اخبار العراق الان

دراسات كورونا العالمية لا تتماشى مع العراق.. وضع وبائي يعارض "المنطق العلمي"

دراسات كورونا العالمية لا تتماشى مع العراق.. وضع وبائي يعارض
دراسات كورونا العالمية لا تتماشى مع العراق.. وضع وبائي يعارض "المنطق العلمي"

2021-03-06 00:00:00 - المصدر: الترا عراق


لم تتوقف الدراسات العلمية حول العالم، منذ ظهور الضيف "الثقيل"  فيروس كورونا، في محاولات مستمرة لفهم سلوكه ونتائجه والفئات المستهدفة من قبله، وهي معطيات تساعد دول العالم على اتخاذ التدابير التي قد تقلّص نشاط الفيروس في بلدانها، إلا أن العراق يبدو أنه خارج معادلة الدراسات العلمية، ويعطي مؤشرات غير مفهومة.

تسببت السمنة في بعض البلدان بتسجيل معدل وفيات بفيروس كورونا أعلى بـ10 أضعاف مقارنة بنظيراتها

وتطرقت بعض الدراسات المختلفة، إلى جوانب معينة لإعطاء تفسيرات حول تباين نشاط الفيروس بين دولة وأخرى، فيما توصلت إلى نتائج تتعلق بارتباط تزايد نشاط الفيروس من ناحية الإصابات الخطيرة والوفيات، في الدول التي تحتوي على نسب عالية من الأعمار المسنة، فضلًا عن نسب مرتفعة من السمنة والبدانة، في دراستين منفصلتين.

الإصابات والوفيات الأكبر جاءت في "الدول المسنّة"

دراسة حديثة توصلت إلى أن نسبة أكبر من الشباب ومن كبار السن الأصحاء، يمكن أن تقلّل من حجم المعرضين لخطر الإصابة بالأعراض الحادة بسبب كورونا، حيث وجد الباحثون أن متوسط عمر السكان حاسمًا لفهم الاختلافات في سلوك انتقال الفيروس فضلًا عن معدلات العدوى والوفيات.

اقرأ/ي أيضًا: عامٌ على كورونا في العراق.. إغلاقات وفقراء ولقاحات متأخرة

وفي تطبيق عملي للدراسة، وجد الباحثون تسجيل أكبر عدد من الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا في الأمريكيتين، بينما سجلت أفريقيا أقل من 3% من إجمالي الوفيات العالمية، على الرغم من أنها تأوي ما يقرب من 15% من سكان العالم.

الدول "البدينة" الأولى في الوفيات بكورونا

وفي دراسة طبية حديثة أخرى، فإن معظم حالات الوفاة بفيروس كورونا، على مستوى العالم، جاءت في البلدان التي يعيش فيها عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من السمنة.

وتسببت السمنة في بعض البلدان بتسجيل معدل وفيات أعلى بـ10 أضعاف مقارنة بنظيراتها، بحسب الدراسة التي وصفت العلاقة بين السمنة والوفيات بكورونا بأنها علاقة "دراماتيكية"، لكون أن 90% أو 2.2 مليون حالة وفاة من أصل 2.5 مليون وفاة جراء المرض، حتى الآن، تم تسجيلها في بلدان ترتفع فيها مستويات السمنة.

موضع العراق من الخارطة الوبائية

طوال الأشهرالماضية، يتربع العراق على قائمة الدول الأكثر بمعدلات الإصابة والوفيات بفيروس كورونا على صعيد المستوى العربي، ويأتي متقدمًا غالبًا على دول السعودية والمغرب، وبحسب إحصائية صدرت أوائل شهر شباط/فبراير الماضي، فإن العراق تقدم على الدول العربية بشكل مطلق، بعدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا.

وفي محاولة لربط هذا الإرتفاع بمعدلات الإصابة والوفاة في العراق، بالدراستين الحديثتين، تأتي النتائج مخالفة للتوقعات، ولما خلصت إليه الدراسات العلمية من نتائج.

العراق.. بلد "فَتِي" منهك!

يعدُّ العراق إذا ما قورن مع البلدان العربية الأخرى، بلد "فَتِي" لما يحتويه من نسبة قليلة من السكان المسنين.

ووفق تقرير أصدرته وزارة التخطيط مؤخرًا، فإن "فئة الناشطين اقتصاديًا تشمل السكان في سن العمل من (15-64) سنة، وكانت هي النسبة العليا بين الفئات العمرية، إذ بلغت 56.5% من مجموع السكان، تلتها فئة صغار السن حتى 14 عامًا، والتي شكلت 40.4% من مجموع سكان العراق، فيما كانت نسبة سكان كبار السن (65 سنة) فما فوق كانت هي الأقل بين الفئات العمرية، إذ سجلت ما نسبته 3.1% فقط".

وفيما إذا قورنت النسب العمرية في العراق الذي يحتوي على نسب عمرية تفوق الـ65 عامًا بنسبة 3.1% فقط، مع المغرب الذي يبلغ من هم عند 65 عامًا فما فوق بـ 10.9%، فإن العراق يعدُّ "فتيًا" مقارنة بالمغرب، وبالرغم من ذلك، فإن العراق يتقدم على المغرب بنسبة الإصابات والوفيات بكورونا.

