القصف التركي في العراق يتفاعل دبلوماسيا وشعبيا
أحدثت الضربة الجوية التي نفّذتها تركيا في منطقة سيدكان الحدودية العراقية قبل ثلاثة أيام شرخاً جديداً في العلاقات العراقية التركية، وتمخّض الهجوم عن تداعياتٍ ما زالت تتفاعل سريعاً على أكثر من صعيد. وأحدث تطوّر جاء من جهة فرنسا التي طالبت تركيا بتوضيح ملابسات الهجوم الذي أسفر عن مصرع ضابطين رفيعين في قوات الحدود العراقية.
وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أن "باريس تندّد بهذا التطوّر الخطير الذي يجب على تركيا توضيحه بشكل كامل". ويأتي التعليق الفرنسي على الهجوم في مرحلة تمرّ فيها العلاقات بين باريس وأنقرة بحالةِ توترٍ بدت واضحة في ضوء اعتراض فرنسا الصريح على التنقيبات التركية عن الغاز شرق البحر المتوسط، ثم التدخل التركي في ليبيا.
ولا يُعدُّ الهجوم التركي الأول من نوعه على العراق خلال العام الحالي، إذ أعلنت أنقرة منتصف يونيو (حزيران) الماضي شروعها بعمليةٍ عسكريةٍ أطلقت عليها اسم "مخلب النمر" لتدمير معاقل عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق حدودية عراقية، لكن الهجوم الأخير يختلف عن الهجمات السابقة لتسبّبه بمصرع عسكريين عراقيين. وكانت خلية الإعلام الأمني العراقية ذكرت في بيان أن "القصف التركي استهدف عجلة عسكرية لقوات حرس الحدود في منطقة سيدكان الحدودية التابعة لقضاء سوران في إقليم كردستان، وتسبّب بمقتل آمر اللواء الثاني وآمر الفوج الثالث في اللواء الثاني لقوات حرس الحدود في المنطقة الأولى، إضافةً إلى جندي".
غضب شعبي ورسمي
تظاهر مساء الخميس عشرات العراقيين قرب مبنى السفارة التركية في بغداد احتجاجاً على الهجوم، تزامناً مع مضي الحكومة العراقية بخطوات دبلوماسية، بدأتها بإلغاء زيارةٍ كانت مقررة اليوم لوزير الدفاع التركي خلوصي آكار، كما استدعت السفير التركي لدى بغداد فاتح يلدز، وسلّمته مذكرة احتجاج وصفتها بـ"شديدة اللهجة". وعقب تسليمها، أصدرت الخارجية العراقية بياناً جاء فيه أن "المذكرة تضمنت تحميل الجانب التركي مسؤولية الاعتداء، مع المطالبة بتوضيح ملابساته ومحاسبة مرتكبيه، فضلاً عن التأكيد على ضرورة أن تباشر الحكومة التركية بإيقاف القصف وسحب قواتها المعتدية من الأراضي العراقية كافة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعا نواب عراقيون إلى استخدام العلاقات الاقتصادية بين البلدين كورقة ضغط على تركيا، ومنهم النائب منصور البعيجي الذي قال إنّ "الردّ المناسب يكون من خلال قطع العلاقات التجارية والاقتصادية كافة مع تركيا جراء ما تقوم به من انتهاكاتٍ في العراق، حتى تراجع ما تقوم به من قصفٍ وانتهاك لأراضي البلاد".
وقبل أن يضمحلّ الغضب الشعبي والرسمي في العراق، نشرت وزارة الدفاع التركية عبر حسابها في "تويتر" مشاهد توثيقية للهجوم، مفيدةً في بيان أصدرته بعزمها على مواصلة التحرّكات العسكرية في مناطق حدودية عراقية. وأشارت إلى أن "أنقرة ستّتخذ التدابير اللازمة لحماية أمن حدودها في حال واصل العراق تجاهل وجود عناصر الكردستاني على أراضيه"، مضيفةً أن "مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة ضد المسلحين الموجودين في العراق تقع على عاتق بغداد بالدرجة الأولى، وهم يستهدفون تركيا من خلال مواقع يتمركزون فيها داخل الأراضي العراقية منذ سنوات طويلة، وهذه المنظمة تتحدّى في الوقت نفسه سيادة العراق ووحدة أراضيه واستقراره".
تنديد عربي
على المستوى العربي، دانت القاهرة الهجوم التركي، وجاء في بيانٍ للخارجية المصرية أن "ما حصل يمثّل انتهاكاً مرفوضاً لسيادة العراق الشقيق، وتهديداً جديداً للأمن والاستقرار الإقليميَّيْن"، بينما قال وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن "دولة الإمارات تقف مع العراق في مواجهة الانتهاكات المستمرة لسيادته".
كما أجرى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اتصالاً هاتفياً بنظيره العراقي فؤاد حسين عبّر خلاله عن رفض المملكة للانتهاكات التركية والمساس بأمن الدول العربية واستقرارها. وتلقّى حسين أيضاً مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح، الذي أكد رفض بلده لأي اعتداءات خارجية تهدّد أمن العراق واستقراره.