اخبار العراق الان

عاجل

"عودة داعش" ترفع عدد قوات الأطلسي في العراق

"عودة داعش" ترفع عدد قوات الأطلسي في العراق

2021-02-21 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية


بعد أيام قليلة على القصف الصاروخي الذي تعرضت له قاعدة حرير الأميركية في أربيل، أعلن حلف الناتو عزمه زيادة عدد قواته في العراق من 500 جندي إلى 4 آلاف جندي، في تطور لافت أثار عديداً من التساؤلات بشأن مهمة تلك القوات بالتزامن مع التوترات الكبيرة التي يعيشها العراق، وتنامي نفوذ الميليشيات المسلحة الموالية لإيران.

وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أعلن في 18 فبراير (شباط)، أن دول الناتو ستزيد عدد القوات في العراق، وقال في مؤتمر صحافي، "قررنا رفع عدد قوات حلف شمال الأطلسي لمهمات التدريب في العراق لدعم قوات البلاد في تصديها للإرهاب". وأضاف،

"الغاية من هذا الوجود تدور حول توسيع أنشطة التدريب، وكذلك نشرها خارج بغداد، والهدف هو منع عودة ظهور تنظيم "داعش" على نطاق واسع".

وشدد الأمين العام للناتو بعد محادثات لوزراء دفاع الحلف على أن "مهمتنا جاءت بناء على طلب الحكومة العراقية"، وتابع، "ذلك يتم مع الاحترام الكامل لسيادة البلاد ووحدة أراضيها".

ويرى مراقبون أن مهمة تلك القوات لن تقتصر على التدريب، بل إن تزامنها مع عدة أحداث في الفترة الأخيرة أبرزها القصف الصاروخي الذي تعرضت له القواعد الأميركية في أربيل، بالإضافة إلى الطلب العراقي من مجلس الأمن بشأن مراقبة الانتخابات، يعني أن المهمة الرئيسة لتلك القوات ستكون تقويض نفوذ الأذرع المسلحة الموالية لإيران.

صراع أوسع مع الميليشيات

وتأتي زيادة القوات تلك كأول قرارات إدارة الرئيس الأميركي بايدن بخصوص العراق، الأمر الذي يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات محتملة بشأن التعاطي الأميركي مع الملف العراقي وتحديداً ما يختص بالنفوذ الإيراني وأذرعه المسلحة.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن أمس، إن إدارته "مستعدة لإعادة الانخراط في المفاوضات" مع مجلس الأمن الدولي بشأن برنامج طهران النووي، مضيفاً، "علينا أن نتعامل مع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط، وسنعمل مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدما".

وأكد الرئيس الأميركي، "لن نسمح لداعش بالتوسع من جديد وتهديد الولايات المتحدة"، مبيناً أن "الشركاء الأوروبيين تصدوا لداعش، والناتو تبنى مهمة التدريب في العراق". وأوضح، "أبعث برسالة واضحة للعالم أن الولايات المتحدة عادت والتحالف عبر الأطلسي سيعود".

يقول الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، إن "استبدال التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في حلف الناتو يأتي ضمن محاولات الإدارة الأميركية الحصول على توافق دولي أوسع، خصوصاً بعد انحسار قوة التنظيم وتنامي القدرات الوطنية، فضلاً عن مطالبات بعض القوى البرلمانية بخروج التحالف الدولي من العراق".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن تزامن هذا القرار بعد القصف الصاروخي الذي تعرضت له القواعد الأميركية في أربيل، يؤشر إلى عدة مهمات ستقوم بها تلك القوات أبرزها يتعلق بـ"حسم الصراع بشأن سنجار بعد فشل المساعي بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم في دفع الحشد والعمال الكردستاني خارج المعادلة، فضلاً عن إدارة صراع أوسع مع الميليشيات والأذرع المسلحة الموالية لإيران".

