اخبار العراق الان

"حرّاس العدالة".. كيف أثرت تشرين بالتضامن العراقي مع فلسطين؟

"حرّاس العدالة".. كيف أثرت تشرين بالتضامن العراقي مع فلسطين؟

2021-05-17 00:00:00 - المصدر: الترا عراق


ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم تكُّ تمرُّ حادثة أو قضية محليًا، عربيًا، أو عالميًا على العراق، دون أن تُحدث انقسامات في الرأي وجبهات متخالفة، تبعًا لمنطلقات نابعة من اختلاف المبادئ أو لأغراض سياسيّة، إلا أن القضية الفلسطينية جاءت استثناء بشكل واضح في العراق بالوقت الحالي، حيث تشهد إجماعًا واضحًا نسبيًا ضد "إسرائيل" من مختلف الأوساط والمشارب العراقية.

يعود تفسير التضامن إلى دخول عنصر جديد إلى معادلة التضامن العراقي مع فلسطين، متمثلًا بتشرين وجمهورها والمبدأ الذي أسسته هذه الحركة الاحتجاجية 

ولم يخفِ متابعون "دهشتهم" من حجم التضامن العراقي مع القضية الفلسطينية هذه المرة والواضح في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الأرض في بلد يسعى لبناء نفسه عبر "عدم الانجرار وراء المشاكل الدولية"، في الوقت الذي كانت القضية الفلسطينية في السنين القليلة الماضية، محصورة بين جهات وشخصيات قليلة من النخب تدافع عنها، وبين جهات تحمل هذه القضيّة لاستثمارها لأسباب سياسيّة واقليمية متمثلة بجماهير الأحزاب والحركات الإسلامية في العراق ولا سيما المقربة من إيران، وفقًا لمراقبين.

اقرأ/ي أيضًا: عن أبطال "الداخل".. أصحاب الكوفيّة بعيون عراقية

حجم التضامن الكبير كمًا ونوعًا، هو نتيجة طبيعية لعدم حدوث تجاذبات أو انقسام الجبهات حول هذه القضية، وبفعل السبب غير المسبوق، حدثت النتيجة غير المسبوقة، متمثلة بامتداد التضامن العراقي مع فلسطين لمساحات واسعة من جبهات الرأي المجتمعي.

تشرين تقلب المعادلة.. المبدأ متقدم على حتمية التنازع

ويبدو أن تفسير ما حدث، مرتبط بشكل وثيق بدخول عنصر جديد إلى معادلة التضامن العراقي مع فلسطين، متمثلًا بتشرين وجمهورها والمبدأ الذي أسسته هذه الحركة الاحتجاجية البارزة وغير المسبوقة، فيما يتفق المحللون السياسييون على أن "تشرين" أسست ورفعت مبادئ عديدة وعميقة تتجاوز ما شهدته الاحتجاجات السابقة، وأصبحت تمثل توجهًا له أسس ومبادئ نابعة من الحاجة العراقية متمثلة بـ"العدالة ورفض الظلم ومعاداة التمييز ولا سيما القائم على أساس ديني ومذهبي وعنصري".

هذه المبادئ، فضلًا عن الضحايا الذين سقطوا في الاحتجاجات، أصبحت تشكل قيمة ثابتة لا تقبل التجزيء في نفوس مناصري تشرين، ويبدو أنها حولت "دماء المناضلين" في كل مكان، إلى ثيمة مقدسة لدى متظاهري ومناصري تشرين، وما شهدوه من أحداث في احتجاجات دامت لنحو عام كامل، جعلت المشاهد والقضايا التي تحدث في الأراضي الفلسطينية تمثل نسخة مقاربة لقضية تشرين، ما جعل جمهور الاحتجاجات في "اختبار أخلاقي" أمام القضية الفلسطينية ونجحوا به بالفعل، بحسب منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.

وتأتي القيمة الأكبر لخطوة التضامن العراقي الواسع من قبل جمهور تشرين، بعدم أخذ هذا الجمهور مسألة "توافق هذه القضيّة مع شعارات ندّهم الصريح (الأحزاب والفصائل المسلحة في العراق)" بنظر الاعتبار، وقيامهم بتقديم مبدأ مساندة القضية الفلسطينية، على الخشيّة من "خدمة شعارات الفصائل" ومبررهم الأول لحمل السلاح المتمثل بـ"المقاومة"، حيث وضع التشرينيون هذه المخاوف جانبًا وانطلقوا تجاه نصرة القضيّة الفلسطينية بقوّة، استجابة لـ"المبدأ الذي أسسته تشرين".

ومن المصاديق على ذلك، لم تتسبب احتجاجات التيار الصدري وتحالف الفتح في ساحة التحرير لنصرة القضية الفلسطينية على خلفية دعوة من زعيم التيار مقتدى الصدر واستجابة وتأييد من تحالف الفتح أيضًا، بفتح ساحة جدال وتجاذب واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي كما تجري العادة، بالرغم من "عدم قناعة" الجماهير العراقية بمصداقية جماهير الفصائل وكون هذه التحركات تجري للاستثمار السياسي، إلا أن معظم جماهير تشرين اختارت السكوت وعدم الخوض بهذا الحدث والتعامل معه بشكل طبيعي، لأن الوضع الحالي لا يسمح إلا بالوقوف بشكل جدي مع القضية الفلسطينية ومناصرتها، بحسب ما يقول أحد ناشطي احتجاجات تشرين سيف الدراجي.

ويضيف الدراجي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "تشرين أسست وغرست أخلاقيات في نفوس أبنائها، وجعلت كل واحد منهم يشعر بأنه مسؤول بشكل أخلاقي من الوقوف ضد جميع أشكال الظلم وفي كل مكان، لا سيما أن ما يحدث في فلسطين انتهاكات قائمة على أساس التمييز الديني، وهو المفهوم الأساسي الذي رفضته تشرين وكان أحد أبرز القضايا التي حاربتها"، مبينًا أن "هذه المسؤولية التي غرستها تشرين في أبنائها جعلتهم يشعرون بأنهم حرّاس العدالة، ومطالبون بإيضاح موقفهم الأخلاقي أمام كل قضية مشابهة".

يقول أحد النشطاء إن ما يحدث في فلسطين من انتهاكات قائمة على أساس التمييز الديني، هو المفهوم الأساسي الذي رفضته احتجاجات تشرين في العراق

وعلى ضوء ما تحدث به الدراجي، يمكن تفسير خطوة الدكتور ضرغام ماجد، الناشط الأبرز في احتجاجات تشرين وساحات محافظة بابل، الذي دعا إلى رحلة موحدة من العراق إلى الأردن ومن ثم إلى فلسطين بمسيرة كبرى من قبل متظاهري تشرين، الأمر الذي لاقى ثناءً من قبل بعض الأطراف، فيما حصد سخرية من البعض، إلا أن حتى الرافضين للخطوة من بعض التشرينيين، اعتبروا أن خطوة الدكتور ضرغام ماجد جديرة بالاحترام وتعكس مدى مصداقية متظاهري تشرين بالوقوف مع قضايا العدالة، أينما كانت.

اقرأ/ي أيضًا: 

عن فلسطين التي لا شأن لنا بها!

الفلسطينيون: البحث عن وطن