العشائر العراقية .. سلاحها وتدخلاتها في القرار السياسي مابين القبول والرفض
"الطوب أحسن لو مكواري"، اهزوجة اشتهرت بها العشائر العربية العراقية والتي أطلقتها أثناء ثورة العشرين، والتي بدأت بوادرها في أيار 1920 من القرن الماضي ببغداد ، وانطلقت في الثلاثين من شهر حزيران، وقد شارك فيها جميع أبناء الشعب العراقي في كل انحاء البلاد لانهاء الاحتلال الانجليزي عن طريق توجيه سلاحها المحتل.
العشار العربية في العراق كان لها الدور البارز في صناعة القرار السياسي على مدى عقود من الزمن تأثرت خلالها بمن تولى سلطة الحكم في البلاد بدءً من الملكية العراقية، مرورا بحزب البعث المباد والطاغية صدام وانتهاءً بعمليات تحرير العراق ما بعد 2003 وتعاقب الحكومات منذ ذلك الحين والى وقتنا الراهن.
اختلفت آراء المحللين السياسيين والمراقبين والقانونيين حول ايجابيات العشائر ودورها في حفظ الامن في البلاد، كذلك دور السلاح الذي تحملها تلك العشائر ومدى قانونية وشرعية هذا السلاح، اذ تم وصفه بالمنفلت وغير الشرعي، فيما وصفه اخرون بتحقيق مآرب سياسية واجندات لصالح جهات معينة.
العشائر جزء من الفوضى وغياب القانون
يقول المحلل السياسي علي البيدر ان العشائر في العراق لا تمتلك قوة مطلقة وفي تفس الوقت هي ليست ضعيفة، واصفا سلاحها بالجزء من السلاح المنفلت وجزء من الفوضى.
ويضيف البيدر خلال حديث خاص لـ PUKmedia، ان سلاح العشائر جزء من السلاح المنفلت وهي جزء من الفوضى وكذلك جزء من غياب القانون كونها تطبق اعراف بحتة في الكثير من المسائل والامور وبات اشبه بالتقليد الذي يلازم مؤسسات الدولة ايضا في الجوانب الامنية والقضائية والقانونية.
واشار المحلل السياسي الى ان العشائر تعتبر من يأخذ حقه بيده هو الذي يعتبر الاكثر شجاعة وحضورا والذي يمتلك عزوة وامكانية عشائرية وقتالية لمواجهة الاخر او حتى الاعتداء عليه وفرض ارادات عشائرية معينة، مبينا لذلك نجد انها من الجهات التي لا ترغب بفرض القانون وتتماشى مع الفوضى الخلاقة التي يعيشها العراقيون اليوم.
شرعنة ميليشياوية شبيهة لاعراف داعش !
وأكد البيدر، ان العشائر لا تمتلك قوة مطلقة وليست بهذا الضعف المتوقع في الوقت ذاته، وتبقى في الحالة الوسطية، مبينا اذا منحنا العشيرة صلاحية امنية معينة، على سبيل المثال انيطت بشيخ معين حماية منطقة او طريق او مؤسسة معينة، فسوف يدار بطريقة عرفية وهي تؤسس لشرعنة ميليشياوية بطريقة غير مباشرة.
وبيّن، من الممكن الضغط على شيوخ العشائر او تحييدهم او جعلهم قريبين من الدولة عبر منحهم امتيازات معينة، او اللجوء اليهم في حالات محددة من الممكن ان يقفوا الى جانب القانون وهذه نقطة مفصلية يجب التركيز عليها، موضحا ان اي اقتراب من العشائر او منحهم اية امتيازات يجب ان يكون الى صف القانون لا الى صف الفوضى او فرض الاعراف التي هي بالاساس شبيهة لاعراف داعش.
واعتبر البيدر وصفه هذا بالقاسي والحاد، مشيرا الى انه هو واقع حال، اي شئ خارج القانون سواء داعش او الميليشيات او العشائر فاننا سنؤسس حالة من الفوضى ربما لا نستطيع معالجتها في المراحل القريبة المقبلة.
وحول وجود لجنة نيابية للعشائر، قال البيدر: "مع احتراماتي للعشائر وانا ابن عشيرة ماذا قدمت للحياة في العراق، هذا الاهتمام الزائد للعشائر في العراق، لم تفعل شيئا بل قوضت الدور الاصلاحي والمدني بشكل مطلق في العراق.