ويلفت الشريفي إلى أن "المراهنة على أن إدارة بايدن ستكون أقل حدة في التعاطي مع ملف النفوذ الإيراني في العراق كانت خاطئة، وربما يتبنى الأخير خيارات تصعيدية أكبر إزاء طهران".

جغرافيا وجود القوات

وبشأن حدود وجود تلك القوات في العراق، يوضح الشريفي، أن "الناتو لن يحدد الجغرافيا التي توجد فيها قواته"، معبراً عن اعتقاده أن "القوات ستتمركز في إقليم كردستان لتأمين الضمانة لقطاعاتها، لكنها ستبقى جوالة وكل القواعد في العراق ستكون متاحة لها".

ويشير الشريفي إلى أن تلك القوات "ربما ستقود مهمات ضد النفوذ الإيراني في العراق قبل الانتخابات المقبلة، خصوصاً بعد طلب الأخير من مجلس الأمن مراقبة الانتخابات، التي عبّرت الولايات المتحدة عن خشيتها من إمكانية تأثير نفوذ طهران في نزاهتها".

وفي أول رد فعل رسمي عراقي على قرار حلف الناتو، قال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، إن "حلف الناتو يعمل مع العراق وبموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف في تغريدة على "تويتر"، "نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن والاستقرار"، فيما نفى وجود أي اتفاقات حول أعداد المدربين، قائلاً، إنه "لا اتفاق على أعداد المدربين".

ويعتقد الشريفي أن حديث الأعرجي عن دور القوات وتخصيصه للاستشارة "غير منطقي"، مبيناً أنه "لا يمكن تخصيص هذا العدد من القوات العسكرية لأغراض الاستشارة، خصوصاً مع احتمالية تعزيزه إلى نحو 10 آلاف جندي".

ويتابع، "العراق طلب من الناتو زيادة أعداد قواته، وليست مهمته الآن تحديد عدد القوات"، مردفاً، "الناتو هو الذي يقرأ الأسباب والدوافع ومسرح العمليات ويقرر حجم القوات التي يحتاجها".

وبحسب الشريفي، فإن "هناك تسريبات عن تكليف 60 طياراً لطائرات شينوك القيام بمهمات بين العراق والكويت"، وأن عديداً من المحاور تعطي انطباعاً بأن "التصعيد في العراق بات وشيكاً خصوصاً مع تزامن هذا التحرك لحلف الناتو مع طلب وزارة الخارجية العراقية من مجلس الأمن الرقابة على الانتخابات، والحديث الأميركي بضرورة حسم ملف الأذرع الإيرانية قبل الانتخابات، فضلاً عن التسريبات بشأن طائرات الشينوك الأميركية".

ثلاثة أسباب خلف انتشار قوات الناتو

ويتفق الخبراء على أن مهمة القوات لا يمكن أن تقتصر على التدريب، خصوصاً مع الحجم الكبير لها، الذي يعطي انطباعاً أن غاياتها الرئيسة هي القيام بمهمات قتالية.

ويشير المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي، إلى ثلاثة أسباب ربما تقف خلف زيادة أعداد قوات حلف الناتو في العراق يرتبط الأول بـ"التوقعات الكبيرة من أن يشهد العراق توتراً كبيراً أثناء الانتخابات المقبلة، وتحسباً لأي صراعات داخلية تؤدي إلى انهيار الوضع الأمني في البلاد". أما الثاني يتعلق بكون المهمة الرئيسة للناتو هي الحيلولة دون أن يملأ تنظيم "داعش" أي فراغ أمني محتمل، فضلاً عن أن الاستخبارات الغربية تتحدث عن احتمالية عودة أكبر للتنظيم، خصوصاً بعد استمرار الصراع مع الفصائل المسلحة التي أدت إلى إضعاف الدور الأميركي في تأهيل القوات العراقية".

