العراق يسعى إلى تدوير ملايين إطارات السيارات
تتراكم الملايين من الإطارات سنوياً في أماكن كثيرة من المحافظات العراقية لتشكل عبئاً على الدوائر الخدمية، التي فشلت خلال السنوات الماضية في إيجاد طريقة للتخلص منها بشكل لا يتسبب بأي أضرار في البيئة. فالعراق يستورد نحو 10 ملايين إطار من مختلف الدول سنوياً، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية، لتزويد أكثر من 6 ملايين سيارة، ثم ترمى فيما بعد في الساحات والطرق العامة، وتحرق معظمها للتخلص منها من دون موافقات من الجهات البلدية وبعيداً من الضوابط البيئية.
المطلوب تدوير عشرات الملايين من الإطارات سنوياً (وزارة الصناعة والمعادن العراقية)
معدات جديدة
ومنذ مارس (آذار) عام 2019 بدأت خطوات جدية للتخلص من عشرات الملايين من الإطارات من خلال وصول معدات لتدوير الإطارات التي تبلغ طاقتها نحو 5 أطنان في الساعة، ليتخذ من مدينة الديوانية مقراً لها، والذي احتاج إلى أكثر من عام ونصف العام لتشغيله، بسبب التظاهرات التي شهدتها المدينة، وغلق المدن العراقية لأشهر بسبب انتشار فيروس كورونا. نصب المعمل الذي افتتح قبل أيام في جزء من مصنع الديوانية لإنتاج الإطارات، وهو الأقدم في البلاد، لتحويلها إلى مادة أولية تستخدم في إنتاج "مفروم المطاط" بقياسات مختلفة والبلاطات المطاطية، التي تستخدم في الملاعب الرياضية، ورياض الأطفال والمقرنص المطاطي وإنتاج المطبات، بحسب مسؤولين في الصناعة العراقية.
منتجات جديدة في السوق العراقية
ويقول وزير الصناعة منهل عزيز في كلمة له خلال حفل تدشين المصنع الذي أنشئ بالشراكة بين إحدى شركات القطاع الخاص ومصنع إطارات الديوانية "إنها تجربة جديدة وناجحة في قطاع الصناعة لإنتاج منتجات جديدة على السوق العراقية ومنافسة المستورد من حيث الكفاءة والجودة والسعر". ويضيف عزيز "هذا المشروع سيسهم في التخلص من الإطارات المستهلكة بشكل نهائي ومن دون مخلفات وذات مردود وجدوى اقتصاديين".
إنشاء مصانع جديدة للتدوير
من جانبه يكشف المتحدث باسم وزارة الصناعة والمعادن مرتضى الصافي عن وجود خطط لدى الوزارة لإنشاء مصانع أخرى في الجنوب والوسط والشمال، للقضاء على مخلفات الإطارات واستخراج مادة الكاربون والحبيبات البلاستيكية ومادة الكازويل (تستخرج من المخلفات وتستخدم كمادة وقود) لتشغيل معامل الطابوق (حجارة للبناء).
ويوضح الصافي لـ"اندبندنت عربية"، "أن مشروع تدوير الإطارات في الديوانية أنشئ من خلال المشاركة بين الشركة العامة لصناعة الإطارات وشركة أبراج الكوت لتدوير الإطارات المستهلكة بهدف تخليص البلاد من الكم الهائل من الإطارات الملوثة للبيئة وإنتاج الحبيبات البلاستيكية التي تستخدم للمطبات الأرضية والنوادي الرياضية".
ويأمل الصافي أن تقدم الشركات الاستثمارية عروضها إلى وزارة الصناعة لإنشاء مصانع أخرى للتدوير بقية النفايات بالتعاون مع القطاع العام".
ولم تكن الإطارات وحدها المشكلة في المعالجة، فالكم الهائل من النفايات التي تضم مواد متعددة، سواء أكانت عضوية أو بلاستيكية أو زجاجية أو معدنية، هي من أهم المشاكل التي تعاني منها العاصمة بغداد، وباقي مدن العراق، وعلى الرغم من أن المختصين في الدوائر البلدية يجمعون النفايات وتطمر بعيدة من المدن، إلا أن تحلل هذه المواد في التربة، وبحسب مختصين يشكل مشكلة كبيرة تكون مصدراً لتلوث التربة.
أزمات العراق أخرت مشاريع التدوير
بدورها تشير وزارة البيئة إلى أن الأزمة الاقتصادية والظروف السياسية التي شهدها العراق أخرت مشاريع تدوير النفايات واستخدامها لإنتاج الكهرباء والأسمدة.
مدير دائرة التوعية والإعلام في وزارة الصحة والبيئة أمير الحسون يقول لـ"اندبندنت عربية"، "نطالب الدوائر المعنية بإنشاء معامل لتدوير النفايات من أجل التقليل من التلوث وتحويلها إلى مواد مفيدة"، لافتاً إلى وجود بداية لهذه المشاريع في كربلاء وبعض المدن.
ويلفت الحسون إلى أن آلية طمر النفايات تكون بعيدة من الشروط الصحية، وتفاقم الوضع خلال العقدين الماضيين بسبب النمو السكاني ما زاد من حجم النفايات وشكل ضغطاً على الدوائر البلدية.
الطاقة الكهربائية
الكم الهائل من النفايات لا سيما الصلبة منها، تحتاج إلى معامل تدوير خاصة، بعضها موجودة فعلاً، إلا أنها معامل صغيرة، تتعامل مع هذه النفايات بإمكانات بسيطة غير مطابقة للشروط الصحية، ما يفقد تلك المواد خصائصها، وبحسب الجهاز الوطني للإحصاء، فإن 10 في المئة فقط من النفايات يعاد تدويرها في العراق، بحسب إحصائيات صدرت عام 2019.
من جهته يشير الخبير الاقتصادي باسم أنطوان إلى وجود بحوث ودراسات لتدوير النفايات في بغداد، من خلال مستثمر لاستخدامها لإنتاج الكهرباء وهناك مباحثات في هذا الاتجاه.
ويضيف أنطوان، "في بغداد وحدها تفرز 10 آلاف طن من النفايات، ومن الممكن أن يستفاد من جزء من هذه النفايات لاستثمارها في مجال الطاقة الكهربائية، وأن يستفاد من المخلفات الأخرى عبر مصانع متخصصة لهذا الغرض". ويتابع أنطوان "أن هناك مصانع صغيرة تتولى عملية تدوير المخلفات البلاستيكية، إلا أنها تجري بطريقة بدائية مما يفقد البلاستيك خصائصه، وبالتالي يصنع أدوات مختلفة لا تصلح لأن تكون أوعية للطعام أو الماء".