اقليم كوردستان تمرّد على العشائرية
يكمل البيدر حديثه، هنالك عشائر كانت ترفض ان تأتي اليها مدرسة او بدالة هاتف او مركز صحي او مركز شرطة، اذا هي تسعى الى ان جعل المجتمع الى عمق الكهف كي تفرض سيطرتها وهيمنتها.
المجتمعات المتمردة على العشائرية اي كانت، مثل اقليم كوردستان، اصبح للطبيب والمهندس والصحفي والكاتب والمخرج والممثل قيمة، سابقا كان المجتمع العراقي لا يخطو خطوة الا بالرجوع الى شيخ العشيرة وهو لربما لا يجيد القراءة والكتابة في الكثير من الاحيان.
ويتابع، ان تواجد العشائرية في العراق هو واقع حال، اي شخص دخل مع ميليشا او مجموعة مسلحة اصلا تمرد من العشيرة وضربها عرض الحائط لن تنفع معه التوجهات العشائرية عندما يتم اصدار عرف عشائري، كان يكون منع اطلاق العيارات النارية في الاعراس والمناسبات الخاصة بهم، ممكن ان تحد الى درجة قليلة.
الانفلات الامني سببه اغلب العشائر
الخبير القانوني والمؤرخ طارق حرب يرى ان بعض العشائر، بل اغلبها، هي تسبب الانفلات الامني من خلال قطع الطرق والنزاعات لاتفه الاسباب بالاضافة الى النزاعات المالية مع شركات النفط ومع الجهات الحكومية.
واضاف حرب خلال حديث خاص لـ PUKmedia، ان قطع الطرق في شمال البصرة واحدة من ظواهر الانفلات الامني، وانها تستخدم اسلحة كثيرة، مؤكدا ان سلبيات الدور العشائري في العراق اكثر من ايجابياتها.
واردف: نعم توجد عشائر على قدر عال من الوطنية والشرعية والدينية والاخلاق ولكنها قليلة في خضم العشائر غير المنضبطة، والتي تضيق على المؤسسات الامنية والاقتصدية ولها دور في تهريب المخدرات، شيوخ عائر ايجابية يجب ان لا ننساهم لكن ضاعوا في خضم هذه الفوضى التي رتبتها بعض العشائر.
ما هو الدور الايجابي للعشائر؟
يبين االخبير القانوني طارق حرب، ان الدور الايجابي للعشائر يكمن في انهاء بعض الخلافات بالتالي هي احسن دون تطور الامور الى حد الاقتتال وانها لا تشجع على ارتكاب الجرائم وتنبذ امتلاك الاسلحة وتساعد الاجهزة الامنية في تحقيق واجباتها، هذه الوجوه الايجابية ولكنها لدى القلة، على حد وصفه.
ويلفت حرب الى انه تم تسييس العشائر بعد 2003 وترى ان بعض رؤساء العشائر اصبحوا يتواجدون في مجلس النواب وهذا دليل على تسييس العشائر، وان اللجنة العشائرية في مجلس النواب لا تستطيع تقديم شئ للمجتمع او للعشائر، فعلى سبيل المثال لم تستطع من جمع السلاح المنفلت بين العشائر، وايقاف الاقتتال بالسلاح، وامكانياتها محدودة ومقيدة.
عشائر تتحكم بمقدرات الدولة
يشير طارق حرب الى ان العشائر في بعض المحافظات تتحكم بتصدير النفط ولها انابيب ولها مناطق عبور وتعمل في تهريب النفط، لا يمكن ان نقول الدولة مسيطرة سيطرة تامة وعلى اسلحتها.
ويضيف: قبل 2003 كانت العشائر بيد الدولة، وكان يتم البطش بكل عشيرة تقدم على شي ما، منوها الى انه في الوقت الحالي المسألة مختلفة كون سلطة الدولة محدودة،
ورجح حرب امكانية القضاء على العشائرية بجانبها السلبي وسلاحها المنفلت اذا اتجهت النية بشكل صحيح الى ذلك من قبل الحكومة العراقية بأن لا يتسنم ابناء العشيرة مراكز مهمة في الدولة كمحافظين وقادة عسكريين، مؤكدا ان هذه العملية بحاجة الى وقت طويل جدا.
