استصلاح الصحراء أولوية الاستثمار العراقي الراهن
يبدو أن الصحراء أو البادية العراقية، التي تمتد من محافظة الأنبار حتى البصرة بمساحة عشرات الآلاف من الكيلو مترات، ستكون وجهة أساسية خلال الفترة المقبلة لمشاريع الدولة العراقية، خصوصاً المتعلقة بالقطاع الزراعي والصناعات التحويلية بهدف تشغيل أكبر عدد من العاطلين من العمل .
وتأتي هذه التوجهات بعد إقامة سلسلة من المشاريع الزراعية والصناعية المختلفة على جزء محدود من أراضيها الواسعة، مثل زراعة النخيل والقمح والشعير والخضراوات ومشاريع الدواجن وتربية العجول وإنتاج الحليب ومصانع الأسمنت ومعجون الطماطم بكلفة تجاوزت ملياري دولار.
وأدى نجاح هذه المشاريع إلى إصدار وزارة الزراعة العراقية قراراً بتشغيل المتفرغين الزراعيين من المهندسين أو خريجي كليات ومعاهد الزراعة في جزء من الأراضي الصحراوية، لاستثمارها في خلق حقول ومزارع جديدة للمرة الأولى خارج النطاق الزراعي المخصص للمحافظات العراقية.
وقال وزير الزراعة العراقي محمد الخفاجي، إن الوزارة ستمنح تسهيلات كبيرة لهذه الشريحة لتملك هذه الأراضي والعمل فيها من دون قيود تذكر، من خلال تعديل قانون سابق خاص بهذا الشأن يعطي امتيازات مهمة للمهندسين الزراعيين .وأشار إلى منحهم في ضوء التعديلات الجديدة حق التملك من دون بدل، وإتاحة فرصة التعاقد من دون مزايدة علنية والشمول بقانون التقاعد، وإمكانية نقل الملكية للورثة.
دعم الإنتاج المحلي
وترى لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب العراقي، أن القرار سيعمل على تحسين الوضع الزراعي في البلد وسيعمر الصحراء، لكنه بحاجة إلى التنسيق مع وزارة الموارد المائية لإنجاحه بطرق علمية.
يقول عضو لجنة الزراعية والمياه والأهوار النيابية جمال فاخر، إن المشروع سيعمل على دعم المنتج المحلي والثروة الحيوانية لإيقاف الاستيراد، فضلاً عن إنهاء ظاهرة البطالة لدى المهندسين الزراعيين.
يضيف فاخر، إن "هناك قانوناً بهذا الصدد في مجلس الوزراء وعند وصوله للبرلمان سنعمل على إقراره بعد مناقشته في المجلس"، لافتاً إلى أن العراق مقبل على دعم المنتج المحلي، لا سيما المنتج الزراعي والثروة الحيوانية ويخطط للاكتفاء الذاتي وتصدير منتجاته منها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يوضح، أن القانون سيعمل على دعم المهندس الزراعي باعتباره صاحب الخبرة في هذا المجال وعند توفر المياه والأرض والخبرة سنحقق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وسننهض بالقطاع في البلاد، الأمر الذي يسهم بدوره في دعم اقتصاد العراق.
يشير فاخر إلى أن وزارة الموارد المائية هي المنوط بها وضع الخطط الزراعية للمواسم الشتوية والصيفية، ومن الممكن أن توفر المياه لهذه الأراضي عن طريق خزين المياه الجوفية في الصحراء، لافتاً إلى تشكيل لجان متخصصة من الخبراء لوضع الخطوط العريضة للمشروع، وإزالة جميع المعيقات التي تعرقل إنجازه.
وحقق العراق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل، ومنع من استيراد كثير من المنتجات الزراعية لوجود كفاية من الإنتاج المحلي، وتعد هذه الخطوة بعد المطالبات الكثيرة لتشجيع الزراعة في العراق والاتجاه نحو التصدير سواء للمنتجات الزراعية أو حتى نظيرتها الحيوانية والدواجن والبيض والأسماك.
تعديلات مهمة
بدوره يكشف عضو اللجنة الزراعية والمياه والأهوار النائب عبود العيساوي عن أهم التعديلات على قانون المتفرغين الزراعيين المتمثلة في إعطاء حق التملك للأرض لإنشاء مرافق زراعية كالمصانع الزراعية أو حقول الدواجن أو بحيرات الأسماك .
يضيف العيساوي، أن "القانون سيمنح المهندس الزراعي أراضي تقدر مساحتها بـ40 دونماً مع سُلف من المصرف الزراعي لاستغلالها لتكون مصدراً لمعيشته وضماناً للسداد".
مليون دونم جديد
ولعل خطط الوزارة في استثمار الصحراء بالزراعة يتطلب توفر المياه، وهذا يحتاج إلى موافقة وزارة الموارد المائية التي تشير إلى أن خطط الأولى تتمثل في زراعة مليون دونم بالنخيل وبعض المحاصيل من خلال خزين المياه الجوفية.
يشير المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب، إلى إمكانية استثمار المناطق الزراعية عبر حفر الآبار الارتوازية بمساحات محدودة وبطرق ري حديثة. ويضيف أن "طموح وزارة الزراعة استثمار ما يقارب مليون دونم لزراعة النخيل، التي تحتاج إلى كميات كثيرة من المياه"، مبدياً تأييده للمشروع، لا سيما من أجل الاستفادة من المهندسين الزراعيين وتشغيل الأيادي العاملة في القطاع.
ويشدد ذياب على ضرورة اتباع طرق الري الحديث في المشروع، سواء عبر التنقيط أو الري السطحي المنظم بالطرق المتطورة بعد إجراء التعديل والتسوية النظامية لتكون انسيابية المياه بصورة أكثر سهولة .
إمكانات كبيرة
وعلى الرغم من أهمية المشروع للاقتصاد العراقي، فإن تطبيقه على أرض الواقع يحتاج إلى إمكانات كبيرة قد تعجز عن توفيرها الدولة في الوقت الحالي.
ويرى الخبير الزراعي عادل المختار، "صعوبة تطبيق فكرة وزارة الزراعة لحاجة استثمار الصحراء إلى إمكانيات كبيرة وخبرات واسعة وليس مبتدئين، مقترحاً الاستعانة بذوي الخبرات، لا سيما أن هناك مشاكل كثيرة قد لا يستطيع المهندس الزراعي المبتدئ حلها مثل النقل وتوفير الأيادي العاملة وحفر الآبار". ويقترح انتداب مستشارين على مستوى عال يعملون على متابعة المشروع وتذليل مشاكل نظرائهم الجدد لإنجاح المشروع.