تقرير: آثار كورونا تؤدي إلى تفاقُم مخاطِر المخدرات
تعاطى حَوالي 275 مليون شَخصاً المخدِرات في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي، بينما يُعاني أكثر من 36 مليون شخصاً من الاضطرابات الناتِجة عن تعاطي المخدرات، وذلك وفقاً للتقرير العالمي حول المخدِرات 2021 الذي صَدَر اليوم عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وذَكَر التقرير الذي تلقى PUKmedia نسخة منه اليوم الجمعة 25/6/2021، أنه خلال السنوات الأربع والعشرين الأخيرة ازدادت قوة التأثير العقلي للقنّب بمعَدَّل وصل إلى أربعة أضعاف في بعض أنحاء العالم، إلا أن عدد المراهقين الذين يرَون أنه ضار انخفض بنسبة تصل إلى أربعين في المائة، وذلك على الرغم من وجود أدلة تشير إلى أن تعاطي القنب يرتبِط بالكثير من الأضرار الصحية وغيرها، لاسيما بين المستخدمين بشكل منتظم وعلى المدى ا البعيد.
وصَرَّحت غادة والي، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن "قلة الإدراك بمخاطِر تعاطي المخدِرات ترتَبِط بارتفاع معدلات التعاطي، حيث تُبرز نتائج التقرير العالمي للمخدرات لعام 2021 الصادر عن المكتب الحاجة إلى سد الفجوة بين التَصَور والواقع، من أجل توعية الشباب والشابات وحماية الصحة العامة."
وأضافت "إن عنوان اليوم العالمي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها لهذا العام هو "شارك حقائق عن المخدرات. أنقذ الأرواح،" وهو العنوان الذي يؤكد على أهمية تعزيز القاعدة الاستدلالية وزيادة الوعي العام، حتى يتمكن المجتمع الدولي والحكومات والمجتمع المدني والأُسر والشباب والشابات من اتخاذ قرارات مستنيرة وتوجيه جهودهم الرامية إلى الوقاية من تعاطي المخدِرات وعلاجه، والتصدي للتحديات العالمية المتعلقة بالمخدرات على نحو أفضل."
ويُشير التقرير إلى أن نسبة "Δ9-THC" (المرَكّب الكيميائي العضوي رباعي هيدرو كانابينول) - العُنصر الأساسي المؤثِر للقنّب - ارتفعت من حوالي 6% إلى أكثر من 11% في أوروبا بين عامي 2000 و2019، ومن حوالي 4% إلى 16% في الولايات المتحدة بين عامي 1995 و2019، في حين أن نسبة المراهقين الذين يعتبرون القنّب ضاراً انخفضت بنسبة 40% في الولايات المتحدة وبنسبة 25% في أوروبا.
وعلاوة على ذلك، أبلغَت معظم البلدان عن زيادة مُعَدَّل تعاطي القنّب أثناء الجائحة، وأكدت الدراسات الاستقصائية التي أجراها العاملين بقطاع الصحة في 77 بلداً أن تعاطيه قد ازداد بنسبة 42%، كما لوحظ أيضاً ارتفاع في الاستخدام غير الطبي للعقاقير الصيدلانية في ذات الفترة.
تعاطي المخدرات في تزايُد، إلا أن العلاج القائم على أساس علمي أصبح أكثر توافراً
ازداد عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات في الفترة بين 2010 و2019 بنسبة 22%، ويرجع ذلك لأسباب منها النمو السكاني العالمي. استناداً إلى التغيُرات الديمغرافية وحدها، تُشير التوقعات الحالية إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات على الصعيد العالمي بنسبة 11% بحلول عام 2030، كما تشير وبصفة خاصة إلى زيادة ملحوظة قد تصِل إلى نِسبة40% في أفريقيا، بسبب النمو السريع لسكانِها ولصِغَر أعمارِهم.
وطبقاً للتقديرات العالمية الأخيرة، فإن حوالي 5.5% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً قد تعاطوا المخدرات مرة واحدة على الأقل في العام الماضي، بينما يعاني 36.3 مليون شخصاً، أو 13% من إجمالي عدد الأشخاص المتعاطين، من اضطرابات التعاطي.
وعلى الصعيد العالمي، يُقَدَّر عدد متعاطيي المخدرات عن طريق الحَقن بأكثر من 11 مليون شخص، نصفهم يعاني من التهاب الكبد الوبائي (C)، ولا تزال المواد الأفيونية تُشَكِل العبء الأكبر من الأمراض المرتبطة بتعاطي المخدرات.
