عراقيون يبحثون عن ذويهم بالمستشفيات بعد تفجيري بغداد
تنقّل أفراد عائلات الضحايا مفجوعين في أروقة أحد مستشفيات بغداد من سرير إلى آخر، في محاولة للتعرف على أحبائهم الذين أصيبوا في الاعتداء الذي حصد أكبر عدد من القتلى منذ ثلاث سنوات في العاصمة العراقية.
في مستشفى الشيخ زايد، تجمعت العائلات على بعد أقل من ثلاثة كيلو مترات من ساحة الطيران، حيث فجّر انتحاريان نفسيهما في الصباح، وقد نُقلت ست جثث و13 جريحاً يصارعون الموت، إلى المكان.
انتحاريان
ووقع الاعتداء صباح الخميس في موقع لتجمع عمّال وسوق للملابس المستعملة في ساحة مزدحمة وسط العاصمة، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة.
فجّر الانتحاري الأول نفسه في سوق البالة "بعد أن ادعى أنه مريض، فتجمّع الناس حوله"، بحسب وزارة الداخلية، التي أوضحت أن الانتحاري الثاني فجّر نفسه "بعد تجمع الناس لنقل الضحايا الذين أصيبوا في التفجير الأول".
وأغلب الضحايا الذين سقطوا من الباعة الذي يحاولون كسب لقمة العيش في بلد يمر بأسوأ أزمة اقتصادية، على خلفية انخفاض أسعار النفط والتراجع الحاد في قيمة العملة.
وبحسب وزارة الصحة، توفي في الاعتداء 32 شخصاً، وجُرح 110 آخرون.
صديق "اختفى"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال عباس سامي (25 عاماً)، الذي كان يبحث عن شقيقه، "أخي متزوج وله طفلان، وخرج هذا الصباح ليحضر شيئاً لإطعامهما. ماذا سيحدث لأبنائه الآن؟".
وتسلّم المستشفى ضحايا لم يتم التعرف عليهم بعد بسبب شدة إصابتهم.
وقال مازن السعدي الذي نجا بأعجوبة من الانفجار، إنه كان مع صديقه الذي "ابتعد بضعة أمتار عني. كنا سوية لحظة التفجير. بعد لحظات اختفى، ولم أره". وفي وقت لاحق، عثر على جثته في المستشفى.
خشية من عودة التفجيرات
ومع تحديد الحكومة موعداً لانتخابات مبكرة، يخشى هذا الرجل "عودة التفجيرات". وتحول الخلافات السياسية من دون البت في اقتراح تأجيل أو إلغاء الانتخابات المبكرة.
وقال السعدي، "عادت الصراعات السياسية" التي غرقت فيها البلاد من عام 2006 إلى 2010. "يعود بنا الزمن إلى الوراء".
وظن البغداديون أن زمن التفجيرات التي كان ينفذها إرهابيون في الماضي، وتخللها أحياناً تفجير 15 سيارة مفخخة في يوم واحد، وهجمات أسفرت عن سقوط 300 قتيل، انتهى. فمنذ العام 2017، تاريخ إعلان الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي، حصل نوع من الاستقرار، لكن الخوف والقلق عادا ليخيّما على الجميع اليوم الخميس، ويذكرا بتجارب الماضي.
خرق أمني
وقال أبو زينب الذي توفي شقيقه في مستشفى الشيخ زايد، "كيف تسلل الدواعش إلى قلب بغداد؟ ألم تعلن الحكومة النصر على داعش؟".
ولم تتبن أية جهة بعد الاعتداء، لكن أسلوبه يذكر باعتداءات التنظيم.
واعترف مسؤول استخباراتي رفض الكشف عن اسمه، بحدوث خرق. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، "كنا في حال تأهب لاحتفالات نهاية العام، وتوقعنا هجمات، وفي النهاية لم يحدث شيء. خذلنا حذرنا".
وكغيره من العراقيين، حمّل أبو زينب المسؤولية إلى الفساد الذي ينخر في كل المؤسسات، بما فيها تلك التي يفترض أن تضمن أمن الجميع. وقال، "ما دام الفساد ينخر المؤسسات الأمنية فلن يعود الأمن، وأصبح العراقي حطب نار الصراعات بين السياسيين".
وقال البعض إنهم جالوا على عدد من المستشفيات الأخرى من دون أن يجدوا أحباءهم.
وقال عباس سامي، "لم نرتح طويلاً، وعادت التفجيرات الآن مع تردي الوضع الاقتصادي". وأضاف بحسرة، "بات من المستحيل العيش في هذا البلد".