اخبار العراق الان

مكاتب اقتصادية وإتاوات.. ميليشيات إيران تبتز العراقيين

مكاتب اقتصادية وإتاوات.. ميليشيات إيران تبتز العراقيين
مكاتب اقتصادية وإتاوات.. ميليشيات إيران تبتز العراقيين

2021-02-10 00:00:00 - المصدر: العربية


لم تقتصر معاناة التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمواطنين العراقيين في مناطق انتشار الميليشيا الموالية لإيران في البلاد على فرض النفوذ فحسب، فهؤلاء وبعدما ظنوا أنهم ارتاحوا من ظلم تنظيم داعش الإرهابي الذي رحل عن المنطقة قبل سنوات، اصطدموا بواقع جديد لا يقل قسوة.

فقد انتشرت خلال الفترة الماضية حالات الابتزاز وفرض الإتاوات داخل بعض المدن المحررة من سيطرة التنظيم والخاضعة لنفوذ الميليشيا الإيرانية، حيث بدأت عمليات جمع الأموال تحت غطاء المساعدة لإعادة إعمار المدن المدمرة، أو غيرها من الحجج، فيما وضعت تلك الميليشيات المدن المحررة تحت سلطة أشخاص متنفذين مقربين منها.

وبحسب مصادر "العربية.نت"، فإن نسبة أرباح تلك الميليشيات لا تقل عن 10% إلى 20% من قيمة أي من المشاريع التي تقدر بمليارات الدنانير العراقية، في تلك المناطق.

إتاوات على المقاولين في الموصل

كما أكدت المعلومات من الموصل، أن الفصائل الموالية لإيران ومنها "عصائب أهل الحق"، و"حزب الله"، و"النجباء"، بدأت فرض إتاوات على المقاولين بحجة حماية المشاريع التي يأخذونها بنظام الإحالة مقابل نسب كبيرة من أموال التمويل.

وفي حال رفض المقاول دفع المطلوب، يوضع مشروعه وقف التنفيذ، حيث تقوم الميليشيات بالضغط على الموظفين المسؤولين لرفض أوراق الاعتماد وعرقلة الأمور.

تجارة قطع الأراضي

أما تجارة الأراضي الرائجة حالياً في المدينة، فتعتمد على تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية عبر تقطيعها وتحويلها إلى قطع سكنية، فمثلا إذا كانت قطعة الأرض الزراعية الكبيرة يساوي سعرها مليار دينار عراقي، تقوم الميليشيات بتقطيعها وتحويلها إلى عقار سكني لتعود وتبيعها بمليارات الدنانير.

وتعد هذه التجارة مربحة جدا لهذه الفصائل ومن يعمل معها من موظفي الدولة.

إلى ذلك، كشف مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه خوفاً من الملاحقة، أن تهريب الحديد المستعمل والآثار، والنفط، والأغنام من وإلى سوريا تعتبر مصدراً آخر لكسب الأموال التي باتت تملي خزائن تلك الميليشيات.

لواء 30 حشد شعبي

في سياق متصل، أشار المصدر إلى أن سيطرة عناصر من لواء 30 في الحشد الشعبي على مداخل مدينة الموصل من عدة جهات بدء بفرض إتاوات على نوعيات محددة من البضائع.

وقد تصل الإتاوات في بعض الأحيان إلى 300 دولار عن كل شاحنة، وهو ما ينعكس في النهاية على سعر السلع على المستهلكين، حيث يلجأ التجار لرفع الأسعار من أجل تعويض ما دفعوه عند الحواجز الأمنية لهذه المليشيات.

من أحياء الموصل (أرشيفية- فرانس برس)

ومع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، أصبحت المدن التي تم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش تعيش في أوضاع مختلفة كلياً، حيث انتشرت الإتاوات بنسب أكبر، ويواجه من يرفض الدفع بعقوبة السجن فوراً لتكون تهم الانتماء للدواعش جاهزة أمامه، ثم تعود الميليشيا وتفرج عنه بحجة تشابه الأسماء.

الأنبار أفضل حالاً!

فيما تبدو الأوضاع في محافظة الأنبار، غرب العراق، أفضل من باقي المناطق المحررة من داعش، سواء كان على المستوى الأمني أو على مستوى عودة النازحين إلى مناطقهم.

فيما لا تزال باقي المناطق تعاني من فوضى انعدام الأمن والخدمات، خصوصا مناطق صلاح الدين الشرقية والغربية ومنها قضاء طوز خورماتو والدور وسامراء وقضاء بيجي النفطي.