فصل العشائر الاصيلة عن المصنعة من قبل الاحزاب
يرى المراقب والمحلل السياسي الدكتور أحمد الشريفي، انه لا بد ان يتم التمييز بين العشائر الاصيلة عن المصنعة من قبل الاطراف السياسية.
ويقول الشريفي خلال حديث خاص لـ PUKmedia، اول الامر لا بد ان نميز هل هي العشائر الاصيلة ام تلك التي صنعتها الاحزاب، لان الاخيرة اخترقت المنتظم الاجتماعي وخلقت قيادات وقادة رأي وشيوخ عشائر كصنيعة سياسية وليس نتاجا للظاهرة الاجتماعية تركيبتها.
واضاف: من صنعتهم السياسية هؤلاء يشكلون خطرا وتهديد للسلم الامني لانهم مؤدلجين وفي كثير من الاحيان يختلقون ازمات لاغراض سياسية وابعاد سياسية وان معضم الازمات السياسية في البلاد هي مفتعلة الغاية منها التخادم مع مشاريع سياسية.
بعض العشائر تعتبر صمامات امان
واشار الشريفي الى انه بالنسبة لشيوخ العشار الاصلاء فهم بالحقيقية صمامات امان ومورد اطمئنان يعالجون المشاكل بما يمتلكوه من حكمة ومن تراكم تجربة وتأثير جماهيري حقيقي فهؤلاء ظاهرة ايجابية في حين العشائر المسيسة ظاهرة سلبية وسلبية جدا.
وتابع، ان العشائر المسيسة هي وراثة جاءت من النظام السابق وكان النظام المباد يستغلهم في تشكيل فصائل مسلحة لضمان التعبئة الشعبية لان معضمهم يهاجمون حزب البعث الفاشي في الوقت ذاته يستعيرون بتجارب هذا الحزب المحظور.
العشائر مصدر قلق في البلاد
وأكد الخبير والمراقب السياسي، ان العشائر اصبحت مصدر قلق للبلاد كون الاحزاب عبثت بهذه القضية واقامت علاقة مع قادة الرأي بالمجتمع وهم يدركون ان بعض مجتمعاتنا عشائرية ويدركون ان القيادات التي هي مناج تراكم ثقافي ترفض تفاعلهم فلجأوا الى صناعة زعيم قبيلة مسيس والذي يتبع الاحزاب ولذلك حصل عندنا هذا الخرق في المنتظم الاجتماعي.
وحول سلاح العشائر وموقفها القانوني، يؤكد الشريفي، ان هذا السلاح من حيث التقييم هو سلاح منفلت وخطير في الوقت نفسه ويهدد السلم الاهلي، وان من المفارقات الغريبة ان اخدى الدوافع التي دفعت الحكومة والدولة العراقية في بداية تشكيلها الى تأسيس الجيش العراقي كان ردع العشائر والمضي باتجاه دور تفعيل المجتمع المدني والدولة ومؤسساتها والقانون واصطدم بالعشائر في تلك الفترة وتمكن من جعلها من ضمن سقف الدولة وتحت القانون.
وشدد الى اننا اليوم بحاجة الى هكذا فعاليات وارادات حرة وجعل البلاد وقانونه هي العشيرة الحقيقية، العشائر المنضوية تحت الاحزاب لا تؤمن بالمؤسسات وترى ان وجودها يصب في اضعاف المؤسساتية في البلاد.
سلاح العشائر... سلاح خارج اطار الدولة
اعتبر الدكتور احمد الشريفي، ان اي سلاح خارج اطار الدولة هو سلاح يشكل مصدر قلق، مبينا انه اذا بحثنا عن الاطمئنان فانه لا يتحقق الا بالمؤسسات، جيش ومؤسسات ضامنة كونها تحمل سلاحا منضبطا يحكمها القوانين واللوائح، سلاح مقيد بقرار الدولة، لا مرتبط بقرار شيخ عشيرة، على حد تعبيره.
ولفت الى،، ان تشكيل لجنة للعشائر تحت قبة البرلمان جاء في محاولة للاقتراب من الجماهير اي بالتحدث مع قادة الرأي وبما انه قادة ابرزهم شيوخ عشائر فتم اتخاذهم حلقة وصل بين المجتمع وبين السلطات التنفيذية والتشريعية، معبرا الامر بالتصرف الخاطئ كون يعزز من دور العشيرة على حساب دور المؤسسة.
