الكويت تودع أميرها الراحل رمز الدبلوماسية العربية وأخوه يخلفه
الكويت (رويترز) - وارت الكويت يوم الأربعاء الثرى جثمان أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي ساعد في قيادة الدولة الخليجية خلال بعض من أكثر العقود اضطرابا في الشرق الأوسط.
أمير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح أثناء تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة (البرلمان) في الكويت العاصمة يوم الأربعاء. صورة حصلت عليها رويترز من مقطع فيديو من تلفزيون الكويت.
واقتصر حضور الجنازة على أفراد الأسرة الحاكمة بسبب مخاوف من جائحة فيروس كورونا.
ولم يشارك في الجنازة من زعماء دول الخليج العربية سوى أمير قطر، الذي تقاطع السعودية الإمارات بلاده بسبب خلاف ظل الشيخ صباح (91 عاما) يحاول حله حتى وفاته.
وكان على رأس المشيعين خلفه وأخوه الشيخ نواف الأحمد الصباح (83 عاما) وذلك بعد أدائه اليمين الدستورية في مجلس الأمة، حيث تعهد بالعمل من أجل ازدهار واستقرار وأمن الدولة العضو في منظمة أوبك.
وقال أمام مجلس الأمة ”يواجه وطننا العزيز اليوم ظروفا دقيقة وتحديات خطيرة لا سبيل لتجاوزها والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الصف وتضافر جهودنا جميعا مخلصين العمل الجاد“.
ويتولى الشيخ نواف زمام الأمور في بلده الصغير شديد الثراء، إذ يملك سابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم، في وقت تحاول فيه الحكومة تعزيز الأوضاع المالية في بلد يتمتع مواطنوه بنظام رعاية اجتماعية من المهد إلى اللحد.
ومن غير المتوقع أن تغير خلافته السياسة النفطية أو الاستثمارية أو الخارجية التي عمدت من خلالها الكويت إلى موازنة العلاقات مع جاراتها الأكبر السعودية والعراق وإيران.
ويواجه الأمير الجديد مهمة عاجلة لكسر الجمود التشريعي بشأن قانون الدين اللازم لعلاج أزمة السيولة في الدولة الغنية.
وأوقف البرلمان مرارا مشروع القانون الذي يسمح للكويت بطرق أسواق الدين العالمية ولكن المسألة أضحت ملحة إذ تضغط أسعار النفط المنخفضة وكوفيد-19 على المالية العامة للدولة مما أدى لاستنزاف سريع للاحتياطيات النقدية المتاحة.
ويتولى الشيخ نواف الحكم فيما يواجه الاقتصاد الكويتي البالغ حجمه 140 مليار دولار تقريبا عجزا متزايدا يصل إلى 46 مليار دولار هذا العام.
وأسعار النفط عند نحو 40 دولارا للبرميل أقل كثيرا عن المستوى اللازم لتحقيق توازن في ميزانية البلاد، حيث تمثل أجور موظفي القطاع العام والدعم 71 بالمئة من الإنفاق في السنة المالية 2020-2021.
وانهالت التعازي من زعماء العالم في وفاة الدبلوماسي المخضرم والسياسي المحنك، الذي يحظى باحترام واسع لاهتمامه بالعمل الإنساني،والذي سعى إلى حل الخلافات في الشرق الأوسط، وعمل على إصلاح العلاقات مع العراق الذي احتل الكويت في التسعينيات، والإبقاء على حوار مع إيران ومناصرة القضية الفلسطينية.
وقالت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا في بيان نشره قصر بكنجهام على تويتر ”سنتذكره طويلا لكل ما عمله من أجل الاستقرار الإقليمي والتفاهم بين الدول والأديان ومن أجل الإنسانية“.
* أوقات صعبة
وكان الشيخ صباح، الذي توفي الثلاثاء في الولايات المتحدة حيث كان يُعالج منذ يوليو تموز، يحكم الدولة المتحالفة مع واشنطن منذ 2006 وقاد سياستها الخارجية لأكثر من 50 عاما.
وكان الشيخ نواف في المطار لدى وصول الطائرة التي كانت تحمل جثمان أخيه الذي لُف في كفن أبيض وعلم الكويت.
ودفن الشيخ صباح في مقبرة الصليبيخات مع أقاربه، بعد صلاة الظهر في مسجد بلال بن رباح، حيث وضع المشيعون، بمن فيهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الكمامات.
وقالت الإمارات إن نائب رئيس الوزراء، وهو أيضا وزير الداخلية، ووزير التسامح والتعايش، وكلاهما من أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي، مثلاها في الجنازة.
وعندما توفي الأمير السابق الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 2006 حضر آلاف الكويتيين الجنازة واصطف كثير من المواطنين والمغتربين في الشوارع.
وقالت مدربة لياقة بدنية كويتية تدعى خديجة لرويترز ”أنا متأكدة أن جميع الرجال كانوا سيودون الذهاب... وكنا سنود نحن النساء تأبين أميرنا بطريقة ما“.
وأضافت ”أتمنى أن تكون لدينا قيادة شابة ورؤى جديدة... أريد أن أرى تغييرا في اقتصادنا وتعليمنا وتنفيذ العديد من الوعود التي لم تتحقق“، مضيفة أن دول الخليج الأخرى شهدت تغييرا في ظل جيل جديد من القادة.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن الشيخ نواف، الذي يفتقر إلى الخبرة التي تمتع بها أخوه الراحل على مدى عقود، من المرجح أن يركز على الشؤون الداخلية مثل اختيار ولي للعهد يدير العلاقة مع البرلمان الذي كثيرا ما دخل في مواجهات مع الحكومة وعرقل جهود الإصلاح الاقتصادي.
وبموجب الدستور يختار الأمير ولي العهد، لكن جرت العادة على أن تعقد الأسرة الحاكمة، التي يسعى بعض من أبرز أفرادها لتقلد المنصب، اجتماعا للتوصل إلى توافق في الرأي.
ويتعين أن يوافق البرلمان أيضا على من يقع عليه الاختيار.
وقال كويتي يدعى عبد الله (32 عاما) ”وفاة الشيخ صباح كانت صادمة لي رغم أنه كان مريضا ويُعالج بأمريكا. فقدنا هرما يحترمه العالم وندعو الله أن الشيخ نواف يكمل مسيرته ونحن متفائلون به“.
وقال محمد ابو غانم (45 عاما) ”عموم الشعب متأثر لوفاة الأمير الشيخ صباح. لا أتوقع تغييرا كبيرا في عهد الشيخ نواف .. عندنا مشكلات كبرى قد يتم حلحلة بعضها لكن لست متفائلا بشكل كبير“.
ويرى المحللون أن وفاة الشيخ صباح عقب وفاة السلطان قابوس سلطان عُمان هذا العام، والذي لعب أيضا دورا في الوساطة والتوازن بالمنطقة، بمثابة نهاية حقبة في الخليج مع وصول جيل شاب إلى السلطة، لا سيما في السعودية والإمارات، اللتين تتخذان مواقف صارمة من إيران.