اخبار العراق الان

التفكير برفع سعر صرف الدولار يشكل خطاً كارثيا على العراق

التفكير برفع سعر صرف الدولار يشكل خطاً كارثيا على العراق
التفكير برفع سعر صرف الدولار يشكل خطاً كارثيا على العراق

2020-10-21 00:00:00 - المصدر: الاتحاد الوطني الكردستاني


باختصار العراق ككل يعيش الان في أزمة اقتصادية خانقة بسبب (انخفاض) أسعار النفط الخام المصدر .

ونحن هنا نحاول ان نتكلم بلغة سهلة ومفهومة دون اللجوء الى استخدام مصطلحات اقتصادية معقدة قدر الإمكان، وكما هو معروف لدى الجميع ان هذا الانخفاض يعود الى  (انخفاض) في المستوى العام في  الاًنشطة ( الإنتاجية و الاستهلاكية ) على المستوى العالمي بنسبة تقدر بحدود( ٣٠٪؜  ) ، و ذلك لسبب رئيسي يتمثل بتفشي ( وباء كرونا ) الذي اصاب العالم بشلل جزىًي في مختلف الأنشطة .

وللاًسف ان العراق من اكثر بلدان العالم متاًثراُ بنتائج انخفاض أسعار النفط الخام بسبب اقتصاده المعروف ب (وحيد المصدر ) المعتمد على( ايرادات النفط )  بنسبة تقدر ب ( ٩٤٪؜ ) في تمويل ( الموازنة العامة ) سنويا .

في حين نجد ان التاًثير المذكور اقل وطئةً على اقتصادات معظم البلدان النفطية الاخرى، و ذلك بسبب قيامها ( بتنويع مصادر ايراداتها ) في تمويل موازناتها السنوية،  علاوة على قيام هذه الدول  بانشاء ( صناديق سيادية ) من الفوائض المالية المتحققة لديها واتخاذها ( كاحتياطي ) لمواجهة الاًزمات المستقبلية .

لذلك نرى بان الحكومة العراقية تدرس الان كيفية حل هذه المشكلة الحقيقية، لاجل ايجاد (مصادر اخرى) لتغطية ( العجز  المتحقق ) في موازنتها السنوية .

هناك عدة حلول مطروحة من قبل بعض الخبراء  لحل هذه المشكلة دون جدوى، حيث وردت حلول عديدة في هذا المجال ومنها على سبيل المثال  لا الحصر تتمثل ب :-

١- التوجه نخو الحصول على القروض الخارجية من المووًسسات الدولية .

٢- اًو اللجوء للحصول على القروض الداخلية من المووًسسات و الشركات المحلية و الاًفراد .

٣-  او القيام  بتخفيض بنود النفقات العامة في الموازنة .

٤- او  القيام  بتنويع مصادر الإيرادات العامة  و تعظيمها .

٥- او القيام بتخفيض حدود رواتب الموظفين او ادخارها بنسب معينة  .

٦- او  احداث تغيرات في طرح حجم عملة الدولار الى السوق خلال ما يعرف بنافذة العملة من قبل البنك المركزي .

٧- او استخدام جزء من ( احتياطي النقد الأجنبي ) المتوفر لدى البنك المركزي العراقي لحل المشكلة .

٨- او تمويل الموازنة عن طريق ( إصدارات  نقدية جديدة ) دون  وجود (غطاء للعملة ) اي طبع الدينار  بدون الرصيد المعروف ب ( تمويل الموازنةً عن طريق العجز النقدي ).

٩- او قيام الحكومة  بوقف الملاكات الوظيفية لسنوات قادمة .

٩-....الخ من الإجراءات المقترحة .

حقيقةً لكل هذه الإجراءات و الحلول سلبياتها و إيجابياتها ، واحيناً هناك ايضا صعوبة او سهولة في تطبيقها حسب الظروف الاقتصادية لكل دولةُ ، ونحن هنا لسنا بصدد بيان تفاصيلها في هذا المقال المختصر .

المهم .. ما يجلب الانتباه هنا  ، هو انتشار اشاعات من قبل البعض او جهات غير موثوقة تدعو  الى اتخاذ اجراء اخر يتجسد في رفع ( سعر صرف الدولار ) الحالي الى مستوى ( دولار = ١٥٠٠ دينار )  كحل اخر من حلول تحسين الوضع الاقتصادي و لاجل الاحتفاظ برصيد و احتياطي الدولار  من جهه ، و تخفيض حجم ( النفقات العامة ) بنسبة معينة ، على اي حال ،  حالياً تم تكذيب اللجوء  الى هذا الإجراء رسميا و الاًبقاء على (ثبات سعر الصرف الحالي  ) لاًجل التهدىًة .

