"كلوب هاوس" يجمع ناشطين عراقيين بعيدا من الجيوش الإلكترونية
انتقال الناشطين والمدونين العراقيين إلى تطبيق "كلوب هاوس" كان سريعاً، إذ باتت غرف الدردشة الصوتية مزدحمة ومليئة بالنقاشات العراقية حول العديد من القضايا السياسية والاجتماعية في البلاد، إلا أن لـ"انتفاضة" أكتوبر (تشرين الأول) 2019، النصيب الأكبر من تلك الأحاديث، إذ يدأب الناشطون كل يوم على إثارة كل القضايا المتعلقة بمستقبل الحراك الاحتجاجي وسبل تطويره إلى فعل سياسي.
ولعل السؤال الأبرز الذي يثيره التطبيق الجديد، يتعلق بمدى أمانه من سطوة الميليشيات، وتوفيره منصة هادئة بعيداً عن تأثيرات جيوشها الإلكترونية التي تنتشر في منصات التواصل الأخرى.
يجيب حيدر المرواني، وهو ناشط سياسي، بالقول إن "القضية غير متعلقة بالأمان فحسب، إذ لا توجد منصة آمنة من مراقبة الميليشيات المسلحة، لكن كلوب هاوس يوفر مساحة للتخلص من تشويش عناصرها وإمكانية إنشاء غرف للحديث عن القضايا الوطنية ومناقشة الخطوط الحمر بسلاسة أكبر".
ويشير المرواني إلى أن "تعرّف العراقيين على تلك المنصة في هذا التوقيت يمثل فرصة كبيرة، تحديداً بالنسبة إلى ناشطي الانتفاضة، لإثراء النقاشات حول الأحزاب الجديدة ومشاريعها ورؤاها بما يتعلق بمستقبل الاحتجاج أو الدخول إلى المعترك الانتخابي".
تهديد حقيقي
ولا يبدو "كلوب هاوس" مجرد تطبيق بالنسبة إلى النخب الثقافية والناشطين، بل بات منصة هروب من تشويش تلك الجيوش الإلكترونية، التي لطالما أطلقت آلاف الحسابات الوهمية للتأثير على منشورات الناشطين والصحافيين المناهضين للجماعات المسلحة أو المناوئين للنفوذ الإيراني في البلاد.
ويقول الكاتب والصحافي العراقي محمد حبيب، إن "تطبيق كلوب هاوس وغيره من التطبيقات التي لا تعتمد معايير فيسبوك وتويتر، ستكون مصدر تهديد للنشاط الإعلامي للميليشيات".
ويشير إلى عدة عناصر تجعل من هذا التطبيق إشكالية كبيرة أبرزها أن "الميليشيات المرتبطة بإيران تعتمد في الفترة الأخيرة ما يعرف بالـbot أو الردود الآلية".
ويوضح أنه "في تويتر تجد أن الترند العراقي يتعلق بنيجيريا، الأمر الذي يدفع أي متابع من خارج البلاد إلى الاعتقاد بأن المسألة النيجيرية هي الهم رقم واحد في البلاد، كما في قضية الزكزاكي"، مبيناً أن "تلك هي وظيفة هذه الميليشيات التي نجحت في استخدام معايير تويتر وفيسبوك لمنح انطباعات كاذبة ومزيفة عن الاهتمامات العراقية".
ويختم أن "هجرة العراقيين إلى تطبيقات من هذا النوع ستمثل تحدياً كبيراً للنشاط الإلكتروني للجماعات الموالية لإيران، لكنها ربما ستحاول التسلل إلى التجمعات العراقية كما فعلت مع فيسبوك الذي كان يمثل منصة لمناهضي نفوذ طهران"، مردفاً أن هذه المهمة ستكون شبه مستحيلة، خصوصاً مع عدم تقبل معايير تلك المنصات للحسابات الوهمية.
خطورة من نوع آخر
وفي مقابل الهدوء النسبي الذي توفره تلك المنصة للناشطين العراقيين، إلا أنهم تحدثوا عن خطورة أخرى تتعلق بإمكانية اقتطاع جزء من الأحاديث وتسويقها في منصات أخرى على أنها رأي المتحدث، الأمر الذي يوفر مساحة جديدة لتهديد الناشطين وإثارة العديد من الإشكالات الأمنية لهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الإعلامي العراقي زيد الفتلاوي أن "مجرد إثارة السؤال المتعلق بأمان المنصة من التهديدات يعني أن التهديد أصبح حالة شائعة، حيث أن غالبية الناشطين والصحافيين والمدونين دخلوا بشكل أكبر ضمن دائرة التهديد من قبل السلطة وأحزابها وميليشياتها بعد انتفاضة أكتوبر".
ويضيف "لا يمكن الحديث عن تطبيقات آمنة إذ تختلف سبل الاختراق من منصة لأخرى، لكن هذا التطبيق يوفر مساحة لا بأس بها من الأمان الرقمي بكفاءة أعلى من بقية المنصات التقليدية".
يشير إلى أن "الجماعات المسلحة قد تستخدم أساليب أخرى من بينها الاقتراب من مجاميع الناشطين والصحافيين وإنشاء علاقات معهم غايتها استمرار مراقبة نشاطاتهم".
ملفات شائكة
ولعل اللافت في حضور العراقيين في "كلوب هاوس" هو إثارة نقاشات مع باحثين وصحافيين من دول عربية مختلفة حول علاقات العراق الخارجية وتحديداً مع دول الخليج، والتأثير الإيراني على تلك العلاقة، فضلاً عن الاستثمار السعودي وقضايا شائكة أخرى.
ويعتقد الصحافي الاستقصائي معن الجيزاني أن لمنصة "كلوب هاوس" فوائد عديدة، أبرزها توفيرها "مساحة للتعبير بشكل أوسع بالنسبة إلى الصحافيين الذين يراعون سياسة مؤسساتهم في المنصات التقليدية".
ويشير إلى أن "التطبيق الجديد وفر مساحة مهمة جداً ليس فقط على مستوى النخب المثقفة بل من خلال ملاحظة تعطش المجتمع لسماع أفكار وحلول جديدة"، معبراً عن اعتقاده أن استمرار المنصة بشكلها الحالي "سيكون منتجاً ومؤثراً على مستوى الاحتجاج أو الفعل السياسي لتلك الطبقات التي تعمد السلطة ووسائل إعلامها على تغييب أصواتها".
وبشأن إثارة ملفات علاقات العراق الخارجية وتحديداً مع محيطه العربي، يلفت الجيزاني إلى أن التطبيق "وفّر مساحة للناشطين لفهم أفكار وتطلعات مثقفين من دول خليجية مهمة حول العراق، بعيداً عن تأثير الماكينات الإعلامية للميليشيات الإيرانية".
مساحة جديدة للتعبير عن الرأي
في المقابل، يعتقد القاسم العبادي وهو مدوّن وصانع محتوى على "فيسبوك" أن "كلوب هاوس" وفّر مساحة جديدة من التعبير، "بدون إعطاء فرصة لجمهور الميليشيات في استخدام أساليب الاستفزاز".
ويوضح أنه "في ظل أزمة تشويه الرأي العام الحاصلة في المنصات التقليدية من خلال الجيوش الإلكترونية، وفر هذا التطبيق مساحة أكثر هدوءاً بعيداً عن الفوضى السابقة".
ولعل لجمهور الانتفاضة العراقية المساحة الأكبر، حيث يشير العبادي إلى أنه "وفر مساحة لناشطي أكتوبر لبلورة أفكار جديدة وإدارة نقاشات حول مستقبل الجبهات السياسية المنبثقة عن الانتفاضة".