واختتم الشيفي حديثه، ان بعض شيوخ العشار طالبت بتقنين دور العشائر لتأثيرها على دور الشيوخ الاصلاء وان ان لا يسيسوا ويتركوا كظاهرة اجتماعية وان لا يتم استدراجهم الى الوسط السياسي.
دور ضعيف للعشائر في صنع العراق الحديث
يقول الشيخ مزاحم الحويت المتحدث بأسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها، ان دور العشائر وخصوصا السنة، بات ضعيفا في صنع العراق الجديد.
ويضيف الحويت في حديث خاص لـ PUKmedia، ان دور العشائر العربية في صنع العراق الجديد، ضعيف بسبب الكتل السياسية وخصوصا السنة منهم كون القيادات السنية اضعفت دور عشائرها بحجة بناء العراق الجديد، وخصوصا عندما نسمع تصريحاتهم المطالبة بحصة رئاسة الجمهورية التي اثرت كثيرا عليها في الوقت الذي ترفض فيه العشائر الاصيلة هذه التصريحات والمطالبات، على حد تعبيره.
وبيّن الحويت، ان العشائر العربية تنظر وتتابع الموضوع ولم تشارك به، مشيرا الى انه تم تسييس العشائر وشيوخهم واصبح جزء كبير منهم وبنسبة 90% موالين لاجندات خارجية القليل منها لم تتبع تلك الاجندات، مؤكدا تفرق وتشتت وخصوصا بعد العام 2003، اذ قبلها كانت "كل الاحزاب" موالية لحزب البعث المنحل.
العشائر كانت موحدة خلال فترة رئاسة فقيد الامة الرئيس مام جلال
أكد الشيخ مزاحم الحويت، انه خلال فترة حكم الرئيس الراحل مام جلال كانت العشائر موحدة لان مام جلال كان ينصح بالابتعاد عن الاحزاب والجهات السياسية ويوجههم بالوقوف الى جانب الشعب والعراق،لافتا الى ان الامور تبدلت بعد دخول داعش كل عشيرة اصبحت تنتمي الى حزب او جهة معينة، مؤكدا ان العشائر لن تعود الى سابق عهدها في حفظ الامن كونها تشتت واصبحت تتبع المناطقية ومستقبلا ستتفرق بشكل اكبر.
وتابع الحويت، انه ضد السلاح المنفلت بيد العشائر وانه حذر ولمرات من تسليح العشائر لان اغلبهم كان ضمن تنظيم داعش الارهابي وبعد عمليات التحرير اغلبهم دخلوا الى هذه الحشود للاختباء ضمن عشائر عدة.
العشائر تحل المشاكل خارج نطاق المحاكم
تختلف وجهة نظر الخبير القانوني علي التميمي حول العشائرية في البلاد، اذ يشير الى ان اغلب المسائل باتت تحل خارج نطاق المحاكم.
ويقول الخبير القانوني علي التميمي خلال تصريح خاص لـ PUKmedia، انه بالتأكيد العراق هو عبارة عن مكونات عشائرية مختلفة ونعلم جميعا ان القبلية والعشائرية هي موجودة في العراق ولا يمكن تجاوزها لهذا نجد الكثير من المشاكل باتت لا تحل في المحاكم وانما تحل عشائريا.
واضاف التميمي: ان مسألة السلاح ووجوده بشكل كبير ومنفلت اتى بعد العام 2003 عندما كان هنالك تحول في المفاهيم، لافتا الى انه اقترح ان يتم شراء هذه السلحة من قبل الدولة نتيجة تردي الوضع الاقتصادي، معربا عن اعتقاده بنجاح هذه الخطوة وبشكل كبير.
وتابع التميمي، لا يمكن الاستغناء عن دور العشائر في حل الاشكالات في العراق، مشيرا لهذا يحتاج الموضوع الى دعم العشائر، مبينا في الوقت ذاته، انه قدم اقتراحا هو تخصيص حصة من النفط لكل مواطن عبر قانون يشرع اتحادي يشمل كل المناطق من ضمنها اقليم كوردستان، سيسعف البلد ويحل الجريمة والمخدرات وجرائم الاسلحة، مردفا ان قانون الاسلحة الذي تم تشريعه زاد من ازمة ولم يخدم البلد واجاز بيع السلحة في الشوراع وهو يخالف القيم العشائرية.
PUKmedia هاميار علي