تقرير حكومي “يقتحم” أسرار كهرباء العراق ويفضح ثغرات خطيرة في العقود: نحو 70 مليون دولار دفعت “دون استلام طاقة”
يس عراق: بغداد
اقتحم تقرير لديوان الرقابة المالية، الثغرات التي تتضمنها عقود شراء وتجهيز كهرباء مع دول وشركات مختلفة، فيما اشار التقرير إلى وجود فقرات في العقود تتيح دفع أموال سواء باستلام الطاقة او عدم استلامها.
العراق اشترى كهرباء بـ3 مليار دولار خلال 2019
وبحسب تقرير ديوان الرقابة المالية الذي فتح ملف الاستثمار في الطاقة الكهربائية والصادر بتاريخ 24 أيلول 2020، فإن “كلفة شراء الكهرباء من المحطات الاستثمارية ودول الجوار خلال سنة 2019 بمقدار (3.337) مليار دولار مايعادل (3.945) ترليون دينار ويشمل هذا المبلغ الوقود المستخدم لتشغيل المحطات الاستثمارية”.
دفع مبالغ دون استلام طاقة
وبين التقرير أن “وزارة الكهرباء قامت بإبرام (13) عقد لشراء الطاقة من المستثمرين منها (7) عقود أبرمت بطريقة (Take or Pay) (خُذ-أو-أدفع) لمدة تتراوح بين 15 الى 25 سنة مما تسبب بدفع مبالغ طائلة بدون أستلام أو أنتاج طاقة كهربائية.
وتُلزم هذه الفقرة (Take or Pay) وزارة الكهرباء بدفع الاموال بمقدار (90% من الطاقة التصميمية وليس المنتجة) حتى في حال عدم قدرة الشركة على الانتاج نتيجة ظروف قاهرة أو ايقاف الانتاج بسبب انخفاض ضغط الغاز المجهز او عدم تحمل الشبكة الوطنية أو سقوط أحد خطوط نقل الطاقة ومن أمثلة ذلك محطة بسماية الغازية (شركة ماس القابضة) حيث تم تسديد مبلغ 50 مليون دولار عن الطاقة غير المستلمة، ومحطة الرميلة (شركة شمارا) بمقدار16 مليون دولار (خلال 7 أشهر).
ونصت أغلب العقود على ان تكون مقاييس الشركات الاستثمارية هي الاساس في احتساب الطاقة المنتجة مما يتيح للشركات أمكانية التلاعب في المقاييس.
عقد شركة كار لتجهيز نينوى.. الخضوع لسعر مرتفع بـ6 أضعاف
ويبين التقرير أن “وزارة الكهرباء تحملت فواتير نقل الوقود من المصافي الى المحطات والتي قدمتها شركة كار وتعتبر كلفة الطاقة من هذه الشركة الأعلى سعرا حيث تراوحت بين (193 الى 264) دولار للميكاواط/ساعة بينما يتم شراء الميكاواط/ساعة من باقي المحطات بسعر يتراوح بين (32 الى 47) دولار، ولم تلتزم وزارة الكهرباء بأعادة التفاوض مع الشركة لتخفيض سعر الطاقة خلافاً لقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 22/4/2019 وبلغت اسعار الوقود بمقدار (6) أضعاف سعر شراء الطاقة ولم يتم تحديد كمية الوقود اللازم للتشغيل مما سمح للشركة المجهزة بتحديد الكميات”.
شركة تفانير الايرانية (الخط الايراني)
أبرمت الوزارة عدة عقود منذ سنة 2006 مع الشركة ويكون سعر شراء الطاقة بالاعتماد على السعر الشهري للنفط ضمن سلة أوبك بحيث لايقل السعر عن (55) دولار في حال انخفاض اسعار النفط ولايزيد عن (100) دولار في حال ارتفاع الاسعار وبلغت كلفة الطاقة المستوردة من الشركة للفترة من (2017 الى 2019) بمبلغ (1.441) مليار دولار.
مبلغ شراء الطاقة يكفي لتطوير المحطات ومنع الاستيراد.. والوزارة “ترفض”
وبحسب التقرير فإن الوزارة تجاهلت الدراسة المقدمة من دائرة انتاج الطاقة سنة (2018) التي بينت في حال قيام الوزارة بتوفير مبلغ لشراء معدات وصيانة المحطات الوطنية بقيمة (4.435) مليار دولار وتحويلها للعمل من الدورة البسيطة الى الدورة المركبة فأنها ستقوم بأنتاج طاقة أكبر من الطاقة المستوردة والمشتراة من المحطات الاستثمارية بمقدار (5806) ميكاواط فضلاً عن تقليل صرف الوقود المستخدم في المحطات والحفاظ على البيئة، علماً ان هذا المبلغ يصرف لمرة واحدة فقط في حين يتم صرف مبلغ (3.337) مليار دولار سنويا قابلة للزيادة لصالح المحطات الاستثمارية ودول الجوار مع العلم بلغت تخصيصات الوزارة خلال سنة (2019) مبلغ (13.375) ترليون دينار.
رفض عقد وطني زهيد واختيار أجنبي أغلى بـ7 اضعاف!
واشار التقرير إلى أن الوزارة تجاهلت أيضاً الدراسة المقدمة من قبل احدى دوائرها لتحويل محطات (شط العرب، الرميلة والعمارة) للعمل بالدورة المركبة بتكلفة مقدارها (1.325) مليار دولار خلال (15) سنة وقامت بالتعاقد مع مستثمرين لتلك المحطات لمدة 15 سنة بقيمة (9.826) مليار دولار وبزياد (7) أضعاف عن شرائها بالجهد الوطني.
اهمال محطة الناصرية واختيار شراء الطاقة من محطات أغلى باضعاف
تعاني المحطات الحرارية الوطنية من الاهمال وعدم الصيانة حيث لم يتم صيانة بعضها منذ سنة 2002 مثل محطة الناصرية الحرارية التي تحتاج لمبلغ (200) مليون دولار لتأهيلها حسب رأي الوزارة وتبلغ كلفة انتاج الميكاواط/ساعة من تلك المحطة (15) دولار في حين تراوحت كلفة شرائهُ من المحطات الاستثمارية من (32 الى 264) دولار.
وتحملت وزارة الكهرباء كلف الوقود المصروفة من قبل الشركات وفواتير الطاقة الكهربائية المستخدمة من قبل الشركات ضمن وحداتها الانتاجية، فيما بين التقرير ايضاً انخفاض الطاقة المنتجة من الجهد الوطني خلال السنوات الثلاثة الاخيرة مقابل زيادة شرائها من المستثمرين.
وقد اوصى الديوان باللجوء لتأهيل المحطات الحرارية والجهد الوطني بدلا من التعاقد مع المستثمرين لفترات طويلة كونه يؤدي الى استنزاف موارد الدولة.
للاطلاع على تقرير ديوان الرقابة المالية اضغط هنا