ويلفت الصميدعي إلى السبب الأخير الذي يتعلق بـ"الاتفاق النووي الإيراني"، مبيناً أنه "ربما يمثل مقدمة لعودة القوات الأميركية تحت سقف حلف الناتو كعربون للاتفاق النووي، أو أنه يمثل الخطة (ب) في ما لو فشلت مساعي التوصل إلى العودة للاتفاق النووي".

ضرورة حسم ملف الفصائل قبل الانتخابات العراقية

ولعل حديث واشنطن الأخير في مجلس الأمن عن ضرورة تهيئة بيئة مواتية لإجراء الانتخابات العراقية تشمل مواجهة الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، يوفر مساحة لفهم تلك التحركات العسكرية للناتو، وما إذا كانت ستقتصر على التدريب أم أن مهماتها ستتوسع إلى استهداف الأذرع المسلحة الموالية لإيران.

وكان ريتشارد ميلز، القائم بأعمال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، قال في 16 فبراير، في اجتماع لمجلس الأمن بشأن العراق، إن أحد أبرز العوائق أمام تهيئة بيئة مواتية لإجراء انتخابات سلمية وشاملة وتمتاز بالمصداقية، هو وجود فصائل مسلحة ومتطرفين ومخربين". وأضاف ميلز أمام مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة عضواً فيه، "البيئة المواتية تعني أنه يجب علينا مواجهة الفصائل المسلحة المدعومة من إيران وأنشطتها التي تزعزع استقرار العراق، إضافة إلى ما تبقى من عناصر تابعة لتنظيم داعش".

وتابع، "تضعف هذه الفصائل ثقة الناس بالحكومة وبالانتخابات التي تقام في أكتوبر (تشرين الأول) 2021. إنهم يقتلون المواطنين العراقيين ويحرمون العراق من المساعدات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية التي هو في أمس الحاجة إليها".

مساحة لتدخل تركي أوسع

ويرى مراقبون أن انتشار قوات حلف الناتو في العراق سيوفر مساحة لتركيا العضو في الحلف من الانتشار الأوسع في مناطق العراق الشمالية.

ويعتقد رئيس المركز الجمهوري معتز محي عبد الحميد، أن هذا الانتشار "ربما يوفر نافذة لتسلل القوات التركية، وموافقة ضمنية من قبل الناتو على تلك التدخلات".

ويضيف، "تحركات حلف الناتو تزامنت مع عدة عوامل سبقت القصف الصاروخي الذي تعرضت له قاعدة حرير في أربيل، وترتبط بشكل رئيس بعودة نشاط تنظيم داعش وتقارير الأمم المتحدة التي تناولت احتمالات عودة نشاط التنظيم"، مبيناً أن "تلك المعطيات أثارت قلق حلف الناتو وأدت إلى خيار تعزيز التواجد عسكرياً".

ويشير عبد الحميد، إلى أبعاد أخرى لهذا الانتشار، ترتبط بـ"محاولة إدارة بايدن الضغط على الجانب الإيراني للتوصل إلى اتفاق جديد في ما يتعلق بالملف النووي، الذي تود الإدارة الأميركية ألا يكون بمعزل عن ملف الأذرع الإيرانية في المنطقة".

ويلفت إلى أن "لدى الكاظمي مجالاً واسعاً لإقناع القوى السياسية وحتى طهران بجدوى وجود قوات الناتو في المرحلة الحالية، خصوصاً مع الحديث المتكرر من أن العراق غير قادر لوحده على التصدي لخطر داعش".

ويستبعد عبد الحميد أن يكون حلف الناتو قادراً على الدخول إلى العراق دون موافقات عراقية مسبقة، مؤكداً أن "تلك القرارات الأخيرة كانت حصيلة مباحثات امتدت لأشهر".

ويعارض عديد من القوى الشيعية في البرلمان العراقي، وتحديداً الموالية لإيران وجود قوات أجنبية في البلاد، خصوصاً بعد تصويت البرلمان العراقي على قرار يدعو لانسحاب جميع القوات الأجنبية في البلاد.