العراق يستأنف العمل لتدشين "سد مكحول"
يبدو أن الحكومة العراقية بدأت بالتحرك لاستئناف أحد أهم المشاريع الاستراتيجية الخاصة بالري، متمثلة في مشروع سد مكحول، الذي يقع شمال محافظة صلاح الدين، بعد توقف العمل به لأكثر من ثلاثة عقود، إثر غزو العراق الكويت عام 1990. وعلى الرغم من مرور 18 عاماً على سقوط نظام صدام حسين العام 2003، فإنه لم تكن هناك جدية من قبل الحكومات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ لإكمال المشروع المخطط له، بهدف توليد الطاقة الكهربائية واستصلاح أراض شاسعة في صلاح الدين وكركوك، إضافة إلى تعزيز المياه في نهر دجلة وقت شحها، فضلاً على أنه سيقلل العبء على سد الموصل الذي يعاني مشكلة في بنيته، مما يتطلب عملية تحشية مستمرة ويصعّب ملء السد بكامل طاقته.
ولعل انخفاض الإيرادات المائية لنهر دجلة إثر إقامة كل من إيران وتركيا عشرات السدود على النهر وروافده، وقلة مياه الأمطار وما قد ينتج من تداعيات سلبية، زادت الحاجة لإنشاء سدود في العراق لاستخدامها وقت الحاجة، لا سيما أنه عازم على التوسع في الأراضي الزراعية لإنتاج مختلف المحاصيل، خصوصاً أنه حقق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة وبعض الخضراوات، وعزمه على زراعة بعض المحاصيل التي تدخل في الصناعات التحويلية.
وعملت وزارة الموارد المائية العراقية العام الماضي على موافقة رئاسة الوزراء لتمويل إكمال مشروعي سد مكحول في صلاح الدين بطاقة 3 مليارات متر مكعب، وسد بادوش بمحافظة نينوى بطاقة 11 مليار متر مكعب، ليكون بديلاً عن سد الموصل في حال تعرضه لانهيار مفاجئ، إلا أن المخصصات المالية كانت عائقاً في تنفيذ المشروع في حينها، على أمل أن يتم وضع مخصصات مالية ضمن موازنات العراق لاستكمال بناء السد المقرر بناؤه خلال ثلاث سنوات.
المباشرة بالعمل خلال أيام
ولعل تحرك الوزارة جاء بعد أن أعطت وزارة التخطيط الضوء الأخضر لاستئناف العمل بسد مكحول، وخصصت مبالغ ضمن موازنة 2021 التي أقرها البرلمان في الأول من أبريل (نيسان) الماضي لوزارة الموارد المائية للشروع بتنفيذه، وأعلنت قرب استئناف العمل به خلال الأيام المقبلة في مدة زمنية تصل إلى ثلاث سنوات، وبسعة تخزين تقدر بـ 3 مليارات متر مكعب.
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية عون ذياب، "تم تخصيص أموال لبناء سد مكحول ضمن موازنة 2021، وننتظر المصادقة عليها لتتم المباشرة بالمشروع خلال الأيام المقبلة، مثل سد لتخزين المياه ولتوليد الطاقة الكهربائية على نهر دجلة جنوب سد بادوش القادم من نهر الزاب الأعلى". ويشير إلى أنه "كان هناك جدل منذ سنوات طويلة يتعلق بسلامة الأسس، إلا أنه ستكون لنا إجراءات لمعالجة التربة الجبسية التي قد تكون تحت الأسس وقبل بناء السد، حتى لا يتكرر ما جرى في سد الموصل".
تحريات للأسس وحجم الأضرار
وأوضح أنه من المخطط أن تكون سعة السد التخزينية 3 مليارات متر مكعب، إلا أن هناك بعض المشكلات يجب أن تُحل قبل المباشرة ببناء السد، تتعلق بالساكنين في حوض البحيرة التي سيقام عليها.
وخصصت الحكومة أموال البناء ووضعت موازنة سنوية، إلا أنه لم يُعرف مقدار تلك الأموال، بحسب ذياب. لافتاً الى أنه ستجري عملية تحريات على الأسس قبل إنشاء السد وحجم الأضرار لإزالتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف ذياب، "تم إنجاز 15 في المئة من أعمال أسس السد، إلا أن دخول العراق للكويت عام 1990 أوقف العمل بالمشروع الذي تمت المباشرة به قبل ذلك التاريخ، مما يتطلب الآن إزالة الأضرار الناجمة عن ترك العمل بالسد خلال هذه المدة الطويلة"، وأشار إلى "أن شركات الوزارة ستتولى عملية إكمال الأعمال الترابية، أما محطة توليد الطاقة الكهربائية والأعمال الأخرى فتحتاج إلى شركات متخصصة".
ويمتد موقع السد وحدود إنشائه من ناحية "الزوية" شمال قضاء بيجي، التابع لمحافظة صلاح الدين، وصولاً الى ناحية أيسر الشرقاط وأجزاء واسعة من نواحي العباسي والزاب الأسفل التابعة لقضاء الحويجة جنوب غربي كركوك.
خدمة للأراضي الزراعية في حوض دجلة
من جهته أوضح رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية حيدر عبدالواحد، أن "إنشاء السد سيخدم جميع الأراضي الواقعة في حوض نهر دجلة ونسبتها تقدر بـ 70 في المئة من مجموع الأراضي الزراعية المستصلحة بالعراق، معتبراً أن إنشاء السد يعتبر خطوة جيدة في زيادة حجم الأراضي المستصلحة، وسيعمل على تقليل خطر الفيضان مستقبلاً". ويضيف، "هذه المرة الأولى منذ عقود سيتم بموجبها إضافة مساحة تخزين للسدود العراقية، حيث إن السد سينشأ على نهر دجلة، وسيخزن كميات الأمطار المتساقطة ويدرأ خطر السيول ويحافظ على المياه المنبعثة من تركيا أوقات الفيضانات". ويشير إلى أن هذا السد سيعمل على زيادة التخزين المائي للعراق لاستخدامه أوقات نقص المياه، وكذلك سيسهم في تقليل عملية الهدر من خلال تخزين الفائض بدل أن يذهب إلى البحر".
ويؤكد أن المحافظات التي ستستفيد من المشروع هي جميع الأراضي الزراعية الواقعة على حوض نهر دجلة، سواء كانت في صلاح الدين أم في بغداد وميسان ووسط والبصرة، لافتاً إلى أنه لا يوجد خزان مائي كبير بعد سد الموصل، والموجود خزانات صغيرة".
ويوجد في العراق أكثر من 20 سداً وخزاناً للمياه بُنيت غالبيتها قبل العام 2003، وهي دوكان ودربندخان والعظيم وحمرين والرمادي والفلوجة والموصل وسامراء والكوت والوند ودهوك والدبس وديالى والشامية والكوفة وحديثة والفلوجة والحبانية والرزازة والثرثار.