المراتب المتأخرة للعراق بمستوى البدانة "لا تشفع له"

وفيما يخص الدراسة الأخرى التي ربطت ارتفاع الوفيات بفيروس كورونا بالدول التي تحتوي عددًا كبيرًا من السكان المصابين بالسمنة، يظهر العراق نتائج مخالفة أيضًا لهذه الدراسة.

تقدم العراق على الدول العربية بشكل مطلق بعدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا

فبحسب إحصائية صدرت أواخر العام 2019، بلغت نسبة البدانة في السعودية على سبيل المثال، 35.4% من السكان، لتكون من بين 6 دول عربية هي الأعلى بنسبة البدانة عربيًا، وبينما جاءت الدول الافريقية في ذيل القائمة، جاء العراق بالمنطقة الرمادية، ولم يكن ضمن المستويات المرتفعة لنسبة البدانة عربيًا.

اقرأ/ي أيضًا: الصحة: نهاية "الكابوس" مرهون بشرطين.. و10 دول تستحوذ على اللقاحات

ومع ذلك، وعلى طريقة علاقة الفئات العمرية بمستوى الإصابات والوفيات بكورونا، جاء العراق مخالفًا لهذه الدراسة أيضًا، حيث ما زال متقدمًا على السعودية وباقي الدول العربية بمستوى الإصابات والوفيات بكورونا، بالرغم من كون أقل بمستويات البدانة من باقي الدول.

مؤثرات "خفيّة" تراكم المسببات

يرى الباحث في بايولوجيا الصناعات الدوائية وهندسة العقاقير زياد طارق، وجود مؤثرات ثانوية تتداخل مع مسببات الوفاة بفيروس كورونا في العراق.

وبينما اعتبر طارق خلال حديث خاص لـ"ألترا عراق"، أنه "في حالات الأوبئة، فإن كل الأرقام تعتبر غير نهائية، وتبقى عبارة عن معطيات تحت الدراسة لمدة أعوام، لحين التوصل إلى استنتاجات نهائية"، إلا أنه "أشر وجود عدة عوامل في العراق، تؤدي إلى جعل الوضع الوبائي فيه مخالفًا للدراسات ولا تعطي النتائج المماثلة في حال تسقيطها عليه".

يشير طارق إلى مشكلة رئيسية في العراق، تتمثل بـ"عدم توفر بيانات كاملة عن المتوفين بفيروس كورونا، ولا نعرف التاريخ المرضي للمصاب، وما إذا كان يعاني من اعتلالات صحية مختلفة أدت إلى تعجيل وفاته بفيروس كورونا، وجعله ضمن الفئات المتوفاة بفعل الفيروس وليس بمصاف المتشافين".

ويضيف أن "الكثير من العراقيين يعانون من الإصابة بداء السكري من النوع الأول دون معرفتهم بذلك، فضلًا عن وجود مشاكل كثيرة بالجهاز التنفسي بفعل الأرگيلة أو التدخين ما يجعل إصابة الرئة بالفيروس حينها، إصابتين بمكان واحد وهو ما يحكم بإفشال عملها تمامًا".

ويبيّن أن "العراق أيضًا فيه نسب كبيرة من إصابات التدرن وهي غير مشخصّة، ولا سيما في محافظات النجف والأنبار"، بالإضافة إلى "احتواء العراق على فئات النازحين، حيث أن من يجلس في المنازل يمتلك نسبة معينة من المناعة، على عكس النازحين المتواجدين في العراء هؤلاء يفقدون نسبة كبيرة من مناعتهم"، وهذه أسباب كافية تسبب تداخلات وتعطي مسببات إضافية للوفيات وترفعها، بما يخالف معطيات الدراسات العلمية.

وحول اعتبار العراق بلد "فَتِي" وقلة نسبة كبار السن، يشير طارق إلى أن "النسبة القليلة لكبار السن في العراق ناتجة بفعل وفاتهم فور وصولهم إلى أعمار كبيرة بفعل ما يعانوه من أمراض ومشاكل صحية، ولا نمتلك دراسات وبيانات كافية حول الأمراض والمشاكل الصحية التي تسبب وفيات لدى الكبار في العراق بشكل ملاحظ".

رأى مختصون أن النازحين المتواجدين في العراء يفقدون نسبة كبيرة من مناعتهم

وخلص طارق إلى أن "لمجمل الأسباب المذكورة، لا تتطابق الدراسات العلمية مع الوضع العراقي، فيما قد تعطي نتائجًا مماثلة وقريبة في حال تسقيطها على الوضع الوبائي للسعودية أو الدول الأخرى لامتلاكها إحصائيات وقاعدة بيانات صحية أفضل من العراق".

اقرأ/ي أيضًا: 

سلالة فيروس كورونا الجديدة تدخل العراق من رئة الأطفال

تشخيص السلالة الجديدة.. هل تبذر وزارة الصحة الوقت والأموال دون فائدة؟