراق الان

كيف خلط "كورونا" الأوراق 

كيف خلط
كيف خلط "كورونا" الأوراق 

2020-04-02 00:00:00 - المصدر: الحرة


نريمان قداش - الجزائر 

فجأة استحوذ كورونا على نمط حياتنا، وأصبحنا آلة لعد المصابين والمتوفين والمتعافين، وشرع الفيروس في تغييرنا والعبث بأرواحنا، كما غير في مسار الزمن الاجتماعي لكل شعوب العالم، فلم تعد أيامنا بنفس الطعم ونفس الرائحةـ فقد تبدل إيقاع يومنا وبتنا نرتبه على نحو مغاير للعادة، حيث أصبح يومنا مشوبا بالريبة والحيطة وكأن كل من نراه هو حامل للفيروس.. هنا لا نستثني الصحفي، فهو يخاف ويحذر ويراعي أدوات السلامة. 

ومنذ تفشي الفيروس في الجزائر وظهور أولى الحالات، انقلبت معادلة التغطية فبعد أن كنا نهرع لمكان الحدث لننقل أولى صوره ونكون السباقين، بتنا نخشى من الاقتراب، فالاقتراب في زمن الكورونا يعني خطر الإصابة، وأنا كمراسلة مطالبة بوضع المشاهد في الصورة ونقلها له بكل أبعادها.. ولم أكن أتوقع أن أرتاب يوما من حمل الميكرفون وسيلة المراسل، فقد اختلف الوضع الآن كل شيء حولي يثير المخاوف، فالفيروس قد يكون في أي مكان، وهنا بدأت أبحث عن الإجابة للسؤال.. ماهي الأولوية؟؟

قصص في زمن الكورونا 

تسارعت الأحداث في الجزائر، المئات في المشافي وآخرون في الحجر الصحي وحظر تجوال جزئي، لكن أين أنا من كل هذا، فواجبي يقتضي تغطية دائمة ومتابعة للوضع على الأرض، لكن لأول مرة أستشعر الخوف من النزول إلى الشارع وسط المواطنين لأنقل صوتهم، ولأول مرة أرتاب عند اقتراب أحدهم مني.

بدأت هذه الحالة، عندما عرفت أن صديقا أصيب بالفيروس، وأدركت وقتها أن لا أحد مستثنى أو مميز، لأعود إلى البيت وأنا على يقين بعدم قدرتي على تقبيل والدتي، التي رمقني بنظرات من القلق والحيرة لتبدأ بالدعاء من جديد.. 

إجراءات الحكومة تزداد تشددا، يجب تقييم الوضع والنزول للشارع، ويحدث أن ألتقي بامرأة كانت ترمقني بنظراتها، فاقتربت منها لأسمعها تقول: لا أملك منزلا لألتزم بقرار الحجر، أنا أبيت في الشارع.. هل يمكنك مساعدتي أنت صحفية. 

وأضافت أن الشوارع خلت، فلا أجد أحدا يمدني بوجبة أو شربة ماء،.. وحين أضحى الالتزام بالبيت ضرورة تحول إلى نقمة عند آخرين، ففي شوارع العاصمة الجزائر آلاف المشردين.. من يتكفل بهم، وهم أكثر عرضة لالتقاط الفيروس.. أسئلة كثيرة تراودني وأود الإجابة عنها لكن لا سبيل لذلك فالعمل بات صعبا في زمن الكورونا..
 
عائلتي وأنا

ضعي القفازات ولا تلمسي أي شيء بيديك، كلمات أمي التي حلت محل دعوات كانت تقولها لي عند خروجي كل يوم من البيت، فالوضع اختلف الآن ولم تعد تهتم لترى تقريري في النهاية، كلمات التشجيع التي يقولها والدي لم تعد تصدر عنه.. لا كلمة تعلو عن التحذير والنصائح التي لا تنتهي، فكم تغير الوضع وبعد أن كان عملي مفخرة عند أهلي تحول إلى كابوس.. فهم يعدون الساعات والدقائق لأعود إلى البيت وتفحصني والدتي عبر لمس جبيني، فهي تظن أن الفيروس يبدأ بارتفاع الحرارة..

متى ينتهي "الكورونا" لنعود الى تفاصيل حياتنا الروتينية التي نشتاق إليها مع كل لحظة خوف وقلق تمر، لا نعرف.. لكن الثابت في كل زمان ومكان أن على الصحفي التعايش مع مختلف الظروف للاستمرار في نقل الحقيقة.