وعن هذه النقطة، أفاد عضو البرلمان العراقي السابق جوزيف صليوه لـ"العربية نت"، بأنه وفي وقت علت فيه الأصوات المطالبة بانتخابات نزيهة بعيدة عن فرض الأجندة واستخدام الترهيب والترغيب عبر السلاح المنفلت، أخذت المكاتب الاقتصادية التابعة لميليشيات الدر الأعظم بسحب الأموال وسرقة الناس.

من وسط العاصمة العراقية بغداد - أرشيفية

وقال صليوه إن المصدر الرئيسي للتمويل الذي كانت تعتمد عليه الميليشيات بات ضعيفاً، ما جبرها على البحث عن مصدر آخر عبر فرض الإتاوات على المواطن الفقير البسيط كي تضمن أصواتاً في الانتخابات، وتمثيلا في البرلمان والحكومة، مضيفاً أن إيران مولت جهات كثيرة خلال الفترة الماضية لهذا الغرض.

أنواع "المكاتب الاقتصادية"

من جانبه أوضح الباحث في الشأن العراقي يحيى الكبيسي لـ"العربية.نت"، أن هناك نوعين من المكاتب الاقتصادية في المدن المحررة من داعش، الأول يمثل المليشيات التي تنتشر في هذه المحافظات، فيما يمثل الثاني القوى السياسية المهيمنة على منصب المحافظ، وهناك شراكة صريحة بين الطرفين.

وأضاف أن هذه المكاتب الاقتصادية كما تسميها المليشيات، تحصل على حصتها من المشاريع، التي تمثل المصدر الأول للتمويل عبر شراكتها مع المكاتب الاقتصادية للنوع الثاني المسيطر على منصب المحافظ.

كما تابع أنه وبعد تحول المحافظات التي استعيدت من داعش إلى إقطاعات حقيقية، الأنبار لمحمد الحلبوسي، وصلاح الدين لأحمد الجبوري، ونينوى شراكة بين الحلبوسي والجبوري، أصبح المحافظون مجرد تابعين لهم، وصارت لهؤلاء حصة محددة من موازنة المحافظة ومشاريعها وعقودها، بحسب قوله. لافتاً إلى أنه وفي الوقت نفسه يحصل هؤلاء على حصة أخرى في الأموال المخصصة لإعادة الإعمار الممولة من المانحين الدوليين.

من الانتخابات العراقية

وأشار موضحاً أن هذه الأموال ستكون حاضرة بقوة للتأثير على نتائج الانتخابات، فضلا عن التزوير الذي يحصل عادة.

ماذا عن "اقتصاد المقاومة"

بدوره، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان مهند الجنابي في حديث لـ"العربية نت"، أن الأمور أصبحت واضحة، فميليشيات إيران أنشأت لتنخرط بشكل كلي في مشروع نظام طهران القائم على ما يسمى بـ "اقتصاد المقاومة"، والذي يرتكز على أمرين أساسيين، هما تصدير الإنتاج المحلي الإيراني إلى العراق وسوريا ولبنان والتي تعتبرها إيران "دول المقاومة"، والتجارة غير الشرعية والتهريب عبر هذه الدول أيضاً.

ومن أجل خدمة هذا المشروع، أنشأت الفصائل المسلحة وانتشرت وبدأت تعمل ضمن خطط قائمة على أساس مصادرة موارد الدولة العراقية لتمويل أنشطتها، مستفيدة من تأثير إيران ونفوذها على المؤسسات الرسمية العراقية، وفقاً لقوله.

موالو الحشد الشعبي في تظاهرة لإحياء ذكرى سليماني في بغداد 3 يناير 2021

ولفت الجنابي إلى أن طموح الميليشيات اصطدم بعدة عوامل أهمها تصاعد الضغوطات الشعبية الرافضة لسلوك الفصائل، والعقوبات الأميركية التي طالت عدداً كبيراً منهم، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية في العراق الناتجة عن انخفاض عائدات النفط وجائحة كورونا، تزامن ذلك مع تراجع التمويل الإيراني بسبب العقوبات، مما دفع الفصائل إلى البحث عن بدائل لتمويل أنشطتها، وهو ما عزز من دور المكاتب الاقتصادية التي تمثل أذرعاً رئيسة لديمومة عمل الميليشيات. وكانت النتيجة أن سيطر أتباع إيران على دوائر التسجيل العقاري للتلاعب بالملكية الخاصة للمواطنين والملكية العامة لأراضي الدولة.

كما تصاعد دور نشاط التجارة غير الشرعية في جميع المجالات بينها، تهريب النفط، وتجارة المخدرات، وتجارة الأعضاء البشرية وغيرها.

إلى ذلك، ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية وانكشاف القدرة السياسية لهذه الفصائل، بالتزامن مع تراجع الموارد، أصبحت مسألة امتلاك السطوة الاقتصادية أحد أهم العوامل التي تحفظ لهذه القوى الخارجة عن القانون أسباب بقائها.