أزمة الدولار وتداعياتها على الدولة والمجتمع العراقي
كتب / احمد البديري …
لقد أفصحت أزمة (رفع الدولار وخفض الدينار) بوضوح عن أزمة أخلاقية لدى الكثير من فئات المجتمع العراقي التي رضخت إلى الذل والطاعة العمياء لانتمائاتها السياسية وتحزباتها ، إلى درجة أن تلك الشرائح الاجتماعية الواسعة والمختلفة الانتماء قوميا ودينيا ومذهبيا والمتضررة من تداعيات ارتفاع سعر الدولار على الأسواق العراقية لم تجرؤ حتى على كتابة منشور استنكار أو أن ترفع صوتها بالرفض لهذا التدمير المقصود للعملة الوطنية (الدينار) وما يترتب عليه من ارتفاع جنوني في أسعار السلع كافة وخصوصا الغذائية والطبية والانشائية… الخ..
ويتبجح بعض أعضاء مجلس النواب الفاسدين بحجج تافهة وقبيحة لتبرير دعمهم ومساندتهم لقرار الحكومة التخريبي بخفض قيمة العملة العراقية لحساب الدولار الأمريكي، فاحداهن تتحدث عن اتصال شركات الصيرفة بها والإشادة برفع سعر صرف الدولار، وما لم تذكره تلك النائبة المتأمرة على الشعب انها تتحدث عن شركات الصيرفة التابعة لها ولكتلتها النيابية والتي بالتأكيد استفادت مئات الملايين من الدولار نتيجة القرار الحكومي الذي لم يكن مفاجأ لها ولشركات صيرفتها بكل تأكيد..
ويتحدث نائب آخر عن أن البنك المركزي سيطعن بالموازنة اذا تم إعادة صرف الدولار الى سعره السابق، ولم يبين لنا هذا النائب (الفلتة) من أين استسقى معلومته السرية هذا؟! وهل البنك المركزي أعلى سلطة من البرلمان العراقي؟ ام ان قصد ذلك النائب أن الكتل الداعمة لرئيس البنك المركزي هي من سيطعن بالموازنة ويسقط البرلمان(المعوق) والدولة (الهشة)؟!
أن المؤامرة التي يتعرض لها الشعب العراقي تستهدف نهب ما تبقى من خيراته ومحاولة اخضاعه من خلال بعض القرارات التي قد تنتج انهيار تام بالمستوى المعاشي للمجتمع العراقي وتدمير لمستوى دخل افراده الهزيل أصلا من خلال موازنة (٢٠٢١) التي تضمنت مواد فقراتها (بيع أصول الدولة المالية) و(خصخصة جميع قطاعات الدولة الإنتاجية والخدمية)، مما يعني استباحة عامة لكل مؤسسات الدولة وجعلها عرضة للقرصنة ونهبها تحت عناوين (الخصخصة والاستثمار) والتي هي في حقيقتها سرقة مؤسسات الدولة العراقية لصالح شركات الصيرفة والمقاولات التابعة إلى اللجان الاقتصادية لكتل الفرهود الكبرى وتقسيمها إلى حصص بينهم ..
أن قرار رفع الدولار وتدمير العملة العراقية (سيء الصيت) هو قرار صبياني جائر وسابقة دستورية خطيرة ، لأنه صدر من حكومة انتقالية غير منتخبة لا تمتلك شرعية اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية ، اما البرلمان فسيكون أمام امتحان كبير لإعلان إما موته، وموت العملية السياسية سريريا أو إثبات مسؤوليته الوطنية ومحاولة جادة لإعادة إرساء الثقة المفقودة بين المؤسسة التشريعية والمجتمع العراقي..
وربما تكون أول خطوات مواجهة تخريب الاقتصاد وتحطيم المستوى المعاشي للمواطن العراقي في البرلمان هي إقالة رئيس ونائب رئيس ومقرر اللجنة المالية سيئي الصيت والمتأمرين الرئيسيين مع الحكومة في مشاريع تدمير الدينار العراقي ونهب مؤسسات الدولة وتجويع الشعب العراقي، وليس وقوفها العلني لارتفاع سعر صرف الدولار، واقتراحها تخصيص (٥٠٠) مليار دينار تعويضات للمقاولين المتعاقدين مع الحكومة عن فرق السعر الا أنموذجا للخيانة والتأمر العلني مع الحكومة والكتل المستكبرة على الشعب الذي سيتضرر الملايين من فئاته كالفقراء والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية ومحدودي الدخل من حماقات واستهتار مجموعة من حيتان الفساد النافذة في الحكومة والبرلمان..