اخبار العراق الان

مسرح ’المجزرة’.. أطاح بعادل عبدالمهدي ثم ودع ’دماء الضحايا’ وخلّد مطالب القصاص!

مسرح ’المجزرة’.. أطاح بعادل عبدالمهدي ثم ودع ’دماء الضحايا’ وخلّد مطالب القصاص!
مسرح ’المجزرة’.. أطاح بعادل عبدالمهدي ثم ودع ’دماء الضحايا’ وخلّد مطالب القصاص!

2020-09-25 00:00:00 - المصدر: وكالة ناس


ناس - بغداد

كانت الكتل الكونكريتية الصغيرة وبعض الحجارة المتناثرة على الجسر هي أخر ما تبقى من مشهد أحداث العنف التي وقعت قبل نحو العام، مع أثار للدماء التي سالت عليه، لتختفي مع أول دفعة من المياه لتنظيفه تمهيداً لحركة المرور.

قبل عام لم يكن "الزيتون"، سوى جسر يربط مناطق الناصرية فيما بينها، وهو واحد من خمسة جسور رئيسية في مركز محافظة ذي قار، لكنه تحول إلى شاهد على أحداث العنف التي طالت المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات التي انطلقت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وموقعاً للتصعيد.

وتحول الجسر إلى رمز للاحتجاجات حيث أغلق بعد "المجزرة" التي كان مسرحاً لها في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، والتي راح ضحيتها العشرات من المتظاهرين.

افتتح الجسر مجدداً، في 17 أيلول/سبتمبر 2020، في مراسم حضرها بعض المتظاهرين وسمعوا خلالها تعهدات جديدة من السلطات المحلية بـ"محاسبة القتلة"، في الوقت الذي يواصل فيه ذوو الضحايا مطاردة المتهمين عبر إجراءات قضائية.

ومنذ اندلاع الإحتجاجات، كانت الجسور واحدة من أهم الوسائل التي يستخدمها المتظاهرون للضغط على السلطات بهدف تحقيق مطالبهم، إلى جانب الإضراب الطلابي والاعتصام أمام المؤسسات والدوائر، مقابل إجراءات عنيفة أقدمت عليها قوات الأمن في كثير من الأحيان.

ومثلت الجسور، على مدى أشهر من الاحتجاجات في الناصرية، منطقة محرمة تفصل بين القوات الأمنية والمتظاهرين، لكن صباح الـ 27 من تشرين الثاني كان مختلفاً، إذ سقط نحو 40 شخصاً في أحداث دموية على جسر الزيتون امتدت على مدى يومين، وكانت قوات يقودها جميل الشمري طرفاً فيها.

مثلت تلك الأحداث منعطفاً كبيراً في البلاد برمتها، إذا أجبرت رئيس الحكومة السابقة عادل عبد المهدي على إعلان استقالته، بعد ردة فعل شديدة من المرجعية الدينية في النجف.

بعد ذلك توالت الأحداث وتم غلق جسر الزيتون بالكامل، وأغلقت بقية الجسور لعدة أسابيع وتوقفت الحياة والمدارس والدوائر الحكومية، وإضطرت الحكومة المحلية التي أصبح فيها أباذر العمر محافظاً بالوكالة الى تعطيل الدوام لأسابيع لتخفيف التوتر، وبعد محاولات عديدة، أعيد فتح الجسور البقية وظل جسر الزيتون ملطخاً بالدماء ومغلقاً إلى أشعار أخر.

يقول الكاتب والصحفي محمد التميمي في حديث لـ"ناس"، "في هذه الأيام تمر علينا ذكرى مرور عام على انطلاق التظاهرات في العراق، و10 أشهر منذ فاجعة الزيتون، لكن لم يتم محاسبة مرتكبي المجزرة أو محاكمتهم ولم يعلن حتى الآن عن مجريات التحقيق للرأي العام".

ويضيف التميمي، أن "مجزرة الزيتون ساهمت لاحقاً بأحداث فوضوية في الناصرية تسببت بإضعاف هيبة الدولة والمؤسسات الأمنية في المحافظة مما انعكس سلبا على مجمل الوضع العام في المحافظة".

ويشير التميمي، إلى "ضرورة الإسراع بمحاكمة القتلة وكشف الحقائق للرأي العام"، كما يشدد على ضرورة "أخذ الدروس والعبر مستقبلاً من هذه الحادثة في تغليب لغة الحوار والتفاهم على لغة العنف والسلاح لانها لا تولد سوى العنف والفوضى".


وشهد الجسر أيضاًَ، محاولات اغتيال طالت ناشطين، كما مثل مسرحاً مستمراً للتصعيد الاحتجاجي، والذي قوبل بتوجيه اتهامات للمتظاهرين بـ"إيقاف الحياة العامة والعبث بمصالح المواطنين".

ويقول المدون والناشط في التظاهرات مصطفى الفارس، إن "إغلاق جسر الزيتون لأكثر من عشرة أشهر لم يكن له أي معنى، سوى أن ما حصل هو ردة فعل، وماحدث في الجسر من مجزرة يجب أن يتم تخليدها كل عام في وقفة واستذكار، كي تخلد في قلوب الناس وليس عبر إغلاق الطرق".

ويضيف في حديث لـ"ناس"، أن "ما حصل في الجسر لا يجب أن يمر مرور الكرام، كان موقف الحكومة المحلية آنذاك والآن مخجلاً، مقارنة بحجم الحدث الذي تفاعل معه العراقيون بشكل استثنائي، وما تزال دماء الشباب لم تجف من قلوب ذويهم بسبب عدم محاسبة أو محاكمة أحد ممن تسبب وساهم في المجزرة".

ودفعت أحداث جسر الزيتون، العام الماضي، شرائح واسعة من أبناء محافظة ذي قار إلى الانخراط في الاحتجاجات، عبر مسيرات وفعاليات حملت صور الضحايا وطالبت بالاقتصاص من الجناة، لكن دون جدوى.


ووافق ذوو الضحايا الشهداء، مؤخراً، على إعادة فتح جسر الزيتون لتسهيل حركة المواطنين، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته عدم التخلي عن مطلب محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف التي راح ضحيتها المئات على مدى أشهر.

ورحبت الحكومة بتلك الخطوة، إذ قال الكاظمي، في تغريدة له على تويترالجمعة (19 أيلول 2020)، إن "إعادة افتتاح جسر الزيتون في الناصرية خطوة مباركة تستحق الثناء والشكر لأهلنا الطيبين وشبابنا الواعي".

وأضاف، أن “هذه الخطة تثبت أن الحوار لا ‏التصادم هو الطريق لفهم تطلعات شعبنا”، متعهداً بـ “مواصلة البحث عن الجناة وتقديمهم للعدالة”.

وكشف الكاظمي أيضاً، عن تفاصيل جديدة بشأن مشروع صرح لتخليد ضحايا الاحتجاجات على جسر الزيتون، مؤكداً "الصرح هو استحقاق العراق، واستحقاق للدماء التي سالت وهي تردد: نريد وطناً".

وبين إغلاق الجسر لأشهر وإفتتاحه قبل أيام، ما يزال ذوو الضخايا يأملون أن يشهدوا محاسبة قتلة أبنائهم على أمل عدم تكرار حوادث مماثلة وضمان حرية التعبير وحقوق المواطنين.