هذا، وعلى مدى العقدين الماضيين تيسر الحصول على الأفيونيات الصيدلانية الأكثر استخداماً في علاج المصابين باضطرابات استخدام المواد الأفيونية، وهي الميثادون والبوبرينورفين.. كما ازدادت الكميات المتاحة للاستخدام الطبي بستة أضعاف منذ عام 1999، من 557 مليون جرعة إلى 3,317 مليون جرعة يومياً بحلول عام 2019، مما يشير إلى أن العلاج الدوائي القائم على أساس علمي أصبح متاحاً في الوقت الحالي أكثر مما كان عليه الأمر في الماضي.
الشبكة المظلمة
على الرغم من عدم ظهور أسواق المخدرات على شبكة الإنترنت المظلمة إلا خلال العقد الأخير، فإن مبيعات الأسواق الرئيسية من خلالها أصبحت تُقَدَّر حالياً بما لا يقِل عن 315 مليون دولار سنوياً. ووضعاً في الاعتبار أن هذا التقدير لا يُمثل سوى نسبة بسيطة من إجمالي مبيعات المخدرات، فإن هذا الاتجاه تصاعَد بنسبة أربعة أضعاف بين 2011 إلى منتصف عام 2017 ومن منتصف عام 2017 إلى عام 2020.
ويُشار إلى أن الابتكار السريع في التكنولوجيا، إلى جانب قدرة وتكييف أولئك الذين يستخدمون منصات جديدة لبيع المخدرات والمواد الأخرى، من المتوقع أن يؤدي إلى سوق عالمية تتوافر من خلالها جميع أنواع المخدرات بسهولة في كل مكان، ويمكن أن يؤدي ذلك بدوره إلى تغييرات متسارعة في أنماط التعاطي وأن يترتب عليه آثاراً على الصحة العامة كما وَرَدَ في التقرير.
انتعاش وتحول سوق المخدرات
يوضح التقرير الجديد أن أسواق المخدرات استأنفت عملياتها بشكل سريع بعد الانقطاع الأولي في بداية الجائحة، وقد أدى ذلك إلى بعض التطورات في السوق العالمية للاتجار غير المشروع في المخدِرات، كما أسرع من بعض التطورات الأخرى، ومن بينها: زيادة في الشُحنات التي تحمل كميات أكبر من المخدرات، وأيضاً في استخدام الطُرق البرية والمائية في الاتجار، فضلاً عن زيادة استخدام الطائرات الخاصة لذلك الغَرَض، وتصاعُد استخدام الأساليب التي لا تتطلب الاحتكاك الشخصي المباشر لتوصيل المخدرات إلى المستهلكين.
هذا وقد أثبتت أسواق المخدِرات مرونتها من جديد أثناء الجائحة، وقدرة المتاجرين على التكيُّف السريع مع البيئة والظروف المتغيرة.
كما أشار التقرير أيضاً إلى أن تنوع سلاسل توريد الكوكايين إلى أوروبا يؤدي إلى انخفاض الأسعار وارتفاع الجودة، وبالتالي يُهدِد القارة بمزيد من التوسع في سوق الكوكايين. ومن المرجَح أن يؤدي ذلك إلى اتساع نِطاق الضرر المحتَمل في المنطقة.
وانخفض عدد المؤثرات العقلية الجديدة التي ظهرت في السوق العالمية من 163 في عام 2013 إلى 71 في عام 2019، مما يعكِس الاتجاهات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا. وتُشير النتائج إلى أن نُظُم الرِقابة الوطنية والدولية نجحت في الحد من انتشار المؤثرات العقلية الجديدة في البلدان ذات الدخل المرتفع، وهي الدول التي ظهرَت فيها المؤثرات العقلية الجديدة لأول مرة منذ عقد مضى.
مخاطر المخدرات والتطورات الجديدة التي دَفَعَت إليها الجائحة
أدت جائحة كوفيد-19 إلى ابتكار في الخدمات المقدَمة للوقاية والعلاج من المخدرات. وقد قامت الكثير من الدول بتوظيف الخدمات الطبية عن بُعد وتوسيع نطاقِها بسبب الجائحة، مما يعني أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يمكنُهُم الآن تقديم المشورة أو التقييمات الأولية لمتعاطي المخدرات عبر الهاتف، واستخدام النُظُم الإلكترونية لتقديم الوصفات الطبية الخاضِعة للرقابة.
لا يزال أثر جائحة كوفيد-19 على التحديات المتعلِقة بالمخدرات غير مفهوم بشكل كامل حتى الآن، إلا أن التحليلات تُشير إلى أن الجائحة قد جَلَبت صعوبات اقتصادية مُتزايدة من شأنِها أن تجعل الزراعة غير المشروعة للمخدِرات أكثَر جاذبية للمجتمعات الريفية الهشَّة، كما تجدُر الإشارة إلى أن التأثير الاجتماعي للجائحة تضمن زيادة الفقر وعدم المساواة واضطرابات الصحة العقلية، وخاصة بين الفئات المستضعفة، وبالتالي فإنه قد يدفع المزيد من الناس إلى تعاطي المخدِرات.
PUKmedia اعلام يونامي