وان كانت هناك ثمة نية من قبل البعض في الحكومة لرفع سعر صرف الدولار لاحقاً   ، لحل المشكلة المالية الحالية من خلال توفير النفقات العامة  بنسبة ما  ، فانه يشكل خطاًً كارثياً على غالبية الشعب العراقي من ذوي الدخول  المحدودةُ و هؤلاء الذين يعيشون في ( مستوى حد الكفاف ) و العاطلين  و يشكلون نسبة كبيرة من سكان العراق .

السوًال..... ما هو التفسير و التحليل لخطاً اتخاذ اجراء (  رفع ) سعر صرف الدولار تجاه الدينار على الاًقل في الوضع الراهن للعراق ..؟؟.

الجواب.... يتلخص بان الظرف  العراقي الحالي يختلف الى حد كبير عن  ظروف الدول النفطية و غير النفطية الاخرى ، 

حيث ان  الوضع العراقي الحالي يتسم بما يلي إجمالاً :-

١- وجود  تدهور و تخلف و فساد اداري و اقتصادي و قانوني في مختلف مووًسسات  الدولة .

٢- انتشار البطالة بين الأفراد تقدر بنسبة اكثر من ( ٣٠٪؜ ) من فوة العمل .٣- ارتفاع مستويات الفقر بين السكان تقدر ايضا بنسبة اكثر من ( ٣٠٪؜ ).

٤- انتشار التدهور  و الاًنفلات الاًمني و العسكري في مفاصل عديدة .

٥- انهيار السلم المجتمعي و تفشي النزاعات المذهبية و الطاىًفية و العرقية .

٦- وجود  الاًزمات الاًقتصادية و  السياسية و العسكرية و الدبلوماسية التي تعيشها الحكومة العراقية مع الدول و المحافل  و المووًسسات المالية الدولية .

٧- اهم من هذا و ذاك فقدان الثقة و المصداقية و الشفافية بين الشعب ككل و الحكومة ،

٨- ... . الخ من المتناقضات .

ان ما نريد ان نتوصل اليها ، هي ان اية دولة تتسم بسمات الثمانية اعلاه تقع ضمن معايير  ( الدول الفاشلة ) و هي آيلة للسقوط ان لن تصلح أوضاعها المتردية مستقبلاً  .

لكن رغم كل هذا التردي في الوضع العراقي الحالي ، الا انه يتميز ( بسمة إيجابية ) جداً في الوقت الحاضر ، الا و هي تتجسد  بوجود (( سعر ثابت لصرف الدولار )) المقر من قبل البنك المركزي العراقي ، الاًمر الذي يقلل من التاًثيرات السلبية لعوامل الثمانية السابقة على الدولة ككل .

لذا فان اي تفكير من قبل  ( السلطة النقدية ) بشاًن القيام ( برفع ) سعر صرف الدولار - تحت اي مبرر - سيكون بمثابة خطاً كارثي على   الدولة و المجتمع العراقي اكثر من وضعهما الحالي .

ما هو تفسير  ذلك .....؟؟.

الجواب ....هو انه في حالة رفع سعر صرف الدولار الى ( ١٥٠٠ دينار مقابل دولار واحد ) قد تستفاد الحكومة مالياً من خلال تخفيض ( حجم النفقات العامة ) بحدود ( ٢٠٪؜ ) .

لكن من جانب اخر فانه يوًدي الى حصول ارتفاع في ( المستوى العام للأسعار  ) بنسبة اكبر من ( ٢٠٪؜ )  وبالتالي حصول انخفاض في ( القدرة الشرائية ) للدينار بسبب انخفاض ( القيمة الحقيقية ) له .

ختاماً ...فان حصل هذا الرفع في سعر صرف الدولار  ..... فانه يوًثر بشكل قاتل جداً على معيشة غالبية العراقيين من ذوي الدخول المحدودة و هوًلاًء العائشين في مستوى  حد الكفاف و الفقر  ، الامر الذي يدخل  الدولة و المجتمع نحو المجهول ... لماذا...؟  .

 لان المستوى الحالي لاسعار  ( السلع الاستهلاكية و الغذائية ) في العراق مناسب الى حد ما لكي تستمر تلك الفىًات المجتمعية  في العيش  بمستوى حد الكفاف ، و بعكسه ، سيكون هذا العامل مع  ( العوامل الثمانية اعلاه )  كافياً ليدخل العراق الى الهاوية  و مصير مجهول .

خلاصة الكلام ......على الحكومة ان تفكر اكثر من مرة  قبل ان تقوم برفع سعر صرف الدولار ،  وان لا تكرر اليوم   تجربة التسعينات المريرة من القرن الماضي بسبب  وجود التفاوت الكبير بين عناصر  تلك الفترة و الوقت الحاضر  

 من أهمها ، ان العراق الحالي غير محاصر دولياً كما كان في التسعينات ، و لديه فرص عديدة كي يناور بها ، لحل ازماته .

د. اراس حسين دارتاش