السعودية قد تستعين بـ"مناطيد" لحماية أجوائها
مع تصاعد وتيرة الاستهداف الذي تتعرض له السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من جهات عدة، غالباً تأتي عبر الحدود الجنوبية، بات البحث عن حلول عملية لتطوير الدفاعات الجوية للبلد الخليجي الكبير أمراً بالغ الأهمية.
فمع دخول الحرب اليمنية عامها السادس، زادت وتيرة الاضطراب الذي يعيشه اليمن المنقسم من حدة المخاطر، التي تحدق بالدول المحيطة به، ولا تتوقف المخاطر التي تخلقها صراعات وأزمات الشرق الأوسط عند هذا الحد، فسياسات إيران التي تنتهك سيادة الدول العربية، كما يصفها مسؤولون دوليون، باتت تستهدف الرياض بشكل مباشر.
فقد اتهمت وزارة الدفاع السعودية طهران بالضلوع في استهداف منشأتي أرامكو في سبتمبر (أيلول) 2019 عن طريق صواريخ جوالة أتت من إيران بشكل مباشر، وأخرى عبر العراق، مؤكدة امتلاكها "أدلة على عدوان إيراني مباشر لا يمكن دحضها"، وهو ما اتفق معها فيه مسؤولون أميركيون.
هذه الحالة التي تضع السعودية، التي تملك استحقاقات اقتصادية وتنموية مهمة أمام واقع يجعل من الاستقرار أولوية قصوى، وتدفع بضرورة البحث عن حلول إضافية لتعزيز القدرات الدفاعية التي تواجه تحدي المساحة الكبيرة للبلاد وتنوعها الجيولوجي، ويبدو أنها وجدته في المناطيد.
13 حارساً من السماء
تداولت تقارير عسكرية خبراً مفاده، بأن الوكالة المكلفة بالإشراف على المبيعات العسكرية الأجنبية في القوات الجوية الأميركية، بدأت بدراسة فرص الحصول على حلول تقنية لأنظمة رادار خاصة بالدفاع الجوي بعيدة المدى، يحلق على ارتفاعات عالية، لصالح عميل أجنبي رجحت مصادرها في بادئ الأمر أن تكون السعودية.
الرادارات المحمولة على المناطيد ذات جدوى اقتصادية أعلى مقارنة بالمنظومات المرتفعة الأخرى (غيتي)
وقال موقع "JANES"، المتخصص في التقارير العسكرية، إن الوكالة تقدمت بدراسة الطلب للمرة الأولى في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2020، متسائلة حول الخيارات المحتملة للرادارات المرتفعة لاستخدامها في القوات المسلحة السعودية.
ووفقاً لتفاصيل الاستفسار، الذي كشف عن هوية العميل الأجنبي، جددت المؤسسة العسكرية في واشنطن منتصف يناير (كانون الثاني) طلبها بشكل جدي، متوقعةً أن يتم تزويد العميل العربي بـ13 نظام رادار مرتفع محمول على منطاد، مع التركيز على قدرة النظام الأساس في حل مشكلة العميل، وقدرات المعدات السيبرانية، إضافة إلى الجوانب الإجرائية كالتكلفة المقدرة وجداول التسليم.
لماذا منطاد؟
تستخدم القوات السعودية في عملية الكشف الراداري أنظمة أرضية، متمثلة في بطاريات بعيدة ومتوسطة المدى، إضافة إلى أنظمة مرتفعة في طائرات كالتي تعمل في نظام الإنذار المبكر "الأواكس".
إلا أن الاتجاه نحو خيارات مختلفة يطرح تساؤلاً حول الجدوى من تغيير المنظومات، وجدوى الخيارات الجديدة في تطوير عمل حراسة الأجواء، وهو ما يجيب عنه تقرير الوكالة البريطانية.
إذ أكد التقرير أن الرياض وبالتعاون مع واشنطن أجرت دراسة حول التغطية الرادارية في السعودية، وحول إمكانية تطويرها لتشمل جميع مساحات الأراضي الشاسعة للدولة الشرق أوسطية، وحول النموذج الأمثل لتحقيق ذلك، وخلصت إلى أن الجمع بين التضاريس والتنوع الجيولوجي في الأراضي السعودية يجعل من غير المجدي اقتصادياً توفير تغطية كاملة ومستمرة باستخدام الرادارات الأرضية. وأضافت، "أنها لا تعمل بفاعلية كاملة ضد الأهداف التي تطير على ارتفاعات منخفضة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت الدراسة في شرح المشكلة المتمثلة في التهديد الذي تشكله الأجسام المنخفضة على الرادارات الأرضية بقولها، "الرادار الذي يرصد من على ارتفاع 100 قدم، لا يمكنه رؤية تهديد يطير على ذات الارتفاع، حتى يدخل في نطاق تغطية أقل من 45 كلم من رصده".
ويشدد التقرير على أن الحالة السعودية تتطلب نظام رادار قادراً على التغطية بزاوية 360 درجة بمدى قادر على رصد الأجسام التي تطير على ارتفاع 100 قدم من ارتفاعها التشغيلي، كصواريخ كروز والطائرات من دون طيار، وطائرات ذات البصمة الرادارية المنخفضة.
ويتمثل الاقتراح المتمثل بالرادارات الجوية بتوزيع 13 منطاداً على مساحات البلاد، تكون لديها القدرة على تغطية الحدود والرصد خارجها، تطير على ارتفاع 5 آلاف قدم تجعلها بعيدة من الاستهداف، وتقدم تغطية 360 درجة لجميع المساحات عن طريق الرصد من الأعلى إلى الأسفل، وهو ما لا يتوافر في الرادارات الأرضية، ما يسهل عملية اكتشاف الأجسام الطائرة أياً يكن ارتفاع تحليقها.
ميزة أخرى يملكها هذا النوع من الرادارات، إذ إن كلفته التشغيلية مقارنة بطائرات الإنذار المبكر أقل بكثير، ما يجعل من إمكانية توفير أعداد كبيرة تغطي كامل مساحة البلاد تعمل على مدار الساعة أمراً مجدياً اقتصادياً.
ولم يتسنى لـ"اندبندنت عربية" الحصول على تعليق رسمي من قبل الرياض حول الخبر، وستنشر أي تفاصيل ترد بهذا الصدد.
ليس الأول من نوعه
إلا أن هذه التجربة ليست الأولى من نوعها في السعودية، إذ سبق أن أعلن معهد الأمير سلطان للأبحاث والتقنية المتقدمة إطلاقه لأول منطاد قام بتطويره يخدم لدى القوات المسلحة في مجال مراقبة الحدود.
وأوضح المعهد أن المنطاد مزود بكاميرات ليلية ونهارية وقادر على التحليق 14 يوماً متواصلة، كما يقاوم سرعة الرياح مع الارتفاع حتى 2000 قدم.
لكن على ما يبدو أن تجربة الرياض تسعى لتوسيع التجربة، باعتماده كوسيلة رصد رئيسة تغطي مساحات البلاد كافة، مع تعدد مصادر التهديد، بحسب التقارير التي تتابع عملية التفاوض.